صبرة القاسمي: الجهاديون يترصدون حفل افتتاح قناة السويس

القاهرة – قال صبرة القاسمي، الجهادي السابق ومؤسس الجبهة الوسطية، في حوار مع “العرب”، إن الغرب يحاول تعظيم قوة تنظيم الدولة الإسلامية وإرسال إشارات سلبية حول إمكانية القضاء عليه، مستشهدا بتصريح حديث لمسؤول أميركي قال فيه إن واشنطن بحاجة لأكثر من 20 عاما من أجل القضاء علي تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما اعتبره رسالة ضمنية بعدم رغبة الولايات المتحدة في القضاء علي التنظيم حاليا.
وأشار القاسمي إلى أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة تكسير عظام بين الحركات الإسلامية، الصراع فيها سيتزايد بين المتشددين والأكثر تشددا.
وتوقع الجهادي السابق أن ينتهي الصراع بين التنظيمات الإسلامية لصالح داعش، الذي سينجح في ابتلاع كل التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها القاعدة التي تعتبرها قيادات تنظيم الدولة الإسلامية أطلالا لما كانت عليه أيام أسامة بن لادن، كما يرون أن أيمن الظواهري زعيم القاعدة أصبح أشبه بتمثال من الشمع، وينظرون إليه على أنه مجرد ذكرى للقاعدة ومؤسسها.
وأشار صبرة القاسمي، الذي كان مسؤولا عن تجنيد الشباب المصري للجهاد في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، إلى أن هناك محاولات داخل تنظيم القاعدة لإعادة ترتيب الصفوف من أجل العودة مرة أخرى لصدارة المشهد الجهادي، إلا أنه توقع أن تبوء هذه المحاولات بالفشل، وسوف تنتهي بأن ترضخ القاعدة عما قريب للدولة الإسلامية. وتوقع القاسمي، كذلك أن ينتهي المطاف بجبهة النصرة وأحرار الشام أيضا، بإعلان الولاء لداعش بعد معارك ضارية.
تعتبر مصر حجر العثرة أمام خطط تنظيم داعش التوسعية بفضل قوة جيشها وتلاحمه، وهو ما لم يكن في حسبان قادة الدولة الإسلامية الذين تعاملوا في السابق مع جيوش مفككة سواء بفعل الطائفية أو القبلية في سوريا والعراق وليبيا.
لكن طموحات داعش لن تتوقف قريبا في مصر، بحسب ما قال صبرة القاسمي، متوقعا أن يشهد يوم افتتاح قناة السويس حدثا إرهابيا ضخما لتعكير احتفالات الدولة المصرية بها، كأن يحاولوا استهداف القناة نفسها أو إحدى السفن المارة عبرها، معتبرا أن حادث استهداف الفرقاطة البحرية منذ أيام “نموذج محاكاة” لما سيحاولون تنفيذه خلال الافتتاح، حيث سيحاولون استهداف إحدى السفن أو الممر المائي بمثل الصواريخ المستخدمة في حادث الفرقاطة.
وحول الوضع بسيناء وارتفاع معدل العمليات الإرهابية خلال الفترة الأخيرة، أكّد الجهادي السابق أن تصعيد تنظيم ولاية سيناء لعملياته ضد الجيش المصري يهدف لإنهاك الدولة وتشتيت جهودها مع اقتراب حفل افتتاح قناة السويس. لكنه أشاد بجهود القوات المسلحة وأجهزة الأمن في سيناء، مشيرا إلى أن يقظة الجيش المصري وثبات رجاله منعت داعش من إعلان سيناء إمارة إسلامية خلال عمليتها التي تمت في أول يوليو الحالي واستهدفت 15 معسكرا أمنيا في توقيت واحد. ولفت إلى أن المواجهة بين الدولة المصرية وداعش مستمرة ولا تقتصر على سيناء فقط، وحذر من أن داعش لن يكف عن محاولاته المستميتة لإعلان ولايات إسلامية بكل المحافظات المصرية.
المرحلة القادمة ستكون مرحلة تكسير عظام بين الحركات الإسلامية والصراع سيتزايد بين المتشددين والأكثر تشددا
انتحار جماعي
أشار صبرة القاسمي إلى أن عمليات تنظيم بيت المقدس أو ولاية سيناء ستستمر خلال الفترة القادمة وسيشكل التنظيم خلايا تقوم بعمليات انتحارية وقد يبلغ عدد منفذي الهجوم الواحد أكثر من 100 عنصر إرهابي، متوقعا أن تتحول هذه الهجمات إلى عمليات انتحار جماعي لعناصر التنظيم الذي ستنحصر خطورته قريبا بعد المواجهات الناجحة والعمليات التي نفذتها القوات المسلحة بحق عناصر التنظيم بسيناء.
