شركات ناشئة تتكتل تحت شعار: لا تكونوا مثل غوغل

تحاول شركات أوروبية ناشئة الحد من استحواذ غوغل على البيانات الشخصية والتي تواجه الشركة العملاقة بشأنها اتهامات أوروبية بنقلها وتسريبها إلى الولايات المتحدة. ويرى مطورو برمجيات من جميع مناطق العالم فرصة لوضع حماية خصوصية المستخدمين في صلب اهتماماتهم رغم استحالة القضاء على هيمنة غوغل.
باريس - استخدمت غوغل في الماضي شعار “لا تكونوا أشرارا” بهدف التمايز عن منافسيها، لكنّ عددا متزايدا من الشركات الناشئة المؤيدة لحماية خصوصية المستخدمين يجتمع تحت شعار: “لا تكونوا مثل غوغل”.
وتستهدف هذه الشركات الناشئة أداة “غوغل أناليتكس” الإحصائية المستخدمة في أكثرية المواقع الإلكترونية حول العالم لفهم عادات التصفح لدى المستخدمين.
وحذت فرنسا مؤخرا حذو النمسا من خلال إعلانها أن نقل غوغل لبيانات شخصية من الاتحاد الأوروبي إلى خوادمها في الولايات المتحدة مخالف للقانون الأوروبي بشأن حماية البيانات.
وتنفي غوغل هذه التهمة، مؤكدة أن البيانات التي تنقلها غير اسمية كما أن السيناريوهات التي يتم البحث بها في أوروبا تبقى نظرية.
ومع ذلك، يرى مطورو برمجيات من جميع مناطق العالم فرصة لوضع حماية خصوصية المستخدمين في صلب اهتماماتهم.
ومع إدراكهم باستحالة القضاء على هيمنة غوغل، يهدف هؤلاء إلى إعطاء المزيد من الخيارات القائمة على الإنصاف في السوق.
ويقول بول جارفيس الذي يدير شركة “فاثوم أناليتكس” الناشئة الصغيرة في كندا إن “الأسبوع الذي اعتُبرت فيه غوغل أناليتكس غير قانونية من جانب هيئة حماية البيانات النمساوية كان أسبوعا جيدا لنا”.
دول أوروبية تتهم غوغل بأن نقل بيانات شخصية من الاتحاد الأوروبي إلى خوادمها في الولايات المتحدة مخالف للقانون
ويؤكد أن عدد المشتركين الجدد ازداد ثلاث مرات خلال الأسبوع المذكور، من دون إعطاء أرقام دقيقة.
وتهمين غوغل على السوق إذ يستعين 57 في المئة من المواقع الإلكترونية بخدماتها، وفق شركة “دبليو 3 تكس”.
وسُجل أول منعطف لمطوري البرمجيات الناشطين في مجال حماية الخصوصية سنة 2013، إثر تسريب إدوارد سنودن بيانات سرية تكشف الطريقة التي كانت تجمع فيها وكالات استخبارات أميركية بيانات شخصية للمستخدمين، خصوصا من خلال غوغل وفيسبوك ومايكروسوفت.
وقال ماتيو أوبري مؤسس “ماتومو” التي تقدم نفسها على أنها “بديل” عن خدمة “غوغل أناليتكس”، “كنا نعرف بالأصل جزءا” من مضمون التسريبات، لكن عندما سرّب سنودن البيانات “بات لدينا دليل بأننا لا نبالغ في الارتياب أو نخترع أشياء غير موجودة”.
ومن العناصر الأخرى التي تستهدفها هذه الشركات الناشئة هي التعقيدات الموجودة في “غوغل أناليتكس ».
ويوضح مايكل نوهاوسر الذي أطلق “فير أناليتكس” الشهر الماضي “لديكم ألف آلية متابعة مختلفة وكل هذه البيانات، لكن ذلك لا يساعدكم بشيء إذا كنتم لا تفهمونها”.
وخلافا لغوغل، لا تستخدم هذه الشركات الناشئة المتمحورة حول حماية خصوصية المستخدمين ملفات تعريف الارتباط لتعقب المستخدمين عبر الإنترنت وتقدم مروحة بيانات أبسط بكثير، ما يساعدها على الالتزام بالقوانين الأوروبية لحماية البيانات.
وخصص ماركو ساريتش مؤسس “بلوزيبل أناليتكس” وبول جارفيس من “فاتوم أناليتكس” الكثير من الوقت والمال لمشاريعهما قبل أن يحصّلا إيرادات مالية. ولا تزال الشركتان الناشئتان تعملان بالاعتماد على فرق صغيرة تعمل عن بعد في بلدان مختلفة ولديها احتكاك مباشر مع الزبائن.

