صحافة لا تعنيها الصراعات من أجل الجيل الخامس

يجمع المتخصصون أنه زمن الصحافة التفاعلية الحقيقي وازدهار المنافذ المتعددة للخبر والبرنامج وعدم الاكتفاء بالبرمجيات والتطبيقات السابقة التي سوف ينقرض الكثير منها.
الثلاثاء 2019/02/19
حملة أميركية غربية شرسة ضد "الجيل الخامس" لهواوي

قد لا يعلم كثيرون بأن قضية انتهاء زمن الجيل الرابع وانتقال العالم إلى الجيل الخامس وربما قريبا، مع حلول العام المقبل تستوجب أن تحبس البشرية أنفاسها.

المشكل ليس في الجيل الخامس في حد ذاته، بل في حالة الهلع الأميركي– الغربي من أن تكون الصين هي رائدة هذا التحول الهائل بل الثورة في تكنولوجيا الاتصالات.

ولهذا تشن الولايات المتحدة وحلفاؤها حملة شرسة ضد شركة هواوي الصينية الرائدة في تكنولوجيا الجيل الخامس مستبقة ما تبقى من العام على تحول الجيل الخامس إلى أمر واقع متوّجا بالتنين الصيني.

لا شك أن معطيات لا حصر لها سوف تتغير من حولنا بحلول الجيل الخامس، وسوف يتسارع انقراض تقنيات الجيل السابق وسائر الأجيال الأخرى السابقة. فالسرعة الخارقة لشبكة الإنترنت اللاسلكية ربما ستذهل المستخدمين الذين اعتادوا على السرعة التقليدية بينما عليهم أن يعتادوا على مقولة ما بين رمشة عين وانتباهتها.

وإذا كانت الأجيال الأخرى من هذه التقنية قد أتاحت الحصول على خدمة الإنترنت بشكل متسارع ابتداء من الجيل الأول إلى الجيل الرابع فإن تقنية الجيل الخامس سوف تتيح تغطية تتضاعف إلى 100 مرة أكثر من الجيل الرابع وبسرعة تصل إلى 800 جيغابايت في الثانية الواحدة، بما يعني تنزيل خمسة أفلام في ثانية واحدة.

صحافيو الجيل الخامس مشوشون، أو منصرفون إلى غرفة الأخبار ومكاتب التحرير تاركين الأمر للزمن المقبل وكيف سوف تتفق الولايات المتحدة وأوروبا مع الصين في ريادة انطلاق هذا الجيل. إذا صح دخول جميع دول العالم في هذه المنظومة الرقمية الهائلة المقبلة فإن صحافة وإعلام الغد سوف تكون أمام استحقاقات لا قبل لها بها.

لعل أولى علامات هذا التحول هو السرعة غير المسبوقة في الوصول إلى الصورة والصوت والنص المكتوب مهما كانت سعته الرقمية، وجعله في المتناول بسرعة عجيبة.

ثورة في تكنولوجيا الاتصالات
ثورة في تكنولوجيا الاتصالات

زمن نهاية ما يسمى بالتطبيقات وهي البرمجيات التي يجري تحميلها من متجر غوغل أو أبل أو غيرهما وزمن الذكاء الاصطناعي وكل ما هو مرتبط به من مدن ذكية ومنازل ذكية وسيارات ذكية وصولا إلى وسائل إعلام تعتمد الذكاء الاصطناعي.

إنه في الواقع تحرر الصحافة من نمطية مترددة، بين بقايا الصحافة التقليدية ومقدمات الاندماج الكامل في الرقمنة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في تفوقه الكاسح والذي لا رجعة فيه.

وأما الوصول إلى الخبر وإنتاجه، فهذه التقنية الهائلة سوف تتيح وصولا سلسا وآنيا إلى الأخبار وتتيح اختيارات لا حصر لها في طريقة بثها وتسويقها وتوسيع نطاق المشاركة التفاعلية مع الجمهور المتلقي.

لامركزية الصحافة ولامركزية غرفة الأخبار سوف تكون في ذروتها لجهة اختزال الوقت وتعويضه بسرعة الإنتاج والتحرير وكذلك الحال مع المؤسسات الإعلامية الأخرى كالفضائيات وغيرها.

يجمع المتخصصون أنه زمن الصحافة التفاعلية الحقيقي وازدهار المنافذ المتعددة للخبر والبرنامج وعدم الاكتفاء بالبرمجيات والتطبيقات السابقة التي سوف ينقرض الكثير منها.

ولن تجد سوق القراصنة ازدهارا مع الجيل الخامس، وسيزداد التحكم بحقوق الإنتاج والنشر وسوف تضيق فرص القراصنة بشتى أصنافهم بحسب الخبراء لكن القلق من ثغرات الأمن سوف تأتي مما هو أبعد وأوسع وذلك ما يثير هلع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.

الصين وقد استخدمت ذراعها الناعمة، شركة هواوي العملاقة وإحدى أكبر وأهم مشغلي الجيل الخامس في العالم، بإمكانها الاستحواذ سريعا على العديد من الشبكات المحلية أو تزويدها بالمعدات التقنية اللازمة حتى قيل أن التنافسية الصينية في هذا الحقل بالذات لا مثيل لها.

دخلت السياسة وتعقيداتها عشية ولادة وانطلاق الجيل الخامس وصارت موضوعا سجاليا طويلا يجري فيه التحشيد أميركيا وأوروبيا ضد الصين، ويبدو أن ضجيج السجالات القائمة منح مساحة واسعة للصحافة لكي تمضي إلى شأنها مسترخية حتى ينتهي القوم من سجالاتهم وسوف نكتشف في ما بعد ذلك العالم الرقمي الهائل الذي اسمه الجيل الخامس العجيب.

18