سيميوني يضع أتلتيكو مدريد على خارطة كبار أوروبا

مسيرة عشر سنوات إيجابية للمدرب الأرجنتيني.
الجمعة 2021/12/24
ترسيخ ثقافة الألقاب

احتفل الأرجنتيني دييغو سيميوني بمرور عشرة أعوام على تولي منصب المدير الفني لنادي أتلتيكو مدريد الإسباني. وعاد سيميوني قبل عشرة أعوام إلى ناديه القديم ليغيّر من التاريخ الحديث للدوري، ونجح في ترسيخ مكانة الفريق بين الثلاثة الكبار في إسبانيا رفقة ريال مدريد وبرشلونة.

مدريد - أقل ما يُقال عن الأرجنتيني دييغو سيميوني أنه اندفاعي وحماسي، لكن بالمعنى الإيجابي للكلمة نظرا إلى الشغف والاندفاع والحماس الذي يحدد شخصية المدرب الذي احتفل الخميس بمرور عشرة أعوام على استلامه دفة القيادة في أتلتيكو مدريد الإسباني.

وصام أتلتيكو مدريد عن لقب الدوري الإسباني منذ عام 1996 حين توج به بوجود سيميوني في صفوفه كلاعب، مكتفيا بمشاهدة العملاقين برشلونة وريال مدريد يحتكران منصة التتويج.

وعاد دييغو إلى الفريق الذي دافع عن ألوانه في مرحلتين من 1994 حتى 1997 ثم من 2003 إلى 2005، لكن هذه المرة كمدرب بالتعاقد معه في ديسمبر 2011 على أمل أن ينقل حماسه واندفاعه وحتى جنونه إلى لاعبي لوس روخيبلانكوس.

عندما استلم الأرجنتيني قيادة أتلتيكو، كان الفريق قابعا في المركز التاسع في منافسات الدوري وخرج للتو من مسابقة الكأس المحلية على يد ألباسيتي، لكنه أنهى الموسم وهو متوج بلقب الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" على حساب المنافس المحلي أتلتيك بلباو ومدربه الأرجنتيني أيضا مارسيلو بييلسا (3 - 0).

وبقيادة لاعبين مثل الحارس البلجيكي تيبو كورتوا، الأوروغوياني دييغو غودين، التركي أردا توران، كوكي (مازال مع الفريق) والكولومبي راداميل فالكاو، أنهى أتلتيكو الدوري بطريقة إيجابية بعدما شق طريقه إلى المركز الخامس.

بداية واعدة

مجموعة متماسكة

بدأ نادي العاصمة الموسم التالي، الأول الكامل لسيميوني كمدرب للفريق، بإحرازه الكأس السوبر الأوروبية على حساب تشيلسي الإنجليزي بطل دوري الأبطال باكتساحه 4 - 1 بفضل ثلاثية من فالكاو، ثم أنهاه بنيل مركز مؤهل إلى دوري أبطال أوروبا وبإحراز الكأس الإسبانية على حساب الجار اللدود ريال مدريد (2 - 1 بعد التمديد). وكوفئ سيميوني على جهوده بتمديد عقده مع النادي لأربعة مواسم إضافية.

وغادر فالكاو إلى موناكو وجاء دافيد فيا، فيما بقي الحماس والطموح دافِعَي سيميوني نحو المزيد من النجاح. ففي 2013 حقق أتلتيكو أفضل بداية دوري في تاريخه بعد فوزه بالمباريات الثماني الأولى، وواصل نتائجه الجيدة حتى نجح في نهاية المطاف بإحراز لقب الدوري للمرة الأولى منذ 1996 بفضل تعادل خطفه في المرحلة الأخيرة أمام برشلونة برأسية غودين.

سيميوني مدد عقده مع النادي حتى 2022، وقاد الفريق إلى الدور ثمن النهائي لدوري الأبطال للمرة السادسة منذ وصوله

ولم يكتفِ أتلتيكو بالتألق محليا، بل بلغ أيضا الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ موسم 1996 - 1997 حين كان سيميوني لاعبا في صفوفه.

وبعد تخلصه من فرق عملاقة مثل ميلان الإيطالي، برشلونة وتشيلسي، وصل أتلتيكو إلى المباراة النهائية لأول مرة منذ 1974، لكن النهاية كانت دراماتيكية إذ خسر لوس روخيبلانكوس أمام الجار اللدود 1 - 4 بعد التمديد في مباراة تقدم خلالها حتى الدقيقة الثالثة من الوقت الضائع، قبل أن يخطف سيرجيو راموس التعادل للنادي الملكي ويجر الفريقين إلى شوطين إضافيين.