وقال ماتيو أوبري الذي أسس “ماتومو” سنة 2007 عندما كان في العشرين من العمر تقريبا “لفترة طويلة، لم تكن لدينا شركة بشأن المشروع، كنا نشكل مجتمعا حقيقيا”.
أما شركته اليوم فقد باتت عالمية وتساهم برأيه في إرساء أسس “إنترنت بديل” لا تهيمن عليه شركات التكنولوجيا الكبرى.
غير أن عائقا كبيرا لا يزال يعترض هذه المشاريع، ويتمثل في قدرة غوغل على تقديم أدواتها مجانا، فيما تُضطر الشركات الصغيرة إلى تقاضي المال من زبائنها، حتى لو لم يتعد ذلك بضعة دولارات شهريا.
وقال بول جارفيس “كل هذه المنتجات المجانية التي نستخدم ونحب، لا ندفع ثمنها من مالنا بل من بياناتنا وخصوصيتنا”.
يذكر أن مجموعة غوغل أعلنت الأربعاء الماضي رغبتها في إقامة نظام جديد للاستهداف الإعلاني على الأجهزة العاملة بنظام تشغيل أندرويد التابع لها بهدف الحد من تشارك البيانات مع جهات خارجية وبين التطبيقات، لتحذو بذلك حذو أبل.
وتفرض شركة أبل على مطوري التطبيقات طلب الإذن من المستخدمين قبل جمع بيانات خاصة بهم.
وقالت غوغل في منشور عبر مدونتها “هدفنا (من خلال النظام الجديد) هو تطوير حلول إعلانية ناجعة تحسن السرية، بما يطمئن المستخدمين على حماية معلوماتهم”، مشيرة إلى أن هذه المبادرة ستستغرق العديد من السنوات.

وذكّرت غوغل بأن 90 في المئة من التطبيقات المتاحة على متجرها الإلكتروني “غوغل بلاي” مجانية، وتعتمد بنسبة كبيرة من تمويلها على الإعلانات.
وتستخدم فيسبوك على سبيل المثال أدوات معقدة لدرس سلوك مستخدمي الشبكة على الإنترنت، وبعدها تقترح على المعلنين تقنيات استهداف محددة للأشخاص الأكثر عرضة للاهتمام بمنتجاتهم.
غير أن “القطاع يجب أن يستمر في تطوير طريقة عمل الإعلانات الرقمية لتحسين سرية المستخدمين”، وفق غوغل.
وتعهدت أبل بالانخراط في هذا المسار على كل الأجهزة العاملة بنظامها التشغيلي “آي أو أس”، من خلال إرغام مطوري التطبيقات عبر الأجهزة المحمولة على أخذ الإذن من مستخدميهم بشأن ما إذا كانوا يوافقون على استمرار تعقب نشاطهم فور الخروج من التطبيق.
وفي برنامجها الجديد، أكدت غوغل رغبتها في تحسين احترام خصوصية المستخدمين “من دون تهديد النفاذ المجاني إلى المحتويات والخدمات”.
وأشارت غوغل من خلال مدونتها إلى أن “منصات أخرى اعتمدت مقاربة مختلفة على صعيد سرية الإعلانات، مع الحد بدرجة كبيرة من قدرات التقنيات المستخدمة من المطورين والمعلنين”، معتبرة أن هذه المقاربة “غير ذات فعالية”.
وأكدت المجموعة العملاقة رغبتها في أخذ الوقت اللازم للعمل مع المطورين والهيئات الناظمة في هذا الخصوص، مشيرة إلى أنها ستواصل اقتراح الأدوات الإعلانية المستخدمة حاليا على منصتها “لعامين على الأقل”.