طفرات الوباء تقلل تفاؤل العلماء باللقاحات

التحورات التي تطرأ على فايروس كورونا وتهدد بالانتشار في جميع أنحاء العالم من المحتمل أن تؤدي إلى إعطاء مقاومة جزئية ضد اللقاحات وعلاجات الأجسام المضادة.
الثلاثاء 2021/02/02
أحلام كبيرة تحولت إلى مخاوف

موسكو- قد يكون العالم أوشك على الحصول على لقاحين جديدين آخرين لمكافحة تفشي جائحة كورونا، إلا أن السلالات الجديدة للفايروس، والتي بدأت تظهر في أنحاء العالم، أجبرت الشركات المصنعة للقاحات على تطوير معززات جديدة لمرض ثبت أنه يتغير باستمرار، ومن الممكن أن يظل نشيطا لسنوات.

ويتم حاليا بالفعل استخدام اللقاحات التي تصنعها شركة “موديرنا”، والشركتان “فايزر” و”بايونتيك”. وفي الوقت نفسه، تظهر الدراسات الجديدة أن هناك لقاحين آخرين من تصنيع شركتي “جونسون آند جونسون” و”نوفافاكس”، بصدد تسديد لكمات قوية للفايروس، ما قد يمهد الطريق أمام حصولهما سريعا على تصاريح بالاستخدام، بحسب ما ذكرته وكالة بلومبيرغ للأنباء.

والآن تأتي الأخبار السيئة، وهي أن التحورات التي تطرأ على الفايروس، والتي من المحتمل أن تؤدي إلى إعطاء مقاومة جزئية ضد اللقاحات وعلاجات الأجسام المضادة، منتشرة حاليا في كل من جنوب أفريقيا والبرازيل، وتهدد بالانتشار في جميع أنحاء العالم.

وقد تبين أثناء تجارب جرت في مرحلة متأخرة، أن اللقاح الخاص بشركة “جونسون آند جونسون”، فعال بنسبة 72 في المئة بالولايات المتحدة، إلا أن تلك النسبة تراجعت إلى نحو 57 في المئة ضمن الدراسات التي أجريت بجنوب أفريقيا. أما اللقاح الذي تنتجه شركة “نوفافاكس”، والذي أثبت فعاليته بنسبة 89 في المئة بالمملكة المتحدة، كان فعالا بنسبة 49 في المئة فقط بجنوب أفريقيا.

من المحتمل أن تكون اللقاحات أقل فعالية ضد السلالة الجديدة الموجودة في جنوب أفريقيا
من المحتمل أن تكون اللقاحات أقل فعالية ضد السلالة الجديدة الموجودة في جنوب أفريقيا

وحتى قبل التوصل إلى هذه النتائج، أظهرت الاختبارات المعملية التي أجريت على اللقاحات الأخرى، أنه من المحتمل أن تكون اللقاحات أقل فعالية ضد السلالة الجديدة الموجودة في جنوب أفريقيا. إلا أن ما يعنيه ذلك من حيث المرض في العالم الحقيقي، غير واضح. وتقدم النتائج الجديدة إشارة واضحة إلى أن اللقاحات لن تعمل على نحو جيد مع واحدة على الأقل من التحورات الناشئة.

وتُعتبر الخطوة الأولى للتغلب على ذلك هي معرفة متى تكون السلالات الجديدة موجودة. وتقول روشيل والينسكي، المديرة في مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، إن الولايات المتحدة تطلب الآن من كل ولاية إرسال ما لا يقل عن 750 عينة أسبوعيا، ليتم تسلسلها لتحديد التحورات التي قد تكون بصدد الانتشار.

وحذرت والينسكي من أن النظام الأميركي الحالي للكشف عن التحورات المختلفة للفايروس، بطيء جدا بالنسبة إلى التدخلات التي تقوم بها سلطات الصحة العامة من أجل احتواء تفشيها، بحسب ما نقلته بلومبيرغ.

