سجل كأس أفريقيا يخذل المنتخبات العربية رغم أرقام مصر

صراع تاريخي يتجدد بين العرب ومنتخبات غرب القارة السمراء.
الأحد 2024/01/07
المدرب المحلي رهان حقيقي للمنتخبات العربية

سيكون عشاق كرة القدم على موعد مع وجبة كروية دسمة، من خلال متابعة كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار. وتنطلق البطولة القارية خلال الفترة بين 13 يناير و11 فبراير، بمشاركة 24 منتخبا. وتحظى البطولة الأفريقية بمشاركة الخماسي العربي، مصر والجزائر وموريتانيا وتونس والمغرب. ويتجدد الصراع التاريخي بين العرب ومنتخبات غرب القارة السمراء، في ظل وجود أكثر من مرشح قوي لحصد اللقب.

القاهرة - يميل ميزان البطولات لصالح دول غرب وجنوب القارة السمراء، على حساب المنتخبات العربية. وتوجت المنتخبات العربية باللقب الأفريقي في 12 نسخة مقابل 21 لصالح المنتخبات الأفريقية الأخرى. وتبادلت منتخبات شمال القارة، السيطرة مع منتخبات غرب أفريقيا، منذ انطلاق النسخة الأولى للبطولة عام 1957 في السودان.

رغم التفوق الواضح لمنتخبات غرب القارة على مستوى عدد البطولات، إلا أن منتخب مصر يملك الرقم الأكبر كأكثر المنتخبات تتويجا بكأس أمم أفريقيا. وحصد المنتخب المصري، اللقب القاري 7 مرات أعوام 1957 و1959 و1986 و1998 و2006 و2008 و2010. ويعد منتخب مصر، هو الوحيد الذي حقق لقب البطولة الأفريقية في 3 نسخ متتالية. ويأتي المنتخب الكاميروني في وصافة قائمة الأكثر تتويجا باللقب، بواقع 5 ألقاب أعوام 1984 و1988 و2000 و2002 و2017. ثم يأتي المنتخب الغاني في المركز الثالث برصيد 4 ألقاب مقابل 3 في جعبة نسور نيجيريا.

وشهدت النسخ الأولى لبطولة كأس أمم أفريقيا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، معركة بين مصر ومنتخبات غرب القارة، وعلى رأسها منتخب غانا. وتوج منتخب مصر بأول لقبين، قبل أن يكسر المنتخب الإثيوبي، التفوق المصري في النسخة الثالثة، بعد الفوز بركلات الترجيح على الفراعنة. وانتقلت السيطرة على مدار 3 نسخ لغرب القارة، حيث حصد منتخب غانا، اللقب في 1963 و1965، ثم توج المنتخب الكونغولي في 1968.

تحول الأمر تماما في فترة السبعينيات والثمانينيات، إلى سيطرة شبه مطلقة لمنتخبات غرب القارة السمراء. وعاد العرب للتتويج من خلال السودان في 1970، ثم تتويج المغرب في نسخة 1978، ثم ذهب اللقب للفراعنة في 1986. في المقابل، حقق المنتخب الكاميروني، اللقب مرتين في 1984 و1988، كما فازت غانا في 1978 و1982، بينما توج منتخب زائير باللقب في 1976، ومنتخب نيجيريا في 1980.

واستمرت سيطرة غرب القارة في التسعينيات رغم فوز الجزائر بلقب الكان عام 1990، ومصر بلقبها الرابع في بوركينا فاسو بنسخة 1998. وحقق منتخب كوت ديفوار، اللقب في نسخة 1992، قبل أن تضيف نيجيريا، ثاني ألقابها في 1994، ثم حصدت جنوب أفريقيا، اللقب على أرضها في 1996. مع بداية الألفية الجديدة، نجح المنتخب الكاميروني في العودة لسابق عهده، وحصد اللقب في نسختي 2000 و2002 قبل عودة السيطرة لمنتخبات شمال القارة. وبدأ الأمر بتتويج نسور قرطاج في 2004، قبل نجاح الفراعنة في التتويج 3 مرات على التوالي.

