سريان كوفيد أكثر اعتدالا لدى المصابين بالمتحوّر أوميكرون

المصابون بالسلالة الجديدة من كورونا يتحملون المرض بسهولة أكبر.
الثلاثاء 2021/12/07
أوميكرون يترك الباب مفتوحا لفرضية متفائلة

يتوقع العلماء أن يكون المتحور الجديد “أوميكرون” أقل فتكا من المتحورات السابقة وخصوصا “دلتا”. وتشير البيانات المتوفرة إلى أن جميع الحالات المكتشفة في أوروبا إما دون أعراض أو مصحوبة بأعراض خفيفة. وأكد الخبراء أنه إذا كان أوميكرون شديد العدوى ولكنه لا يسبب كوفيد – 19 شديدا فقد يمنح مناعة جماعية ويساهم في تحويل سارس كوف – 2 إلى فايروس موسمي حميد.

جنيف – قالت ماريا فان كيركوف الخبيرة بقسم الأمراض الطارئة في منظمة الصحة العالمية إن المعطيات الأولية تدل على أن سريان كوفيد – 19 يكون أكثر اعتدالا لدى المصابين بمتحور أوميكرون.

وأضافت أن البيانات الأولية تشير إلى أن المصابين بهذا المتحور من فايروس كورونا، بشكل عام، يتحملون المرض بسهولة أكبر، لكن تأكيد ذلك لا يزال سابقا لأوانه حاليا.

وأشارت الخبيرة إلى أن الأمر قد يستغرق عدة أسابيع قبل أن نفهم حقا كم من المصابين بالمتحور الجديد سيعانون من تفشي خطير للمرض.

وحذّرت الخبيرة من أنه حتى مع وجود مسار معتدل للمرض قد تحدث زيادة كبيرة في عدد حالات العلاج في المستشفى. وشددت على أن زيادة عدد حالات العلاج في المستشفى قد تؤدي إلى زيادة معدل الوفيات. وفي وقت سابق ذكرت منظمة الصحة العالمية أن المتحوّر الجديد لم يتسبب في أي وفيات بعد.

وأطلقت منظمة الصحة العالمية اسم أوميكرون على أحدث متحورات كوفيد – 19، والذي ظهر لأول مرة في جنوب أفريقيا ووصل الآن إلى أكثر من 20 دولة في جميع القارات.

وتم التعرف على أوميكرون قبل نحو أسبوع، ولذلك مازال أمام العلماء المزيد من العمل لفهم مدى تأثيره على مسار الوباء في العالم.

ولا يعلم العلماء حتى الآن أصل المتحور. وقال عالم الأوبئة في جنوب أفريقيا سالم عبدالكريم إنه وقع اكتشاف أوميكرون أولا في بوتسوانا ثم في جنوب أفريقيا حيث تم الإعلان عن المتحور الجديد في الخامس والعشرين من نوفمبر الفارط.

جميع الحالات المكتشفة في أوروبا “إما دون أعراض أو مصحوبة بأعراض خفيفة”، وفقا للمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض

وأعلنت السلطات الهولندية أنه قبل ستة أيام من ذلك -وتحديدا في التاسع عشر من نوفمبر- ثبتت إصابة فرد بما تبين أيضا أنه متحور أوميكرون. ومع ذلك قالت منظمة الصحة العالمية إنه تم تحديد أول حالة مؤكدة مخبريا معروفة من عينة جمعت في التاسع من نوفمبر 2021، دون تحديد المكان.

وقال جان فرانسوا دلفريسي رئيس المجلس الاستشاري العلمي للحكومة الفرنسية “من المحتمل أن يكون قد وقع تداوله في جنوب أفريقيا لفترة أطول مما كنا نعتقد؛ أي منذ أوائل أكتوبر”.

وفي اليوم التالي لإعلان جنوب أفريقيا عن المتحور الجديد أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم أوميكرون المستوحى من الأبجدية اليونانية، تماما مثل ما فعلته مع المتحورات السابقة من كوفيد – 19، وصنفته “مثيرا للقلق”. ويعتمد هذا التصنيف على خصائص أوميكرون الجينية، وأيضا على كيفية تأثير هذه الخصائص في السكان حتى الآن.

ويُترجم التركيب الجيني الفريد لأوميكرون إلى تغييرات متعددة في بروتين spike، والتي قد تجعله أكثر عدوى ومن الصعب السيطرة عليه عن طريق اللقاحات الحالية، ولكن هذه الاحتمالات لا تزال نظرية حتى الآن.

وحث رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا المواطنين على الحصول على اللقاح ضد فايروس كورونا دون تأخير، وذلك في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لمواجهة ارتفاع حالات الإصابة التي تحتاج إلى الرعاية في المستشفيات بسبب متحور أوميكرون.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن رامافوسا قوله إنه يعتزم عقد اجتماع مع المجلس الوطني لقيادة الوضع الوبائي قريبا كي تتم مراجعة وضع الجائحة في البلاد.

