ثمة قلة ثقافية تمثل فكر طه حسين هي صوت العلم والاجتهاد... وثمة في المقابل، على الدوام، شريحة واسعة من العقاديين ممن يمتد هوسهم بالكثرة من الجمهور إلى المؤلفات.

لم يكن شاغل من قام بجمع محاضرات المعلمين الرواد هو إخراج كتب تخلد ذكراهم وإنما الغاية الأساس، هي مواجهة منطق مجتمع ثقافي مختل لا يرى في غير الحبر والورق إنجازا ثقافيا.

المجتمع الذي عاش فيه جرجي زيدان لم يكن جاحدا ولا متعصّبا مثلما هو اليوم، بالرغم من تواضع أعداد المتعلمين آنذاك، وندرة من أتيحت لهم فرص ولوج الجامعات.

الكلام في السياسة يبدو علة أساسية للحكم، ومن لا ينطق جهرا وأمام الناس بما يجعلهم يقتنعون، لا ينبغي أن يترشح لينوب عنهم في الكلام.

رصيد الرواية أكبر من أعمارنا مضاعفة العشرات من المرات، لهذا مع مرور السنوات وضيق فسحة الزمن المتاح، قد لا نصبر على مطبّات النصوص، وإسهابها الممضّ، أو زوائدها المفتعلة.

الموت الزاحف شيئا فشيئا يصير هو الحقيقة الحياتية، الوحيدة، التي تمتلك معنى قدسيا، يُكسب المحيط دلالاته الإنسانية، ويبدد الشعور الضاغط بالعقم واللاجدوى.

أضحت الموضوعات والمقالات والأقلام، المقترحة من قبل “العربي”، معينا أساسيا في تكويني المعرفي، وشكلت على نحو غير يسير نوازعي الفكرية والثقافية.

بديهي إذن أن تمثل قراءة الرواية سياقا مثاليا لإدراك الأعطاب والأمراض وأحلام التجاوز واستمرار الجوهر الإنساني، واستبطان القدرة على تحمل الحياة وفك ألغازها.

سلوكنا المعتاد هو تتبع أحداث القصة ومحاولة اكتشاف المعنى، أي أننا لا ننشغل بغير الكلمات المخطوطة، فتتجلى لنا دوما كبلورات نسعى إلى تقليبها وإعادة تقليبها، وفي كل مرة تعكس لنا وجوها جديدة للحقيقة.

يمكن توليد مفهوم الصداقة الفكرية من مصطلح التجاور، بوصفها ارتباطا ذهنيا والتزاما بالوفاء لقيم مشتركة والسعي إلى تطعيم تلك الآصرة المعنوية بحوار مجازي يتم فيه تبادل الكلام والإنصات.

تنسب أغلب تلك اللوحات المتخيلة لرسامين وهميين، بيد أن الفن الروائي انشغل على الدوام بالتحف الفنية الكبرى واللوحات الخالدة لفنانين عالميين كبيكاسو ورامبرانت.

لأن للرواية وجها مخفيا، وصورة مفترضة مفارقة لتحققها الكتابي، فإن الحديث عن النصوص المفردة أو المتسلسلة بات تقليدا روائيا متواترا.

البليغ لن يحتاج إلى صاحب لسان أو بيان، هو فوق الإشارة والاستشارة، كذلك كان شأن المستبدين المفوهين من صدام حسين إلى عبدالناصر وهتلر.

رواية “امرأة النسيان” لمحمد برادة، التي جاءت كامتداد لروايته الطليعية الأولى “لعبة النسيان”.. انتهكت الغلالة التخييلية الآسرة التي سربلت النص الأول.

يبدو البخل الكتابي ترشيدا عقلانيا للقول، ووعيا بمأزق اللغة التي تهيمن على البعض بينما تتحول عند آخرين إلى معدن نفيس

بتجربة سنوات طويلة تأكد لي أن من يسهر على تنظيم لقاء فكري يساهم فيه أدباء ومفكرون وباحثون لا يجول في حسبانه حرمان الحضور من الكلام وطرح الأسئلة.