سرديات الخوف تحاكي حال الإنسان السوري بانفعالات لونية

دمشق- يستضيف غاليري عشتار في دمشق معرضا فرديا جديدا للفنان التشكيلي محمود الجوابرة بعنوان “سرديات الخوف”.
وكان الجوابرة قد أعاد صياغة مكونات مستوحاة من الواقع لتقديمها ضمن رؤية تعبيرية خاصة في معرضه الفردي الجديد الذي يضم 30 لوحة بتقنية الألوان الزيتية وبأحجام متوسطة تظهر مضامينها بأسلوب تعبيري فيه الكثير من العفوية في تركيبة الألوان وتداخلاتها مع الإدهاش في التكوينات المقتربة من السريالية أحياناً.
وعن المعرض قال الفنان الجوابرة إن “معظم الأعمال التي قدمتها في سرديات الخوف تحاكي حال الإنسان السوري والظروف الصعبة التي يعيشها بمختلف أوجهها الإنسانية والاقتصادية فمن الطبيعي أن يعبر الفنان عن مجتمعه”.
واعتبر أن الحرب التي عاشها الشعب السوري زادت من قصص الخوف وراكمت سرديات كثيرة لدى بعض الأشخاص وعبر عنها في لوحاته على شكل انفعالات لونية وتشكيلات فنية.

وأوضح الجوابرة أن لوحاته مليئة بحالة من القلق تحت عناوين كثيرة مرتبطة بالحالة التي يعيشها الإنسان السوري، حيث اختار مواضيع تتناغم مع رؤيته الخاصة مثل لوحة بحيرة الزفت التي تعبر عن بحيرة فاضت وراحت تنشر الموت من حولها.
والفنان هو أحد أكثر الفنانين المتضررين من الحرب المستمرة في سوريا، إذ فقد مرسمه في مدينة درعا عام 2012 مما دفعه إلى المغادرة إلى دمشق ليقيم فيها ويعمل على تقديم معارض فردية تبحث في الحرب وتأثيراتها العميقة في النفس البشرية وقدرتها الكبيرة على تطوير وإعادة إنتاج الهوية الإنسانية بطريقة مختلفة عما كانت في السابق.
ووصف الفنان التشكيلي عصام درويش تجربة الفنان الجوابرة بـ”القديمة المتطورة عبر عدة محطات”، مبيناً أن الجوابرة يعمل على لوحته غالباً دون تحضيرات مسبقة ورغم اعتماده أشكالا واقعية إلا أنها تبدأ في التحول إلى عوالم تخرج عن صورتها الأولى في حوار بصري يعتمد اللون في مساحات مترعة وكأنما ينحت اللون نحتاً.
وأوضح درويش أن الجوابرة في هذا المعرض يتابع منهجه التصويري في اختراع أجواء ملحمية كما يبدو في وصفه لقطاره في محطة درعا الذي رسمه بحميمية واضحة في العديد من أعمال المعرض وصوره مثل صديق قديم مخترعاً له أجواء تقترب من السريالية التي تضعه في مصاف النبلاء الآفلين وفق تعبيره.
ومحمود الجوابرة فنان تشكيلي سوري تخرج عام 1972 من معهد الفنون الجميلة، وبدأ العمل من محافظته الجنوبية درعا، حيث قدّم أعمالا عن البيئة، واحتك في فترة من حياته المبكرة بالثقافة الإسبانية، فتعرف على إبداعات قامات فنية إسبانية هامة.
وأقام الجوابرة في بدايته العديد من المعارض الفردية في مدينته درعا، ثم قدّم في دمشق معارض عديدة، وفي عام 1982 دعاه مدير مهرجان “دول البحر الأبيض المتوسط” الإيطالي جينو لوكابيتو لإقامة معرض على هامش المهرجان الثالث لدول المتوسط في مدينة كونفيرسانو الإيطالية، كما شارك في جميع معارض اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، وساهم مع مجموعة من زملائه في تأسيس مركز الفنون التشكيلية ونقابة الفنون الجميلة في درعا عام 1980.
وللفنان وجهة نظر خاصة في تناول الأساطير والرموز بالمعنى المناقض لما هو معروف عنها، فهو يؤكد دوما أنه يفضل العمل على موضوع الأساطير برؤية مختلفة، بحيث الوصول إلى مفاهيم جديدة، ومن أكثر الرموز تكرارا في أعماله رمزية الثور الذي يؤشّر بالمعنى المألوف إلى القوة والخصب والذكورة، والذي يتحول في لوحات الفنان إلى رمز للشر المطلق والبوهيمية.