سياسيون.. تُجّار.. غوغاء: من يحكم العراق؟

مرضى نفسيون سلطوا على حكم العراق بتواطؤ خارجي جَمعَهُم من أرصفة بلاد الضباب وشوارع المَهجر وحارات المُعدمين وأزقّة التسوّل لِيصنع منهم سُلطة الحُكم بمرسوم واعتراف دولي وغِطاء لا يُريدون رفعهُ.
الأربعاء 2022/09/14
عالَم مُتناقِض في كُلّ شيء

هو عالَمٌ كَتبوا لهُ عِنوان السياسة، لكنّه في حقيقة الأمر لا ينتمي إليه اللاعبون.

أبلغ معنى لِتوصيف عاهر في سوق البَغايا، أو مُشاهدة فيلم مُمل قَرَف المُشاهد من مُتابعته ليُصبح في النهاية وقتا مُستقطعا من زمن شعب يُخبرهم أن سوء قَدرِهم وحلكة أيامِهم وابتهالات الصالحين التي صَعدتْ إلى السماء وكأنها كانت تتنبأ لهم بالمكان والزمان الخطأ.

عالَم مُتناقِض في كُلّ شيء يصعُب تفسيره أو حتى تعريفه بوجود شخصيات سُلطوية مُتناقِضة أو حتى كارتونية تؤدي أدواراً مُضحِكة في مشاهد لِرسوم الأطفال المُتحركة تُدير منظومة هذا الفضاء الواسع الذي اسمه السياسة.

أمزجة مُتقلِبة لِكائنات تُوضع في قوالب بشرية وضعها سُوء القَدر وسَواد الحظّ لِتتحكّم بشعب تاريخه الحضاري أكثر من 6000 عام.

◙ أكثر من 19 عاماً لم تخمدْ عندهم شهوة الانتقام ورغبة الثأر من هذا الشعب لأمراضٍ وعُقد نفسية تُصوّر لهم أن المواطن الذي تحمّل سَنوات الحروب والحِصار والجوع هو المسؤول عن شتاتهم في بلاد الضباب

منظومة هجينة لا تُفرّق بين عِنوان الوطني والعميل، أو الأصيل وذلك الذي جاء واستوطن الأرض من وراء الحدود، حتى بات الشعب يَشُك في نفسه أنه رُبما يكون هو السبب في الفوضى والخَراب وتدمير البلد.

حتى الوحوش المُفترِسة عندما تنقضّ على فرائِسها لالتهامها فإنها تأخُذ حيناً من الزمن لكي ترتاح وتُعاود دورة حياة الانقِضاض، إلّا هؤلاء المُتحكّمون بِمصائر هذا الشعب وحياته فإنهم لا يشبعون ولا يملّون من الانقِضاض والنَهمّ والكَذِب أيضاً.

استفادوا ببراعة وأجادوها في حياتهم من نظرية غوبلز وزير الدعاية الألماني “اكذب.. ثم اكذب.. حتى يُصدّقك الناس”، فظلّوا طوال عقدين وهم يكذِبون ويُخادعون لإقناع السُذّج والبُسطاء وحتى الذين يُريدون أنّ يُصدّقوا أكاذيبهم بالرغم من عِلمهم أنهم يَكذِبون، والغريب أنّهم لا يتعبون من هذا الكَذِب والخِداع، فَتراهم كُلّ حين كالحرباء يُغيّرون جلودهم حسب ما تقتضيه مصالحهم ومنافعهم، ولهذا تراهم لا يترددون بإهلاك الحَرْث والنسل لو اقتضت ضرورات نزواتهم.

تَمعّنوا في أفعالهم ستجدون غرابيب سُودا استباحتْ كُل شيء ابتداءً من الوطنية والسيادة مروراً بمفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية عندما انتهتْ في أزمانهم الصِناعة وأُغلقتْ المعامل وأصبحت الأرض جرداء قاحِلة بلا زرعٍ وضاع التعليم وانتهى الطِب وأفِلَ نجم العراق في زمنهم، ووصلتْ أياديهم حتى إلى النسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي بفعل دسائسهم وخبائثهم الطائفية والمذهبية والعِرقيّة.. فَهلْ أبقوا فَساداً ومَفسدةً لم يقترفوها؟

حَوّلوا شعباً كان يُعتبر من أغنى شعوب المنطقة إلى شعب فقير يتسوّل حتى الكهرباء، أصبح المواطن في زمنهم يبحث في القُمامة عن شيءٍ يأكُله أو حتى لِيستُرَ جوعهُ، تُرى هل يُمكن توصيف هذه المشاهد بأننا وصلنا إلى الضَحالة؟ كلا.. فهي مشاهد توصيف الضَحالة نفسها.

يعيشون حياة الملوك والأمراء والسلاطين وهم الذين يذرفون الدموع وتحمل أدبياتهم بين سُطورها ذلك الفقر والزُهد والوَرع لأهل البيت (ع). هل هُم سياسيون أم تُجّار أو حتى غوغاء؟ لا نعلم.. فقد ضاعتْ البوصلة في تحديد الاتجاه.

◙ أمزجة مُتقلِبة لِكائنات تُوضع في قوالب بشرية وضعها سُوء القَدر وسَواد الحظّ لِتتحكّم بشعب تاريخه الحضاري أكثر من 6000 عام

أكثر من 19 عاماً لم تخمدْ عندهم شهوة الانتقام ورغبة الثأر من هذا الشعب لأمراضٍ وعُقد نفسية تُصوّر لهم أن المواطن الذي تحمّل سَنوات الحروب والحِصار والجوع هو المسؤول عن شتاتهم في بلاد الضباب، والشعب الذي كان يرزح تحت حُكم الجلّاد كان مُتواطئاً معه بِتسكّعهم وتسوّلهم.

عُقدة النقص التي يحملونها أعمَتْ قلوبهم وأزاحتْ أبصارهم وبصيرتهم عن الواقع والحقيقة، لذلك من الصعب، بل من المُستحيل إصلاح أحوالهم أو شفاؤهم لأنهم هكذا صاروا وأصبحوا ولن يُغادروا قواقعهم، هؤلاء اليوم الجُزء الأكبر من مُشكلة العراق وليس الحلّ ومُخطئ من يطلب منهم الإنقاذ.

أمراض نفسية من الصعب شفاؤها تحملها شخصيات سَطَتْ على الحُكم بِغفلة من الزمن، وتواطؤ خارجي جَمعَهُم من أرصفة بلاد الضباب وشوارع المَهجر وحارات المُعدمين وأزقّة التسوّل لِيصنع منهم سُلطة الحُكم بمرسوم، واعتراف دولي وغِطاء لا يُريدون رفعهُ لكي لا يَكشف عَورتهم وخطاياهم التي أنتجَتْ نِظاماً مُعاقاً ومُشوّهاً يُريد تسيير الوضع على ما هو عليه ومحاولات لإبقائه أطول فترة مُمكنة.

لكنْ فات الجميع أن جهاز التنفس الاصطناعي مهما طال عمله لإدامة حياة المُحتضر لا بد أن يأتي ذلك اليوم الذي يُرفع فيه الجهاز عن المريض لِيُعلن وفاته رسمياً، وذلك هو ما قد يؤول إليه النظام السياسي في العراق في النهاية.

9