طارق رمضان على درب راسبوتين الإخوان

الإخوان توهموا أن خطاب الطهرانية سيخفي تسوسهم الأخلاقي.
الأربعاء 2019/10/16
دفاع أنصار الجماعة عن رمضان

العرق يمد لسابع جد، وكنا فاكرين تحت القبة/ العِمّة شيخ، تقول أمثالنا الشعبية. لم نكن نحن “اللي فاكرين”، بل هم الإخوان، من توهموا أن توظيف القبة/ العمة وخطاب الطهرانية بالتوازي مع تنصيب أنفسهم قضاة لسلوك الآخرين، سيخفي تسوسهم الأخلاقي.

 ليست صدفة، هذا التزامن بين تراجع منظومة القيم الأخلاقية، وبين اتساع الوجود الاجتماعي والسياسي للإخوان. الأمر يحتاج إلى دراسات تحلل دور سوس “البنّاوية” في مظهرة الدين لإفراغه من جوهره التقدمي: خلافة الله وعمران أرضه.

كنموذج لادعاء الطهرانية، وخلال حفل الإفطار السنوي بمدينة طنطا، 7 أغسطس 2008، دافع المرشد محمد بديع عن شعار “الإسلام هو الحل”، وبرره بأن الإخوان “يسعون بكل قوة لإزالة نجاسات المجتمع والحكومة، وأن الجماعة تمتلك ماء السماء الطهور الذي سيطهر تلك النجاسات”. كان غريبا تنصله من النجاسات “لسنا طرفا فيها ولم نتسبب في جزء منها”!

المؤكد أن بديع، حين كان كادرا يافعا، عايش ملحمة راسبوتين الإخوان. وفي نفس توقيت تفاخره الطهراني، كانت واجهته الغربية أي حفيده التنظيمي، طارق رمضان، يمارس غزواته لاغتصاب مسلمات وأوروبيات، تقول وقائع إحداها إنها دارت في نفس العام.

لعب البنّاوية التاريخي على السلوك الشخصي، يُجيز مواجهتهم بنفس خطابهم السلوكي، كأفراد وجماعة. فتاريخهم الأخلاقي مليء بما يناقض ادعاءات ربانيتهم

لعب البنّاوية التاريخي على السلوك الشخصي، يُجيز أخلاقيا وسياسيا مواجهتهم بنفس خطابهم السلوكي، كأفراد وجماعة. فتاريخهم الأخلاقي مليء بما يناقض ادعاءات ربانيتهم، وسلوكيات في صلب توصيف بديع.. نجاسة.

أحدث النجاسات، أحاطت، منذ أول فبراير 2018، بالإسلامي “المودرن” المرموق غربيا، وظل سجينا على خلفياتها لتسعة أشهر، ثم قيد الإقامة الجبرية. طارق بن سعيد رمضان. سعيد، وثقت ملفات المخابرات المركزية الأميركية عمالته لها. طارق.. حفيد حسن البنا، عميل الاحتلال البريطاني.

تفاصيل غزوات الحفيد مُتاحة على المواقع الإخبارية الغربية، فقط نلتقط منها ومضات؛ إن خمس فتيات ضحايا اتهمنه بالاغتصاب والاعتداء العنيف، في فرنسا وسويسرا، عن وقائع في عدة دول أوروبية. وإن مصدرا مطلعا على القضية روى لصحيفة “إكسبرس”، (20 أبريل 2018) “تصرف مع ماري كزعيم طائفة، عندما تشتكي من وحشيته، يطلب منها أن تصمت وتطيع وتخضع”. وعثر المحققون على 775 صورة إباحية على هاتفه، وفق صحيفة لوجورنال دوديمانش، (30 نوفمبر 2018). وقبل اتهامه رسميا، دفع لسادسة، بلجيكية مغربية، 27 ألف يورو، لتوقف نشر تفاصيل علاقتهما على الإنترنت، في اتفاق علني، (مايو 2015)، حسب رئيس محكمة بروكسل، لوك هينارت، لوكالة فرانس برس.

أقدمُ الشاكيات، تنقل عنها إذاعة يورب1 الفرنسية، (18 سبتمبر الماضي)، أن الحياة المزدوجة لرمضان معروفة في دوائر نشاطه. قالت إن اغتصابها كان عام 2008، وروت للصحافية الفرنسية، برناديت سوفاجيه، تجربتها، لتصوغها في كتاب “قضية طارق رمضان: الجنس والأكاذيب، سقوط الأيقونة”.

ما بين الحفيد والجد “حواديت” كثيرة تحيط بسلوكيات شباب وشيوخ البناويّة، خاصة قادة الشعب. لكنها تظل “حواديت”، حتى وإن أصبح بعضها من العلم العام، دارت في مصر أو خارجها. في دولة مغاربية، تواتر تسجيل مخابرات نظام عربي معزول، شريطا لرمزهم التنويري، حيث “يمارس” على سجادة صلاة. وكذا ما صاحب تأسيس إمارتهم في غزة من فساد أخلاقي لقيادتهم، ستجد نماذج منه على يوتيوب.

