شركات التكنولوجيا تتوسع في مجالات أبعد من الهواتف الذكية

عمالقة الاتصالات يلتقون وسط احتدام معركة الذكاء الاصطناعي
الأحد 2025/03/02
العالم ينتظر أحدث الابتكارات

يعد معرض برشلونة للأجهزة المحمولة لهذا العام نقطة انطلاق للعديد من الابتكارات التي سيعتمد عليها العالم في المستقبل القريب. وسيظل الذكاء الاصطناعي اللاعب الأساسي في هذه التحولات، حيث يمثل عنصرا محوريا في جميع نقاشات التكنولوجيا، مما يجعل المستقبل مليئا بالإمكانات التي تعتمد على هذه التقنيات المتقدمة في تشكيل عالمنا الرقمي.

برشلونة (إسبانيا) - مع بداية الأسبوع الحالي، يعاود معرض برشلونة للأجهزة المحمولة نشاطه في نسخته الجديدة، وسط أجواء من الحماسة والتوترات التي تحيط بمستقبل التكنولوجيا، لاسيما في ظل التصاعد السريع للذكاء الاصطناعي الذي أصبح قوة محورية في تحولات هذا القطاع. ينعقد المعرض، الذي يُعد واحدا من أكبر الأحداث التقنية في العالم، في مدينة برشلونة الإسبانية، بمشاركة مئات الشركات الكبرى والمتخصصين في مجال الاتصالات، بالإضافة إلى حضور أعداد ضخمة من المهتمين بالتكنولوجيا الحديثة.

وعلى مدار أربعة أيام، من المتوقع أن يزور المعرض أكثر من 100 ألف متخصص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الذين سيحظون بفرصة للاطلاع على أحدث الابتكارات في مجال الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة. ويجمع المعرض هذا العام أكثر من 2700 عارض و1200 متحدث، ليمنح المشاركين فرصة للاستماع إلى محاضرات وورش عمل من خبراء الصناعة. فهذه التجمعات ستشمل أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي لترجمة الفعاليات بلغات متعددة، مثل الإسبانية والفرنسية والكورية والصينية، وهو ما يعكس الاهتمام الكبير بتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين التجربة التفاعلية للمشاركين.

وتعد المشاركة الواسعة لشركات الاتصالات العالمية من أبرز ملامح المعرض هذا العام. فشركات مثل سامسونغ، هواوي، نوكيا، أورانج، وشاومي ستعرض أحدث تقنياتها، إلى جانب أسماء كبيرة في مجال التكنولوجيا مثل غوغل، أمازون، ميتا، ومايكروسوفت، التي توسعت في السنوات الأخيرة لتشمل مجالات أبعد من الهواتف الذكية. يبرز أيضا عدد من الشخصيات البارزة في الصناعة مثل ستيف وزنياك، المؤسس المشارك لشركة أبل، والمهندس السابق في غوغل راي كورزويل، وعالم الذكاء الاصطناعي الألماني يورغن شميدهوبر، الذي يعتبر أحد آباء الذكاء الاصطناعي الحديث.

المعرض يستخدم الذكاء الاصطناعي لترجمة الفعاليات بلغات متعددة ما يعكس الاهتمام الكبير بتوظيفه في تحسين التجربة التفاعلية للمشاركين
المعرض يستخدم الذكاء الاصطناعي لترجمة الفعاليات بلغات متعددة ما يعكس الاهتمام الكبير بتوظيفه في تحسين التجربة التفاعلية للمشاركين

وأصبح الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية لمعظم المنتجات والإعلانات التقنية في معرض برشلونة هذا العام. وبحسب نائب رئيس شركة “فورستر” توماس هوسون، سيكون الذكاء الاصطناعي حاضرا بقوة في جميع جوانب المعرض، ويعود الفضل في ذلك إلى دور شركات الاتصالات الرئيسية التي تساهم في تطوير هذه التقنية من خلال مكانتها المحورية في النظام البيئي الرقمي. ويتوقع أن تشهد المعرض العديد من الإعلانات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، حيث ستعرض شركة “هونور” الصينية أداة لمكافحة التزييف العميق، بينما ستكشف شركة “تيليفونيكا” الإسبانية عن تطبيقات جديدة مرتبطة بالصحة.

إلا أن النقاشات حول الذكاء الاصطناعي في المعرض لا تقتصر على الابتكارات التقنية فحسب، بل تمتد إلى المواقف المتزايدة من التوترات في هذا المجال، كما أشار مدير الأبحاث في شركة “سي سي إس إنسايت” بن وود. فقد أصبح الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا في معظم إعلانات المنتجات، لكنه يعاني من مشكلة كبيرة تتمثل في صعوبة تحديد الفوائد الملموسة للمستهلكين، وهو ما يثير الشعور بالإرهاق بين بعض المراقبين والصحافيين، الذين يرون أن الابتكارات في الذكاء الاصطناعي لا تزال بعيدة عن تحقيق “ثورة حقيقية” في الحياة اليومية.

وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والضغوط الجيوسياسية، يبدو أن سوق الهواتف الذكية في حالة انتعاش بعد فترة من الركود. فقد شهد العام 2024 نموا ملحوظا في مبيعات الهواتف الذكية، حيث تم بيع 1.24 مليار جهاز بزيادة بلغت 6.3 في المئة عن العام السابق. وتُظهر هذه الأرقام مرونة السوق في مواجهة العوامل الاقتصادية الكبرى، مما يعكس التفاؤل بشأن المستقبل القريب على الرغم من وجود مخاطر متعلقة بالتعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين في عهد الرئيس دونالد ترامب. وتؤكد نبيلة بوبال، مديرة الأبحاث في “إي دي سي”، أن هذا النمو القوي يبرز قدرة القطاع على التكيف مع الظروف الاقتصادية المعقدة.

وبعيدا عن المسائل المتعلقة بالتكنولوجيا والابتكار، يشهد المعرض أيضا نقاشات حادة حول التمويل الشبكي والتوترات التجارية المستمرة، التي أُشعلت بالرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين. ويشير بن وود إلى أن هناك حالة من القلق المستمر بشأن هذه الرسوم والعقوبات الأميركية، التي تؤثر على أوروبا والشركات الصينية على حد سواء. وفي الوقت نفسه، تزايدت التوترات الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على تطوير تقنيات جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث كان لظهور روبوت المحادثة الصيني الذي طورته شركة “ديب سيك” دور كبير في إعادة خلط الأوراق في سباق الذكاء الاصطناعي.

ورغم هذه التحديات، يُعدّ السوق الأوروبي مجالا واعدا يمكن أن يستفيد من هذه التوترات التكنولوجية. ووفقا لما ذكره ماتس غرانريد، المدير العام للرابطة العالمية لمشغلي الاتصالات، فقد أظهرت بعض الابتكارات التكنولوجية أن السوق يمكن أن يحقق نجاحات حتى بموارد محدودة، وهو ما يفتح الآفاق أمام الشركات الأوروبية للاستفادة من هذه الفرص. وهذا يضيف طبقة جديدة من الأمل، خاصة في ضوء التحديات السياسية والتجارية الحالية.

13