هيمنة غرب القارة

النجاح يمر من هنا
◙ النجاح يمر من هنا

وفاز منتخب زامبيا باللقب الأفريقي في 2012، قبل عودة منتخب نيجيريا ليحصد لقبه الثالث في 2013. وفي 2015، حقق منتخب كوت ديفوار، اللقب الأفريقي الثاني له، قبل تتويج الكاميرون في 2017. وتوج منتخب الجزائر، بلقبه الثاني في 2019، قبل نجاح السنغال في حصد لقب النسخة الماضية في الكاميرون.

بينما تدور المنافسات بين النجوم داخل المستطيل الأخضر، فإن هناك صراعا آخر سيكون خارج الخطوط بين مدربي المنتخبات المشاركة في المسابقة القارية. واستعانت المنتخبات الـ24 المشاركة في البطولة بـ12 مديرا فنيا محليا مقابل 12 مدربا أجنبيا، بواقع 4 فرنسيين و3 برتغاليين وبلجيكيين، ومدربا واحدا من أيرلندا والجزائر وإسرائيل. وخلال النسخ الـ33 السابقة في أمم أفريقيا، توج المدربون المحليون بـ17 لقبا، مقابل 16 لقبا للمديرين الفنيين الأجانب.

◙ سيسيه منح منتخب السنغال هويته الحقيقية رغم أنه لم يكن يتمتع بخبرة تدريبية جيدة على مستوى البطولات الكبيرة

وستكون الأنظار شاخصة إلى أبرز 8 مدربين يشاركون في النسخة الحالية من أمم أفريقيا. البداية ستكون بوليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي الذي يعد على رأس المديرين الفنيين المشاركين في البطولة، حيث بات الاسم الأشهر بين مدربي القارة السمراء حاليا، لاسيما بعدما قاد (أسود الأطلس) للصعود للدور قبل النهائي في نهائيات كأس العالم في قطر 2022، ليصبح أول منتخب عربي وأفريقي يحقق هذا الإنجاز العالمي.

وعقب إنجازه مع المنتخب المغربي، أختير الركراكي (48 عاما) كأفضل مدير فني في أفريقيا لعام 2023، ضمن جوائز الأفضل المقدمة من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) الشهر الماضي. ويتطلع الركراكي، الذي سبق أن قاد فريقه السابق الوداد البيضاوي المغربي للتتويج بدوري أبطال أفريقيا عام 2022، لقيادة منتخب المغرب للفوز بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثانية في تاريخه، بعد لقبه الوحيد عام 1976 بإثيوبيا.

وخاض الركراكي، الذي تولى تدريب منتخب المغرب في أغسطس 2022، خلفا للبوسني وحيد خليلودزيتش، 18 مباراة مع أسود الأطلس، حقق خلالها 9 انتصارات و6 تعادلات، فيما نال ثلاث هزائم. يذكر أن منتخب المغرب يلعب في المجموعة السادسة بمرحلة المجموعات في أمم أفريقيا 2023 برفقة منتخبات الكونغو الديمقراطية وزامبيا وتنزانيا.

بدوره يعود جمال بلماضي، المدير الفني لمنتخب الجزائر، للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية مع منتخب (محاربو الصحراء)، الذي سبق أن قاده للفوز بلقبه الثاني في تاريخه عام 2019 في مصر. وتولى بلماضي (47 عاما) تدريب منتخب الجزائر عام 2018، حيث أعاد البريق للفريق، الذي حافظ تحت قيادته على سجله خاليا من الهزائم في 35 مباراة متتالية، ما بين أكتوبر 2018 ويناير 2022، وكان على بعد مباراتين فقط من معادلة الرقم العالمي المسجل باسم منتخب إيطاليا.

ورغم الإنجازات التي حققها بلماضي مع المنتخب الجزائري، لكنه لم يتمكن من قيادة الفريق لبلوغ كأس العالم 2022 بقطر، في سيناريو دراماتيكي مازال عالقا في أذهان محبي الكرة الجزائرية، حينما تلقى هدفا في اللحظات الأخيرة من عمر مباراته ضد الكاميرون بإياب الدور النهائي للتصفيات الأفريقية المؤهلة للمونديال. كما كان ظهور الفريق صادما في مشاركته بالنسخة الماضية لأمم أفريقيا بالكاميرون 2021، عندما ودع المسابقة من مرحلة المجموعات، حاملا في رصيده نقطة وحيدة.