راسبوتين الإخوان
راسبوتين الإخوان

الوقائع المنشورة عديدة، بعضها كتبه أنور الهواري، بالأهرام عام 1994 عن “التاريخ الجنسي للإخوان”، وأنور كان عضوا بالجماعة. وفي المغرب، وفق القدس العربي 14 يونيو 2012، رصدت وزارة الداخلية، التي كان يقودها إخواني من حزب العدالة والتنمية، بالصوت والصورة، قيادية نسائية من العدل والإحسان، أيضا الإخوانية، زوجة لقيادي بنفس الجماعة، مع قيادي ثالث منها، مقطع في شقته. وبعد نشر تفاصيل القضية، وتظاهر شباب الجماعة، حفظت بعد 48 ساعة من إعلانها. وخلال حكم المعزول محمد مرسي، اكتفت الإدارة الأميركية بترحيل نائب إخواني “حفاظا على علاقاتها بحكام القاهرة الجدد”، في أول زيارة لوفد مجلس الشعب الذي هيمنت عليه الجماعة، بعد أن ضبطت بحوزته أفلام بورنو لأطفال.

“رحل صاحب الأيدي المتوضئة”، هكذا صدمت الجماعة أعضاءها بوفاة أحد شيوخها، عبدالحكيم عابدين، الذي صُدّر للأجيال التي لا تعرف تاريخ جماعتها.. رجلا لا يتوقف عن الوضوء والصلاة.

تخرج من آداب القاهرة عام 1937، وعمل مديرا لمكتبة الجامعة. كان وسيما (جان) حتى أن البنّا وصفه بـ”يوسف الإخوان” وشاعر الجماعة. قربه وزوجه شقيقته، ونصبه سكرتيرا عاما للتنظيم. اقترح عابدين نظاما للتزاور العائلي “لزيادة المحبة والألفة بين الإخوان”. وافق مكتب الإرشاد وأوكلت له مهمة تنظيمه، تدريجيا تسربت فضائح “راسبوتين الإخوان”. تقدم أربعة إخوة بشكاوى، من يتهمه بالتغرير بزوجة أو ابنة أو شقيقة. لم يكن أمام مرشدهم إلا فتح تحقيق، تولاه من يقال إنه المخطط الحقيقي للجماعة، أحمد السكري، وخمسة من مؤسسيها. هاج البنا لإدانة صهره، واتهم اللجنة بالخيانة، وفصل السكري بتهمة التحالف مع الوفد! وللتكتم على الفضيحة، أرسل عابدين في بعثة تنظيمية عام 1945، وحل نظام تزاور الأسر.

19 أكتوبر 1947، نشرت جريدة صوت الأمة نص قرار اللجنة، التي رأت أن “موقف الإخوة الأربعة سليم من كل وجهة”، و”اقتنعت اقتناعا كاملا بما تجمع لديها من بيانات، سواء من المذكورين أو ممن تقدم إليها من الإخوان، بأن الأستاذ عابدين مُذنب. فضلا عن اعترافاته لأعضاء باللجنة”، التي أوصت بفصله، و”مداواة الجروح التي حدثت”. ونبهت إلى أنه “أثناء سماع الشاكين، تقدم الكثيرون بشكاوى مماثلة”، إلا أنها تفادت إجراء تحقيق شامل في ما نما إلى علمها لـ”درء المزيد من الفتنة”. اختفت وثائق التحقيقات وقيل إن نسختين منها لدى أحمد زكي عابدين وزير الحكم المحلي الأسبق، وجمال البنا شقيق المؤسس.

خارج التحقيقات والشاكين الأربعة، متناثرات عن راسبوتين الجماعة، منها ما رواه محمود عبدالحليم في كتابه “الإخوان المسلمين.. أحداث صنعت التاريخ”، عن علاقة حميمة بين عابدين وعائلة “أخ”، ثار وانقلب على “يوسف الإخوان” والجماعة معا، فور إعلان خطوبته لشقيقة البنا. اتهمه باستغلال صداقتهما ومداعبة شقيقته، بحجة “معالجتها روحيا”!

بعد أن لعب دورا محوريا في تقوية فروع الجماعة بسوريا والأردن واليمن، عاد راسبوتين عام 1948، ليستعيد قوته بالجماعة إلى أن تمّ حلها واعتقاله. سافر للحج في توقيت محاولة اغتيال جمال عبدالناصر عام 1954، وبقي خارج مصر. وظلت أجيال البنّاوية تُربى على تقديس الشيخ المُتوضئ، لتحتفي بعودته إلى القاهرة عام 1975، حتى رحيله عام 1977. المؤكد، كطبيعة بشرية، أنه لم يكن حالة فردية.. هو الأكثر فجاجة والحالة التي عجزوا عن كتمانها.

في أول ظهور إعلامي له، أقرّ الحفيد.. طارق، لقناة “بي.أف.أم.تي” الفرنسية، (7 سبتمبر الماضي)، بأن “كل ما مارسته مع أي امرأة كان برضا الطرفين، لم أكن عنيفا”. العنف من عدمه سيحسمه القضاء، لكن اعترافه الجزئي ينفي وجود شيوخ تحت قباب وعمائم الإخوان، ويؤكد أن العرق يمدّ لسابع جد.

أليس تجديفا في حق الذات الإلهية، نسبة الربانية وماء السماء الطهور لهذه الجماعة؟

13