سورية تملأ فراغها وتكسب رزقها من لف الورق

أفكار مبتكرة تخلق دخل قار لشابة سورية أثناء وبعد الحجر الصحي.
السبت 2021/11/13
هواية مربحة

الأفكار المبتكرة والفريدة هي السبيل لخلق مورد رزق، فالشابة السورية ساندرا بغدان تعلقت خلال فترة الحجر الصحي زمن كورونا بفن لف الورق لتتقنه وتبعث مشروعها لمجسمات متنوعة يدر عليها دخلا بدلا عن انتظار طويل لوظيفة قد لا تأتي.

دمشق - أرادت الشابة العشرينية ساندرا بغدان ملء وقت فراغها الطويل في فترة الحجر الصحي إثر انتشار جائحة كورونا، فاكتشفت شغفها بفن لف الورق وطورت مهاراتها بمتابعة مقاطع فيديو عبر الإنترنت ليتحول مع الوقت إلى مشروع صغير ونافذة لفرص أخرى.

ولفّ الورق هو عبارة عن فن ترتيب شرائط ورقية ملونة وثنيها إلى شرائح صغيرة لإنشاء أعمال فنية باستخدام أدوات بسيطة من أوراق ملونة وصمغ وورق كرتون مقوى لصنع اللوحة.

من داخل منزلها بمنطقة القصاع بالعاصمة دمشق خلقت بغدان فرصة عمل، حيث أطلقت مشروعها الخاص في لف الورق والذي تصفه خلال حديثها لوكالة الأنباء السورية (سانا) بأنه من الفنون الدقيقة والجميلة ويحتاج إلى إبداع لتصور شكل المجسم قبل إنشائه وابتكار طريقة لصنعه وصبر ودقة في لف الأشرطة الورقية الملونة المقصوصة بشكل حلزوني ثم تلصق ببعضها البعض للحصول على مجسمات بأشكال متنوعة.

وعن فكرة المشروع وبداياته تذكر بغدان أنها وخلال فترة الحجر الصحي التي فرضتها في البداية ظروف انتشار فايروس كورونا استغلت ذلك الوقت لمشاهدة مقاطع فيديو تعليمية عن الحرف والمهارات اليدوية عبر الإنترنت وطورت مهاراتها بلف الورق، وبعد تخرجها من كلية السياحة لم تبحث عن وظيفة ككثير من المتخرجين بل اتخذت قرارها بشق طريقها بنفسها والبدء بمشروعها الخاص.

وتشير بغدان إلى أنها تسوّق منتجاتها التي تلبي مختلف الأذواق والمناسبات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما تعرضها من خلال مشاركاتها بالبازارات مع مواصلة تطوير موهبتها التي باتت تدر عليها دخلا مقبولا وتسعى للاحتراف في هذا العمل.

ومن غير المعروف على وجه الدقة متى وكيف بدأ هذا الفن، لكن بعض المؤرخين والباحثين يقولون إنه بدأ في أوروبا ويعود إلى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، والبعض يقول إنه نشأ في شرق قارة آسيا، وتحديدًا في الصين قبل 200 عام.

لفّ الورق هو فن ترتيب شرائط ورقية ملونة وثنيها إلى شرائح صغيرة لإنشاء أعمال فنية باستخدام أدوات بسيطة من صمغ وورق مقوى لصنع اللوحة

ووفق رأي بغدان فإن معظم الشباب في هذه الأيام يرغبون في اقتناء هدايا مصنوعة يدويا بحرفية عالية لما تملكه من جمال وإتقان في طريقة تشكيلها وروح صانعها، مبيّنة أنها تستوحي أفكار منتجاتها من خيالها أو حسب رغبة المقتني، كما أنها تستعين بالإنترنت للتعرف على تصاميم جديدة.

وفتحت موهبة بغدان أمامها أبوابا أخرى منها تدريب الأطفال على الأشغال اليدوية في المدارس الصيفية بالاستفادة من بعض مخلفات المنازل لإعادة تدويرها بطريقة فعالة. وتنصح بغدان كل الشباب من عمرها بأن يستغلوا طاقاتهم بشيء يعود عليهم بالفائدة وصقل مواهبهم والاستفادة من الإنترنت في تعلم مهارات جديدة دون أي تكلفة قد ترتبها الدورات وغيرها.

وفيما يعتمد لف الورق على أدوات بسيطة كالإبرة والخيط والمقص والأوراق والغراء اللاصق والمشرط والقلم، كما تذكر بغدان، لكنها تواجه حاليا صعوبات تتعلق بقلة توافر المواد الأولية وعدم استقرار أسعارها فضلا عن التعب الجسدي الذي قد يصيبها نتيجة الجلوس لساعات طويلة في وضعية واحدة، مبينة أن الإعجاب والإقبال اللذين تلقاهما منتجاتها ينسيانها التعب ويشعرانها بالرضا عن أدائها ويشكلان حافزاً لها لمواصلة العمل.

بغدان ليست الوحيدة من السوريات اللاتي يعشقن فن لف الورق ويكتسبن منه رزقهن، ففي مدينة سلقين بريف إدلب الشمالي تعلمت دلال العابد هذا الفن منذ صغرها، فقد بدأت هوايتها بالرسم مذ كانت تقيم مع عائلتها بمدينة حلب، حيث اكتشفت معلمتها موهبتها وشجعتها على الدخول في مسابقة الرواد في حلب.

وعملت على صنع عدة مجسمات من بقايا الأوراق والكؤوس الورقية، وأقامت معرضاً لها بالتعاون مع المنظمة التي عملت على توفير المواد الأولية والأشرطة لصنع المجسمات والمعرض.

وانتقلت بعدها إلى تدريب مجموعة من النساء على هذا الفن الذي يعتبر جديداً في مناطق الشمال السوري، حيث شهدت الدورة إقبالاً ضعيفاً من النساء لتعلم هذا الفن الذي سيمكنهن من كسب رزقهن في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

20