منصة التتويج

◙ ثقة كبيرة
◙ ثقة كبيرة 

ورغم ذلك، قرر الاتحاد الجزائري لكرة القدم تجديد الثقة في بلماضي، الذي مازالت الفرصة سانحة أمامه لمصالحة الجماهير الجزائرية خلال مشاركته في النسخة الحالية من أمم أفريقيا. وقاد بلماضي منتخب الجزائر في 59 مباراة، حقق خلالها 39 انتصارا و15 تعادلا، وتلقى 5 هزائم. ويلعب منتخب الجزائر، الذي توج بأمم أفريقيا عام 1990 أيضا، في المجموعة الرابعة بالبطولة برفقة منتخبات بوركينا فاسو وموريتانيا وأنغولا.

ويعتبر أليو سيسيه، المدير الفني لمنتخب السنغال، أحد أشهر مدربي القارة الأفريقية حاليا، حيث فتحت إقالة المدرب أمارا تراوري عام 2015 الطريق أمامه ليتولى مسؤولية منتخب بلاده. ومنذ ذلك الحين، منح سيسيه (47 عاما) للفريق هويته الحقيقية رغم أنه لم يكن يتمتع بخبرة تدريبية جيدة على مستوى البطولات الكبيرة مثل كأس العالم. وكان سيسيه قائدا للمنتخب السنغالي عندما بلغ الفريق دور الثمانية في كأس العالم 2002، لكنه حقق القدر الأكبر من شهرته بعد توليه تدريب الفريق.

◙ جلال القادري يحمل آمال جماهير كرة القدم التونسية في قيادة منتخب نسور قرطاج لتحقيق لقبه الثاني

وتوج سيسيه، الذي ولد في السنغال وانتقل للعاصمة الفرنسية باريس، وهو لا يزال في التاسعة من عمره، جهوده الكبيرة مع الفريق من خلال قيادة منتخب (أسود التيرانجا) للفوز بالنسخة الماضية لكأس أمم أفريقيا بالكاميرون للمرة الأولى في تاريخ الفريق، لينهي سوء الحظ الذي لازمه بعدما خسرت السنغال نهائي النسخة السابقة التي جرت بمصر عام 2019 أمام الجزائر، والتي جاءت عقب خروج الفريق من الدور الأول بمونديال روسيا 2018.

وبعد أشهر قليلة من فوزه مع السنغال بأمم أفريقيا، قاد سيسيه فريقه لبلوغ دور الـ16 لكأس العالم في المونديال الماضي بقطر، مكررا إنجاز الجيل الذهبي عام 2002. كما قاد سيسيه، الذي توج بجائزة أفضل مدرب أفريقي لعام 2022، منتخب السنغال أيضا للفوز بكأس الأمم الأفريقية للمحليين في فبراير 2023 بالجزائر. يشار إلى أن سيسيه، الذي يعد أكثر مدربي القارة السمراء احتفاظا بمنصبه، خاض 125 مباراة مع منتخب السنغال، حقق خلالها 74 فوزا و30 تعادلا، ونال 21 خسارة. ويلعب منتخب السنغال في المجموعة الثالثة بأمم أفريقيا 2023 برفقة منتخبات الكاميرون وغينيا وغامبيا.

يحمل جلال القادري آمال جماهير كرة القدم التونسية في قيادة منتخب (نسور قرطاج) للمضي قدما في أمم أفريقيا 2023، وقيادة الفريق لتحقيق لقبه الثاني في البطولة بعد نسخة عام 2004. ورغم الخبرة الكبيرة التي يمتلكها القادري (51 عاما)، الذي بدأ مسيرته التدريبية عام 2001، إلا أن توليه قيادة المنتخب التونسي كان بمثابة مفاجأة للكثيرين.

