ضرورة فهم الإخوان المسلمين
في شهر أبريل 2014 أمر رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون بإجراء تحقيق في نشاط الإخوان المسلمين. وأوكلت المهمة للسير جون جينكينز، وهو دبلوماسي متمرس كان وقتها سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية وكُلف بالتحقيق في أصول الإخوان المسلمين وفكرهم وسجلّهم خلال فترة حكمهم، وقبلها وبعدها، فضلا عن نشاطاتهم في المملكة المتحدة وفي الخارج.
ساعد السير جون في هذه المهمة شارلز فار الذي كان وقتها يشغل منصب المدير العام لمكتب الأمن ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية البريطانية.
زار السير جون اثني عشر بلدا أثناء تحقيقه. والتقى بممثلين عن الحكومات والحركات السياسية والزعماء السياسيين والأكاديميين. وتحصّل على حق النفاذ إلى معلومات وفرتها وكالات استخباراتية وأمنية بريطانية.
وبالرغم من أن التقرير النهائي الذي أعده السير جون تم تصنيفه باعتباره سريّا، فإن ديفيد كامرون كشف للرأي العام عن أهم النتائج التي توصّل إليها التقرير في شهر ديسمبر 2015.
|
استخلص السير جون أن الإخوان المسلمين لم يقوموا بما يكفي للبرهنة على الاعتدال السياسي أو الالتزام بالقيم الديمقراطية طوال فترة حكمهم في مصر بين 2011 و2013، عبر حزب الحرية والعدالة.
وقال أيضا إن “الإخوان فشلوا في إقناع المصريين بكفاءتهم أو حسن نواياهم. وقامت لجنة الشؤون الخارجية الخاصة في مجلس العموم البريطاني (وأنا عضو فيها) بالتحقيق في أنشطة الإخوان المسلمين في سنة 2016، وتوصلنا إلى أن النتائج الأساسية لتقرير السير جون جينكينز فيها نقائص كبيرة من المحتمل أن تكون قد أضرّت بسمعة المملكة المتحدة”.
وبالنظر إلى الأحداث الأخيرة التي جرت في وستمنستر، في قلب الديمقراطية البريطانية، من الضروري حتما أن نفهم بشكل أفضل التنظيمات المرتبطة بالتطرف والإرهاب. وهذه مسألة معقدة لها تبعات مهمة لكلّ من السياستين الداخلية والخارجية.
من المهم أن نتذكر أن مؤسس وزعيم الإخوان المسلمين حسن البنا قال إن العلمانية والتغريب هما أصل المشاكل المعاصرة، لكنه اعترف بأن القومية ليست الحل لمشاكل مصر. ومن المهم أيضا أن نتذكر أن جماعة الإخوان المسلمين تطورت لتصبح تنظيما دوليا وتمتد خارج مصر والعالم الإسلامي. هذا التنظيم محظور في بعض الدول العربية، في حين أنه في بعض الدول الأخرى قانوني وناشط سياسيا.
حركة حماس على سبيل المثال تدّعي أنها فرع من جماعة الإخوان المسلمين. وبالرغم من أن جماعة الإخوان تخلّت رسميا عن العنف في السبعينات من القرن الماضي، كثيرا ما دافعت عن هجمات حماس ضد إسرائيل بما في ذلك استخدام التفجيرات الانتحارية وقتل المدنيين.
كما برّرت شخصيات قيادية عليا ومرتبطة بالإخوان الهجمات ضد القوات البريطانية وقوات الائتلاف في العراق وأفغانستان.
إثر إتمام التحقيق الذي قام به السير جون، ترأس مستشار رئيس البريطاني للأمن القومي مجموعة متابعة للنظر في تبعات نتائج التقرير على مستوى السياسات المتبعة من الحكومة البريطانية. وفي ردة فعل، رفض وزراء بريطانيون منح تأشيرات لأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين ومرتبطين بهم ثبت أنهم أدلوا بتصريحات متطرفة. وفرض الوزراء البريطانيون أيضا تجميد ممتلكات أعضاء حركة حماس.
وأخضعت الحكومة البريطانية أنشطة جماعة الإخوان للمراقبة، وأيضا تمت متابعة ما يدلي به أعضاؤها من أراء. لكن أعتقد أنه من المهم اتخاذ الحكومة لخطوات عاجلة لتحديد ما ستكون عليه سياستها تجاه الإخوان المسلمين على المدى الطويل، ومناقشة بذلك بأكثر تفاصيل.
ومن المؤسف أن تقرير سنة 2014 يبدو أنه تم تجاهله، فنادرا ما يشير الوزراء إلى التقرير أو نتائجه. وقدّمت سؤالا إلى وزيرة الداخلية مستفسرا عن التقييم الذي قامت به مجموعة مراجعة سياسة الحكومة البريطانية، وأتمنى أن تسلّط المزيد من الضوء على المسألة في ردها.
أعتقد كذلك أنه من الصواب أن يملك البرلمان البريطاني الفرصة المناسبة لتفحص نتائج التقرير. وبالرغم من أنني أتفهم بأن التقرير الكامل يتضمن معلومات حساسة يجب أن تبقى سرية، أعتقد أنني وغيري من أعضاء في حاجة إلى الاطلاع على ما هو أكثر من مجمعة نقاط النتائج الأساسية.
يجب أن نعطي الثقة للمسلمين، سواء في بريطانيا أو في كافة أنحاء العالم، بأن لدينا فهما جيدا للإخوان المسلمين وفكرهم ونشاطاتهم، فنحن لا نستطيع رد الفعل بشكل مناسب إلا متى فهمنا هذا التنظيم وتأثيره في كافة أرجاء العالم.
عضو مجلس العموم البريطاني