من ناحية أخرى، قال بيتر ماركس، وهو مدير “مركز تقييم وأبحاث البيولوجيا” التابع لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، إن الوكالة تسعى إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطةٍ مع قطاع صناعة اللقاحات من أجل معالجة التحورات الفايروسية.

وقال إنه في حال رأت الوكالة أن الفايروس قد تحور بما يكفي لاحتياج تسلسل مختلف، فإن الأمر سوف يتطلب إجراء تجارب صغيرة للتأكد من أن اللقاحات تسفر عن إنتاج استجابة مناعية.

وقد يستلزم الأمر أن تمر الدراسات القليلة الأولية على لجنة استشارية، بحسب ماركس، إلا أن الوكالة تسعى إلى تبسيط العملية بقدر الإمكان، وقد تتطلب قدرا أقل من البيانات بمرور الوقت.

وذكر ماركس في ندوة عبر الإنترنت للجمعية الطبية الأميركية “نعتزم أن نكون أذكياء جدا في ما يخص هذا الأمر… لذلك فإننا نقوم بتغطية تلك السلالات بأسرع وقت ممكن، لأنه من الواضح أنها من الممكن أن تنتشر بسرعة كبيرة”.

وقد قالت كل من شركتي “فايزر” و”موديرنا”، وهما الشركتان المصنعتان للقاحين الوحيدين المعتمدين للاستخدام في حالات الطوارئ بالولايات المتحدة، إن الجرعات الحالية التي قامتا بإنتاجها، يجب أن تنتج أجساما مضادة كافية ضد التحور الفايروسي الموجود في جنوب أفريقيا لجعل لقاحاتهما فعالة.

وذكرت وكالة بلومبيرغ أنه من المحتمل أن يكون اللقاح الذي تنتجه شركة “جونسون آند جونسون” هو التالي الذي يُصرح باستخدامه في الولايات المتحدة. وتخطط الشركة العملاقة في إنتاج الأدوية إلى تقديم ملف إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية، الأسبوع المقبل، للحصول على تصريح باستخدام اللقاح في حالات الطوارئ. وقال كبير العلماء في الشركة مؤخرا، إنه يتوقع الحصول على تصريح في شهر مارس المقبل.

السلالات الجديدة  لكوفيد – 19 تجبر الشركات المصنعة للقاحات على تطوير معززات للفايروس الذي يتغير باستمرار
السلالات الجديدة  لكوفيد – 19 تجبر الشركات المصنعة للقاحات على تطوير معززات للفايروس الذي يتغير باستمرار

وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن يحصل اللقاح الخاص بشركة “نوفافاكس” على الموافقة الأولى على استخدامه في المملكة المتحدة، كما تناقش الشركة مع المنظمين الأميركيين ما إذا كان من الممكن أن تكون بيانات التجارب التي أجريت في دول أخرى، جزءا من المراجعات الخاصة باللقاح، بحسب ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة “نوفافاكس”، ستان إرك.

وأوضح إرك في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ إن “نوفافاكس” ما زالت تستعين بمصابين من أجل إجراء تجارب في الولايات المتحدة والمكسيك. وقد انتشرت السلالة الجنوب أفريقية، سريعا في أنحاء القارة الأفريقية، حيث ظهرت في ما لا يقل عن 24 دولة أخرى خارج أفريقيا.

كما ظهرت أيضا في الولايات المتحدة هذا الأسبوع بعد تسجيل إصابة حالتين بها في ولاية ساوث كارولينا. وفي الوقت نفسه، انتشرت سلالة شديدة الانتشار من المملكة المتحدة، والتي كانت قد ظهرت لأول مرة في الولايات المتحدة، في الـ29 من ديسمبر الماضي، بـ29 ولاية خلال أقل من شهر، حيث يحذر مسؤولو الصحة الأميركيون من أنها قد تصبح مهيمنة سريعا.

وبينما تسعى الدول في أنحاء العالم إلى احتواء انتشار السلالات الجديدة من خلال فرض القيود على السفر، يشير التاريخ إلى أن ذلك الأمر شبه مستحيل.

17