وفي صيف 2014 قرر أتلتيكو التغيير فجاء بالمهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان والحارس السلوفيني يان أوبلاك. وكان سيميوني صائبا في خياره إذ تألق غريزمان تحت قيادة الأرجنتيني.

وفي 2015 - 2016 وبعد موسم للتأقلم مع أسلوب أتلتيكو، لعب غريزمان دورا حاسما في قيادة أتلتيكو إلى نهائي دوري الأبطال مجددا وضد ريال مرة أخرى. وتكررت الحسرة، إذ خسر أتلتيكو النهائي بركلات الترجيح بعد التعادل 1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي.

تراجع الأداء

على العهد باق

عانى أتلتيكو في موسم 2016 - 2017 من تراجع في أدائه وبقي يترنّح خلف العملاقين ريال وبرشلونة، فيما انتهى مشواره القاري هذه المرة في نصف نهائي دوري الأبطال على يد ريال مجددا، لكن ما حصل لم يقلل من أهمية سيميوني بين نظرائه وبات ينظر إليه على أنه من أبرز مدربي القارة العجوز والعالم.

فبأسلوب مقفل يعتمد بشكل أساسي على الدفاع لكن مع الحنكة اللازمة للتعامل مع أصعب السيناريوهات، استحق سيميوني أن يمدد عقده حتى 2020.

وفي خريف 2017 عاش أتلتيكو إخفاقا في دوري أبطال أوروبا بعدما ودع المسابقة من دوري المجموعات، لكن هذا الإخفاق فتح الباب أمامه للفوز بلقب الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" للمرة الثانية بقيادة الأرجنتيني وذلك على حساب مرسيليا الفرنسي.

وفي صيف 2018 وبفضل إحرازه الكأس السوبر الأوروبية على حساب ريال مدريد ومدربه الفرنسي زين الدين زيدان، بات سيميوني المدرب الأكثر فوزا بالألقاب في تاريخ أتلتيكو أمام لويس أراغونيس، لكن نادي العاصمة خرج من ذلك الموسم خالي الوفاض على صعيد الألقاب.

أتلتيكو لا يبدو قادرا هذا الموسم على التمسك بلقب الليغا لكن مازال بإمكانه الحلم بلقب أول في دوري الأبطال

وكان صيف 2019 حافلا بالتغييرات في صفوف أتلتيكو مع رحيل غودين، خوانفران، الأخوين الفرنسيين تيو ولوكاس هرنانديز وغريزمان الذي غادر إلى برشلونة ثم عاد إلى فريق سيميوني في صيف 2021. وفي المقابل، تعاقد أتلتيكو مع البرتغالي جواو فيليكس الذي بات أغلى صفقة في تاريخ النادي بعدما دفع 120 مليون يورو لضمه من بنفيكا.

ومدّد سيميوني بدوره عقده مع النادي حتى 2022، وقاد الفريق إلى الدور ثمن النهائي لمسابقة دوري الأبطال للمرة السادسة منذ وصوله، في وقت لم ينجح لوس روخيبلانكوس في الوصول إلى هذه المرحلة سوى 7 مرات خلال 60 عاما قبل حقبة الأرجنتيني.

وتزامنا مع تفشي فايروس كورونا والأثر السلبي الذي تركه على الأندية في أوروبا بأكملها، قرر سيميوني أن يدخل تعديلا على أسلوبه في اللعب من أجل منح القوة الهجومية التي يملكها فرصة التعبير عن إمكاناتها.

وأعطى ذلك ثماره، إذ تمكن سيميوني من قيادة الفريق إلى لقب الدوري الإسباني الموسم الماضي، متقدما على غريميه ريال وبرشلونة تواليا.

ولا يبدو أن أتلتيكو قادر هذا الموسم على التمسك بلقب "لا ليغا"، إذ ينهي عام 2021 وهو متخلف بفارق 17 نقطة عن ريال المتصدر بعد سقوطه في المراحل الأربع الأخيرة، لكن مازال بإمكانه الحلم بلقب أول في دوري الأبطال بعدما بلغ ثمن النهائي حيث سيتواجه مع مانشستر يونايتد الإنجليزي.

19