إذا وقع استنساخ نمط الانتشار في جنوب أفريقيا في أوروبا فقد يشكل أوميكرون غالبية حالات كوفيد – 19 في غضون بضع أشهر

وأضاف “على الرغم من أننا لا نعلم بعد ما مدى تأثير متحور أوميكرون على نسبة الحالات التي تحتاج إلى رعاية المستشفيات، فقد قمنا بإعداد المستشفيات لاستقبال المزيد من المرضى، ونعمل على التوصل إلى سبيل لتوفير الأدوية سريعا لعلاج مرضى كورونا”.

وقالت إحدى الخبيرات من بين الخبراء الذين ابتكروا لقاح أكسفورد – أسترازينيكا إن الجوائح المقبلة قد تزهق عددا من الأرواح يفوق ما أزهقته جائحة كورونا، وطالبت بعدم تبديد الدروس المستفادة من الجائحة الحالية.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن سارة جيلبرت قولها في محاضرة تلفزيونية تذكارية “هذه المرة لن تكون الأخيرة التي يهدد فيها فايروس أرواحنا وأرزاقنا. والحق أن المرة المقبلة قد تكون أسوأ؛ فقد تكون أكثر نشرا للعدوى أو أكثر إزهاقا للأرواح أو كليهما”.

وأضافت “لا يسعنا أن نسمح بوضع نمر فيه بكل ما مررنا به ثم نكتشف أن الخسائر الاقتصادية الهائلة التي ألمت بنا تعني أننا لا نجد مع ذلك التمويل اللازم للاستعداد للجائحة… يجب ألا يتبدد ما حققناه من تقدم وما اكتسبناه من معارف”.

ويدرس العلماء في جميع أنحاء العالم مسألة مدى عدوى أوميكرون وشدة المرض الذي يسببه وما إذا كان أكثر مقاومة للقاحات. وقالت منظمة الصحة العالمية إن العملية ستستغرق على الأرجح أسابيع. ويعد متحور دلتا حاليا هو الأكثر انتشارا في جميع أنحاء العالم.

Thumbnail

والمتحورات المتنافسة بشكل طبيعي والتي تطورت بعد دلتا (مثل الأقل شهرة مو ولامبدا) لم تتمكن البلدان من تجاوزها ولكن انتشار أوميكرون في بعض المناطق يشير إلى أن ذلك ممكن.

وقال المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض إنه إذا وقع استنساخ نمط الانتشار في جنوب أفريقيا في أوروبا فقد يشكل أوميكرون غالبية حالات كوفيد – 19 في غضون بضع أشهر.

ومع ذلك لم يكن دلتا حاضرا أبدا في جنوب أفريقيا، لذا من الصعب إجراء مقارنة مع أوروبا في هذه المرحلة. وقال الخبير الأميركي إيريك توبول إنه ليس من الواضح ما إذا كان انتشار “أوميكرون ناتجا عن انتقال كبير، مثل دلتا، أو عن التهرب المناعي”.

ويحدث التهرب المناعي عندما يمكن للفايروس أن يصيب شخصا اكتسب بالفعل مناعة إما من عدوى سابقة أو من التطعيم. وقالت طبيبة من جنوب أفريقيا إنها عالجت نحو 30 حالة من أوميكرون ولم تظهر سوى “أعراض خفيفة” على هذه الحالات. وحذر المجتمع العلمي من استخلاص استنتاجات بناء على هذه الشهادة لأن المرضى كانوا في الغالب من الشباب وأقل عرضة للإصابة بكوفيد – 19 الحاد.

وإلى حد الآن جميع الحالات المكتشفة في أوروبا “إما دون أعراض أو مصحوبة بأعراض خفيفة”، وفقا للمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض. وهذا لا يعني أن أوميكرون لن يسبب حالات كوفيد – 19 خطيرة، لكنه يترك الباب مفتوحا لفرضية متفائلة ونادرة.

وغرد عالم الفايروسات الفرنسي برونو كانار عبر تويتر “إذا كان أوميكرون شديد العدوى ولكنه لا يسبب كوفيد – 19 شديدا (ولا يملأ أسرّة المستشفيات) فقد يمنح مناعة جماعية ويساهم في تحويل سارس كوف ـ 2 إلى فايروس موسمي حميد، ما سيساعد على إنهاء الأزمة”.

لكنه أضاف أن مثل هذا السيناريو سيكون “ضربة حظ”. مرة أخرى، من السابق لأوانه الإقرار بما إذا كانت اللقاحات ستكون أقل فاعلية ضد انتقال العدوى أو الإصابة بأمراض خطيرة من أوميكرون مقارنة بالأنواع الأخرى. ويجدر البحث عما إذا كانت الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات الحالية لا تزال تعمل، وما إذا كانت لا تزال تمنع المرض الشديد.

وفي انتظار بيانات العالم الحقيقي يحاول العلماء التوصل إلى نتيجة لهذا البحث من خلال الاختبارات المعملية. ويوضح العلماء أنه حتى لو كانت اللقاحات أقل فاعلية ضد أوميكرون فهذا لا يعني أنها ستكون غير فعالة تماما.

وبالإضافة إلى استجابة الأجسام المضادة التي يمكن أن تضعف بسبب الطفرات في أوميكرون فإن الجسم لديه استجابات ثانوية للخلايا التائية التي يمكن أن تحمي من المرض الشديد. ويتوقع الخبراء أن استجابة الخلية ستكون فعالة جزئيا ضد أوميكرون.

17