شركات التكنولوجيا الكبرى تواجه تحديات متعددة

"علي بابا" تحذر من فقاعة في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
الأحد 2025/03/30
سباق محموم

في خضم السباق العالمي المحموم نحو الهيمنة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، أطلقت مجموعة "علي بابا"، تحذيرًا صارخًا من احتمال تشكُّل فقاعة استثمارية في قطاع بناء مراكز البيانات، محذرة من أن التوسع السريع في إنشاء مراكز البيانات قد يفوق الطلب الفعلي على خدمات الذكاء الاصطناعي.

بكين ـ حذر رئيس مجلس إدارة “علي بابا غروب هولدينغ”، جو تساي، من احتمال تشكيل فقاعة في قطاع بناء مراكز البيانات، موضحًا أن وتيرة التوسع السريعة في هذا المجال قد تتجاوز الطلب الفعلي على خدمات الذكاء الاصطناعي. وأثارت التصريحات التي أدلى بها خلال قمة الاستثمار العالمية التي نظمتها “إتش إس بي سي” في هونغ كونغ، تساؤلات حول ما إذا كانت شركات التكنولوجيا الكبرى وصناديق الاستثمار قد تبالغ في استثماراتها في مراكز البيانات دون وجود عملاء فعليين يدعمون هذه المشاريع.

ويشهد قطاع مراكز البيانات في الوقت الراهن نمواً غير مسبوق، مدفوعًا بالزيادة الكبيرة في الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي. فمن مايكروسوفت إلى سوفت بنك، تواصل شركات التكنولوجيا من مختلف أنحاء العالم ضخ المليارات من الدولارات لشراء رقائق “إنفيديا” و”إس كيه هاينكس” الأساسية لتطوير الذكاء الاصطناعي.

وكشفت مجموعة “علي بابا” عن خططها للاستثمار في الذكاء الاصطناعي بمبلغ يفوق 52 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، في حين تُعلن شركات أخرى عن مشروعات ضخمة تشمل مراكز بيانات وخوادم تمتد من الهند إلى ماليزيا  وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ.

تطور الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تقليص الحاجة إلى بعض المهن التقليدية مما يجعل بعض الوظائف غير ضرورية في المستقبل

ويروج الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة، لمشروع “ستارغيت”، الذي يتوقع أن تصل استثماراته إلى نصف تريليون دولار.

ورغم هذه الاستثمارات الضخمة، أعرب جو تساي عن قلقه من التوسع السريع الذي يشهده قطاع مراكز البيانات، مشيرًا إلى أن هذا التوسع قد لا يتماشى مع الطلب الفعلي على خدمات الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب. وأوضح أنه يلاحظ أن العديد من المشاريع تُبنى دون أن يكون هناك عملاء حاليون لضمان استهلاك هذه الخدمات. وأضاف أن بعض المشاريع التي يجري تمويلها حاليًا لا تزال في مراحلها المبكرة، من دون أيّ اتفاقيات مضمونة تضمن استخدامها الفعلي.

وقال تساي، “أشعر أننا بدأنا نرى بوادر فقاعة من نوع ما.” وقد أكد أن هناك العديد من الجهات التي بدأت تجمع الأموال دون وجود أيّ طلب حقيقي على خدماتها في المستقبل، مما يثير قلقًا بشأن استدامة هذه الاستثمارات. وفيما يواصل هذا المجال جذب استثمارات ضخمة، يبقى التساؤل قائمًا حول مدى قدرة السوق على استيعاب هذا الكم الهائل من مراكز البيانات في ظل عدم وجود طلب ملموس على المدى القريب.

ويبدو أن جو تساي ليس الوحيد الذي يشكك في الاستثمارات الضخمة في هذا القطاع، فبحسب تقرير من “تي دي كاوِن”، أشار محللون إلى أن شركة مايكروسوفت قد ألغت بعض عقود الإيجار لعدد من مراكز البيانات في الولايات المتحدة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الشركة قد بالغت في تأمين قدرات الحوسبة التي قد تتجاوز احتياجاتها الفعلية في المستقبل. وعلى الرغم من ذلك، أكدت مايكروسوفت  أنها ستواصل إنفاق مبالغ ضخمة على مراكز البيانات، حيث تتوقع الشركة أن يصل إنفاقها على هذه المراكز إلى 80 مليار دولار خلال العام المالي الحالي.

قطاع مراكز البيانات يشهد في الوقت الراهن نمواً غير مسبوق، مدفوعًا بالزيادة الكبيرة في الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي

وفي هذا الصدد، أبدى تساي دهشته من حجم الاستثمارات التي تُطرح في الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، قائلا “الناس يتحدثون حرفياً عن 500 مليار دولار، أو عدة مئات من المليارات. لا أعتقد أن ذلك ضروري بالكامل.” وأوضح أن هذه الاستثمارات يتم إجراؤها بناءً على توقعات بزيادة هائلة في الطلب على الذكاء الاصطناعي في المستقبل، وهو ما قد لا يكون دقيقًا في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من القلق من الفقاعة المحتملة، يبدو أن “علي بابا” تتمتع بتوقعات قوية في المستقبل القريب، فمن خلال منصتها المتطورة للذكاء الاصطناعي المبنية على نموذج “كيوين”، تأمل الشركة في تعزيز أعمالها الأساسية في التجارة الإلكترونية والخدمات السحابية.

وأشار جو تساي إلى أن “علي بابا” تمر بمرحلة “إعادة تشغيل”، حيث بدأت في التوظيف مجددًا بعد سنوات من التدقيق التنظيمي الذي أثر سلبًا على نمو الشركة. وقد أطلقت “علي بابا” برامج خاصة لاستقطاب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس طموحاتها في التوسع في هذا المجال.

وتواجه شركات التكنولوجيا الكبرى تحديات متعددة في ظل هذا التوسع السريع في قطاع مراكز البيانات، فبينما يستمر الإنفاق الضخم على رقائق الحوسبة ومراكز البيانات، يبقى السؤال قائمًا حول ما إذا كانت هذه الاستثمارات ستؤدي إلى فائض في القدرات الحوسبية مع تزايد الغموض حول الطلب الفعلي في المستقبل القريب.

وعلى الرغم من المخاوف من حدوث فقاعة، يبقى الذكاء الاصطناعي هو محرك النمو في قطاع التكنولوجيا، ومع ذلك يجب على الشركات أن تكون حذرة في تقديراتها للطلب المستقبلي.

إن فقاعة مراكز البيانات، وإن كانت ستحدث، قد تكون مؤشراً على تفاقم الاستثمارات العشوائية التي قد تؤدي إلى تضخم غير مبرر في هذا القطاع. ورغم ذلك، تظل الفرص كبيرة بالنسبة إلى الشركات التي تستثمر بحذر في الابتكار وتحقيق النمو المستدام في هذا المجال الواعد.

13