سولاري بين طيفين

سولاري لم يتمكن من ارتداء "ثوب" زيدان، ولم يقدر على إبقاء طيف "زيزو" في الديار، وعليه فـ"الكاستينغ" بدا فاشلا والاختيار لم يكن صائبا، ليكون الريال أكبر المتضررين.
الأحد 2019/03/03
سكولاري من الصعب أن ينجو من "مقصلة" الإقالة

يتفق الجميع على أن ريال مدريد لا يعيش حاليا أفضل فتراته، لقد خسر للتو أحد أهم أهدافه هذا الموسم، إذ ودّع مسابقة كأس الملك بطريقة درامية ومذلة، كيف لا وهو من خسر أمام الغريم التقليدي برشلونة في عقر الدار بثلاثية أنهت حلمه في النهوض مجددا محليا.

صفعة تلو الأخرى، وكبوة تليها كبوات وحال الريال لم يتبدّل كثيرا، لقد باتت “عقدة” برشلونة أشبه بلعنة مستحدثة منذ سنوات، لكنها في الطريق إلى أن تكون أزلية، فـ”البارسا” أصبح يهزم الريال “رايح جاي”، وأصبح يتلذذ في “تعذيبه” كلما سنحت له الفرصة.

لكم أن تتخيلوا أيها السادة أن برشلونة تغلب على الريال في عشر مناسبات كاملة في مدريد بالذات خلال العشرية الأخيرة، لكم أن تتخيلوا أن برشلونة “بعثر” كبرياء الريال في أكثر من مناسبة بعد أن هزمه بفارق عريض، ربما أقساها نتيجة (6ـ2) سنة 2009، لكن ربما أكثرها إيلاما الهزيمة الأخيرة بثلاثية كاملة، الأمر الذي جسم هذه العقدة.

برشلونة هذا الموسم كشف عيوب الريال، إذ هزمه في مباراة الذهاب لحساب الدوري بخماسية كاملة فأطاح بالمدرب السابق لوبيتيغي ليأتي بعده سانتياغو سولاري، لكن هذا الأخير نال بدوره “صفعة” مؤلمة من الغريم الذي قضى على مساعيه لإنهاء احتكار برشلونة كأس إسبانيا خلال السنوات الخمس الأخيرة.

بيد أن الأهم من ذلك أنه كشف “عورة” الفريق، وبيّن قصور هذا المدرب الذي جاء مؤقتا خلال المراحل الأولى من الدوري قبل أن يصبح مدربا دائما، فالجميع توقع منه أن يتقمص ثوب زين الدين زيدان، لكن كل المعطيات الراهنة تكشف أن سولاري ليس زيدان وأن التجربة السابقة مع الفني الفرنسي هي تجربة استثنائية متفردة من الصعب للغاية أن تتكرر.

من الصعب على سكولاري أن يسير على درب زيدان وينجو من “مقصلة” الإقالة في نهاية الموسم، خاصة وأن كل المؤشرات الحالية تفيد بأن برشلونة يسير واثق الخطى نحو الحصول على لقب الدوري.

لقد سيطر “طيف زيزو” في الأرجاء، وطبعت إنجازات أسطورة النادي أركان القلعة البيضاء، فزيدان غطى كل النقائص المحلية بتألق تاريخي غير مسبوق في دوري الأبطال، لقد هيمن على المسابقة طيلة ثلاث سنوات متتالية، وعزّز الرقم القياسي لـ”الميرنغي”، ببساطة صنع التاريخ الحديث للريال.

لكن ماذا فعل سولاري إلى الآن؟ ربما توهم البعض أنه سيبقي “طيف” زيدان في البيت الملكي، فحتى وإن رحل “زيزو” فإن سولاري سار من قبل على الدرب ذاته، كان لاعبا سابقا في الفريق وكان من أبرز مهاجميه قبل أن ينتقل إلى تدريب الفريق، إذا فهو يملك سيرة ذاتية مشابهة لزيدان.

رغم ذلك، فإنه فشل ومن الصعب عليه للغاية أن يحقق المعجزة وينقذ موسمه الأول مع الريال، خاصة وأن المستوى الراهن لا يخوّل للفريق أن ينافس بقوة كعادته على لقب دوري الأبطال.

أتدرون لماذا فشل هذا المدرب؟ الإجابة بسيطة فهو لا يملك “كاريزما” زيدان وقوة تأثيره في الفريق، هو لا يملك الهداف الأسطوري رونالدو الذي غادر الريال في أعقاب الموسم الماضي، هو لا يملك القدرة على حسن توظيف قدرات اللاعبين وتطوير مهاراتهم.

فسولاري أبعد إيسكو منذ فترة ولم يجتهد كي “يفجر” طاقات اللاعب هذا الموسم مثلما كان يفعل زيدان، لقد افتقد الحكمة والصبر في تعامله مع لاعبين آخرين مثل غاريث بيل الذي أحاله على دكة البدلاء ولم يقدر على جعله لاعبا محوريا في الفريق.

هذا المدرب فشل في تطوير أداء الموهبة أسونسيو الذي كان الكل يتوقع له مستقبلا باهرا خاصة بعد تألقه اللافت الموسم الماضي، المدرب ذاته لم يساعد مارسيلو كي يستعيد مؤهلاته ويساعد كعادته الريال في الأوقات الحرجة.

إذا فـ”الكاستينغ” فاشل واختيار سولاري لم يكن صائبا، وفي المحصلة يبدو الريال في الطريق نحو الخروج بخفي حنين.

من المؤكد أيضا أن إدارة النادي برئاسة فلورنتينو بيريز تتحمل جانبا كبيرا من المسؤولية، فهذه الإدارة تعاملت مع خروج رونالدو بكثير من الكبرياء “الأحمق” فلم تسارع بإبرام صفقة “سوبر” من أجل سد الفراغ الرهيب الذي تركه “صاروخ ماديرا”.

إدارة النادي الملكي تعاملت بلامبالاة واستخفاف مع استقالة زيدان، فارتكبت خطأ أول بتعيين لوبيتيغي الذي لم يكن أسلوبه يناسب الفريق ثم ارتبكت خطأ آخر بمنح سولاري “ثوب” زيدان، رغم أنه لا يقدر على ارتدائه، ولا ينفع كي يبقي طيف “زيزو” في الديار.

في خضم هذه المعطيات فإن سولاري بات محاصرا من كل صوب وحدب، لقد طارد “طيف” زيدان لكنه لم يفلح، واليوم فإنه بات مطاردا من “طيف” آخر، هو طيف المدرب السابق للريال جوزيه مورينيو الذي رشحه الإعلام الإسباني كي يخلف المدرب الحالي، حينها سيغيب نهائيا طيف زيدان ويذهب سولاري في حال سبيله، وعند ذلك سيبدأ الفريق مرحلة البناء من جديد علّه يقدر على إنهاء “عقدة” برشلونة.

23