ثمة نوع من أنواع اليسار، يوشك أن يدمر اليسار باسم اليسار، فلا يبقي منه باقية. إنه يسار متخصص في تبرير أسوأ المواقف وأرذل التحالفات، بدعوى "النسبية الثقافية".

إندونيسيا أكبر بلد ذي غالبية مسلمة، نموذج للإسلام المتسامح، بل النموذج الأهم؛ دليل آخر على أنّ الإسلام يمكنه أن يتصالح مع قيم الحياة.

نوشك على أن نخسر الحرب على الإرهاب، نوشك على أن نخسرها بكل المقاييس. لن يتعلق الأمر بمجرد هزيمة عسكرية للجيوش، ولا بمجرد هزيمة سياسية للأنظمة، بل سيتعلق الأمر بهزيمة حضارة برمتها.

الإسلام السياسي قام بتسييس الدين، ثم حول السياسة إلى مجرد حالة انفعالية، فانتهى مآل التجربة برمتها إلى تدمير السياسة من جهة، وتبذير الإرث الروحي للمسلمين من جهة ثانية.

المعركة ضد التطرف الديني أو ضد الإرهاب أو ضد الاحتلال، هي نفس المعركة بمختلف جبهاتها، معركة الحداثة السياسية في كل مناحيها وأنحائها. ذلك أن الحداثة مرحلة لا يدرك بعضها دون بعضها الآخر.

لا نستطيع مواجهة الاحتلال الخارجي عن طريق الاستبداد الداخلي، مهما أطلقنا على هذا الاستبداد من أسماء مغرية: المقاومة، الممانعة، الثورة، أو نحوها. بلغة بليغة لا يمكننا مواجهة الغزاة بالطغاة.

كتائب عبدالإله بن كيران المجندة نجحتْ في إقناع الناس بأن نصرة الإسلام قد تأتي على حساب العيش الكريم، وبأن الزيادة في الصلوات أعظم أجرا من الزيادة في الأجور.

في تونس لم يكن ثمة من فراغ. كانت هناك المرأة التونسية، كان هناك الجيش التونسي، كان هناك المجتمع المدني والمثقفون الشباب، وكان هناك أيضا، إرث باق لرجل دولة كبير قُدر له أن يحكم بلدا صغيرا.

الموقف من الإسلام عموما، ومن الإسلام السياسي على وجه الخصوص، أصبح حاضرا بقوة، بل حاسما في الكثير من الأحيان. وبالجملة، لقد انتقل الإسلام من مجرّد "مسألة شرقية" إلى "مشكلة غربية".

ليست الديمقراطية عصا سحرية تحل المشكلات من تلقاء نفسها كما يتوهم أنصار الشعبوية والفوضوية وغزوات الصناديق، بل لعلها تعاني من خلل كامن فيها يجعلها عرضة للانهيار من الداخل.

مآلات ما سمي بالربيع العربي قد عصفت بجميع الأوراق على حين غرة، وظهر جليا أن الرهان على احتواء التطرف الديني من داخل منظومة الإسلام السياسي لم يكن رهانا موفقا.

إجمالا، وفي النهاية، فإن الأستاذ راشد الغنوشي، “كبير الوسطيين”، و“شيخ المعتدلين”، يوشك أن يحذركم من حيث يحسب أو يحتسب “لا تثيروا غضبنا... لا تثيروا غضبنا...” فهل وصلتكم الرسالة؟

من المرجح أن يكون اليمين المتطرف في المجتمعات الغربية هو المستفيد الأول من كل عملية إرهابية يقترفها مسلمون متطرفون مهاجرون أو من أصول مهاجرة، فهل يعني ذلك أن اليمين المتطرف هو الذي يقف وراء شبكات تجنيد الجهاديين؟

الانفعالات السلبية ساقتنا إلى تصور احترابي عدواني للعلاقات بين الدول والحضارات والبشر، بحيث أصبحت خطاباتنا الدينية مفعمة بعبارات من قبيل "أعداء الإسلام"، "أعداء الملة"، "أعداء الدين"، "أعداء الأمة"، "أعداء المقاومة".