وفسر الجهادي السابق بعضا من أسباب العداء الشديد الذي تكنه الجماعات المتطرفة لمصر بأن أجهزة الأمن المصرية حققت نجاحات متعددة على مدى العقود الماضية في توجيه ضربات قاتلة للعديد من التنظيمات، بل أن جهاز المخابرات المصري نجح في إحباط مخطط تنظيم القاعدة لامتلاك السلاح النووي قبل عدة سنوات، حينما تمكن من رصد وتتبع جهادي مصري منتمي للقاعدة في أذربيجان وهو يستعد لشراء شنطة نووية من عصابات دولية هناك، فنجح رجال المخابرات المصرية في تخدير الرجل وإعادته إلى القاهرة في طائرة حربية قبل تنفيذ عمليته، مشيرا إلى أن هذه الواقعة لم ترصدها أجهزة المخابرات الأميركية ولا الروسية وكانت ضربة قوية لجهاز المخابرات المصرية أشاد بها العالم.
وقال القاسمي إن تصنيع الأسلحة النوعية والمتطورة ليس جديدا على الإسلاميين، فقد تم ضبط خلايا جهادية مصرية أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك تورطت في تصنيع قنابل كيمائية، كما أن أحد الجهاديين المصريين نجح في تصنيع وتطوير قنبلة كيمائية من مواد بدائية، وذلك داخل كهوف تورا بورا الأفغانية واكتشفتها أجهزة المخابرات الأميركية وأطلقت عليها “القنبلة القذرة”.
ازدواجية معتادة
كشف ازدهار الحركات الإسلامية المتطرفة العابرة للدول في ثمانينات القرن الماضي أيام الجهاد ضد الغزو السوفييتي لأفغانستان عن ازدواجية عالمية في التعامل مع مثل هذه الحركات، ما بين دعمها ومحاولة توظيفها والاستفادة منها بشكل أو بآخر، وبين محاربتها.
|
ورصد صبرة القاسمي عدة ملاحظات في هذا السياق، أولها أن الولايات المتحدة تستخدم داعش كإحدى أدواتها لتأجيج الصراع السني الشيعي في المنطقة، لافتا إلى أن الدعم الأميركي للشيعة والسكوت على جرائم ميليشيات الحشد الشعبي، وغيرها، ساهم في تعزيز وجود داعش، خاصة أن هناك أكثر من 52 فصيل شيعي مسلح بالعراق وحدها ارتكبت جرائم وحشية لا تختلف عن جرائم داعش.
وأوضح أن تنظيم داعش الذي يمتلك مصادر تمويل ذاتية عبر سيطرته على العديد من آبار النفط في سوريا والعراق يقوم ببيع منتجاته في السوق السوداء، راصدا ملمحا ثانيا لازدواجية الدول في التعامل مع التنظيم، حيث تشتري حكومة الأسد النفط من داعش في السوق السوداء بينما هي في حرب شعواء معه، كما أن نظام أردوغان في تركيا يشتري نفط داعش وفي نفس الوقت ينضم للتحالف الدولي لمواجهته.
"تدعيش" الإخوان
كثيرون يربطون بين تنظيم الدولة الإسلامية وبين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس في غزة، لكون الجماعة هي العباءة التي خرجت منها كل التنظيمات الدينية المتطرفة في المنطقة، والتي يتخذ أغلب قادتها من كلمة لمنظّر الإخوان سيد قطب تقول إن “كلماتنا كعرائس الشمع جامدة لا حراك فيها حتى إذا سقيت بدمائنا دبت فيها الحياة” منهجا للعمل. لكن، صبرة القاسمي يرى أنه لا يوجد تعاون بين داعش والإخوان وما يبدو على الساحة من توافق ليس سوى محاولة ناعمة من داعش لاختراق الإخوان، التي تعد أقدم وأكبر حركة إسلامية، تمهيدا لسحب البساط من تحت أقدامها، و”تدعيش” عناصرها.
كذلك استبعد صبرة وجود تنسيق بين داعش وحركة حماس، مثلما استبعد وجود صراع، حسبما ذهبت بعض الآراء في تفسيرها للتفجيرات الأخيرة التي شهدتها غزة واستهداف سيارات تابعة لحماس والجهاد، مشيرا إلى أن داعش أذكي من أن يهاجم فصيل يقاوم إسرائيل مثل حماس حتى لا يفقد التعاطف الشعبي معه، خاصة أنها لم توجه أي ضربة للعدو الإسرائيلي.
وحول خطة داعش خلال المرحلة القادمة أكد الخبير في شؤون الحركات الجهادية أن التكليف الذي أطلقه أبومحمد العدناني، المتحدث باسم داعش، والذي رقى خلاله مؤيد التنظيم لرتبة الأنصار واعتبرهم جنود في جيش تنظيم الدولة الإسلامية مازال ساريا، مشيرا إلى أن العدناني حثّ في كلمته التي ألقاها الشهر الماضي، الدواعش في كل أنحاء الأرض على محاربة العالم أجمع وتنفيذ عمليات بكل الدول، وبذلك يكون ما حدث في كل من فرنسا وتونس وأستراليا ما هو إلا غيض من فيض.
وفي ختام الحوار دعا صبرة لتفعيل دور الأزهر الشريف وعلماء الإسلام الوسطي المعتدل لمواجهة فكر داعش التكفيري الضال، معتبرا أن أفضل سبيل لمواجهة التنظيمات التكفيرية هو الفكر، أما المواجهة العسكرية مع أصحاب الأيديولوجيات المتشددة فتعمق إيمانهم بها وتزيد من عدد أتباعهم.