وأشرف القادري على تدريب العديد من الفرق التونسية من بينها الاتحاد المنستيري والبنزرتي وشبيبة القيروان ومستقبل القصرين والملعب التونسي، كما قاد عددا من الفرق الخليجية بالسعودية والإمارات، وانضم للطاقم التدريبي المساعد للمنتخب التونسي للمرة الأولى عام 2013 مع المدير الفني آنذاك نبيل معلول، قبل أن يرحل عن الفريق في أكتوبر من نفس العام، لكنه عاد لـ"نسور قرطاج" مجددا عام 2021، عندما عمل مساعدا للمدير الفني المنذر الكبير.

آمال عريضة

◙ فرصة للتوهج
◙ فرصة للتوهج

وتولى القادري تدريب منتخب تونس في فبراير 2022، حيث قاد الفريق لبلوغ كأس العالم بقطر، وحقق مع الفريق فوزا تاريخيا 1-0 على نظيره الفرنسي بمرحلة المجموعات للمونديال، لكنه لم يكن كافيا لعبور الفريق لدور الـ16 بالبطولة. ولعب منتخب تونس 22 مباراة تحت قيادة القادري، حقق خلالها 13 فوزا و4 تعادلات، فيما نال 5 هزائم.

بعد تجربة المنتخب المصري مع المدرب كارلوس كيروش في نسخة أمم أفريقيا الماضية بالكاميرون، التي حصل خلالها الفريق على المركز الثاني، واصل (الفراعنة) الاعتماد على المدرسة البرتغالية بعدما تمت الاستعانة بالمدرب روي فيتوريا.

ويمتلك فيتوريا مسيرة تدريبية مميزة، حيث توج بالدوري البرتغالي وكأس البرتغال والسوبر المحلي مع بنفيكا، كما فاز بلقب الدوري والسوبر السعودي مع النصر، ونال جائزة أفضل مدرب بالدوري البرتغالي أكثر من مرة. وأوقعت قرعة مرحلة المجموعات منتخب مصر في المجموعة الثانية بأمم أفريقيا 2023، برفقة منتخبات الرأس الأخضر وموزمبيق وغانا. يذكر أن فيتوريا قاد منتخب مصر في 13 مباراة على الصعيدين الرسمي والودي، حقق خلالها 11 فوزا، مقابل تعادل وحيد وخسارة وحيدة.

◙ يرغب هوغو بروس، الذي يعد أكبر مدير فني سنا في أمم أفريقيا 2023، في قيادة منتخب جنوب أفريقيا للحصول على لقبه الأفريقي الثاني

وعقب قيادته منتخب الكاميرون للتتويج بلقبه الخامس والأخير في أمم أفريقيا عام 2017 بالغابون، يسعى المدرب البلجيكي المخضرم هوغو بروس في ملامسة كأس البطولة مجددا، حينما يتولى تدريب منتخب جنوب أفريقيا في نسخة المسابقة القارية المقبلة في كوت ديفوار.

ويرغب بروس (71 عاما)، الذي يعد أكبر مدير فني سنا في أمم أفريقيا 2023، في قيادة منتخب (الأولاد) للحصول على لقبه الأفريقي الثاني، بعدما حصل على البطولة مرة وحيدة عندما استضافها على ملاعبه عام 1996.

بعدما سبق وأن قاد منتخب أوغندا لبلوغ دور الـ16 في أمم أفريقيا 2019 بمصر، يخوض المدير الفني الفرنسي الشاب سيباستيان ديسابر تجربته الجديدة في البطولة القارية، حيث يتولى تدريب منتخب الكونغو الديمقراطية. ويطمع ديسابر (47 عاما) في قيادة الكونغو الديمقراطية نحو التتويج بأمم أفريقيا للمرة الثالثة، بعدما سبق أن فازت بالبطولة عامي 1968 و1974، رغم صعوبة المهمة التي تنتظرها في أمم أفريقيا.

كما يسعى المدير الفني لمنتخب الكاميرون، ريغوبير سونغ لصناعة التاريخ في كأس الأمم الأفريقية المقبلة، حيث يرغب في أن يكون ثالث شخص يتوج باللقب المرموق كلاعب ومدرب. وعلى مدار النسخ الماضية، كان الراحلان المصري محمود الجوهري والنيجيري ستيفن كيشي هما الوحيدان اللذان توجا بأمم أفريقيا كلاعبين وكمديرين فنيين.

16