سامواري غير محظوظ يعري الحقائق

كادت اليابان أن تفعلها، اقتربت بشدة من نسج خيوط مفاجأة كبرى خلال مباراتها ضد بلجيكا ضمن الدور الثاني من منافسات كأس العالم، قليل من الحظ كان ينقصها كي تحقق المراد، ربما كانت بحاجة إلى بعض الأجزاء من الثانية كي تحرج المنافس وتخرجه من السباق وتسير على خطى منتخب روسيا البلد المنظم.
لا أحد كان يتوقع أن تكون مباراة اليابان وبلجيكا بمثل هذه القوة والتشويق والحماس، اعتقد الجماعة أن المنتخب البلجيكي سيكون في فسحة، كل التوقعات كانت توحي بأنه سيسجل، كيف لا وهذا المنتخب يضم مجموعة من اللاعبين الرائعين في الهجوم، لكن اليابان كسرت القاعدة وكادت تخطف عصا السبق بعد عرض ممتع ورائع أسحر كل المتابعين.
لولا الحظ وغياب التركيز لكان هذا المنتخب اليوم يتأهب لخوض مباراة دور الثمانية وملاقاة المنتخب البرازيلي العريق، لكن ربما يكفي هذا المنتخب أن تجرأ على “الكبار” فنافس بكل قوة دون خجل ووجل، لم يرفض ولم يرم المنديل بسرعة، بل إنه كشف “العورات” وعرّى الحقائق، وأبان أنه لا شيء مستحيل في كرة القدم.
لقد قدم هذا المنتخب درسا يتضمن الكثير من العبر، أهمها عدم “استصغار” النفس وعدم “النفخ” في صورة المنافسين. الدرس يتضمن أيضا عديد المبادئ المتمثلة أساسا في اللعب دون حسابات، فالاجتهاد كفيل بامتصاص قوة الخصوم، والصبر سبيل الوصول إلى الفلاح والنجاح.
عوامل عدة دفعتنا إلى الحديث عن المنتخب الياباني ومباراته البطولية ضد المنتخب البلجيكي، ذلك أن البعض أكد أن منتخب “الشياطين الحمر” سيكون في طريق مفتوحة نحو الدور الموالي، فهو لن يجد صعوبات لتجاوز منافسه الياباني خاصة وأنه قدم صورة جيدة في منافسات الدور بعد أن حقق العلامة الكاملة وسجل تسعة أهداف.
منتخب "الساموراي" قدم عروضا جيدة في هذا المونديال إذ تلاعب بالمنتخب الكولومبي في مباراة الافتتاح وعبث به ثم تمكن من انتزاع التعادل من "مخالب أسود التيرينغا"
بعد انتهاء منافسات الدور أشاد العديد بالمستوى القوي لهذا المنتخب البلجيكي الذي يضم في صفوفه أفضل أقوى “جيل” على الإطلاق في تاريخه، تحدث مثلا مدرب المنتخب التونسي نبيل معلول وقال إنه من المستحيل الصمود أمام منتخب “عملاق”، بيد أن منتخب “الساموراي” حمل معه الرد المناسب وكذّب كل التحاليل الزائفة، لقد بكل التحاليل الواهية والمبررات الجوفاء عرض الحائط، فصمد ونافس وأبدع وأحرج منافسه وكاد ينتزع بطاقة العبور.
لقد أكد هذا المنتخب أن الوصول إلى نهائيات كأس العالم ليس مجرد شرف، بل هو تكليف من أجل نيل الاعتراف وانتزاع الإعجاب، واللعب في المونديال مبدأه التعامل مع كل المنافسين على قدم المساواة والتباري ضدهم بكل قوة وثقة بالنفس، وسواء تحقق النصر أو حصلت الهزيمة ستخرج مرفوع الرأس.
لقد كان الرد الياباني قاسيا وفوريا لأصحاب القلوب الضعيفة و”الجبناء” الذي لا ترتجف قلوبهم فتراهم غير قادرين على صنع التاريخ وصياغته، فهذا المنتخب الذي لا يضم في صفوفه نجوما من الصف الأول، وأغلب لاعبيه ينشطون في الدوري المحلي تحدى منتخبا بلجيكيا يعج باللاعبين الرائعين، وكاد يصل إلى الدور الموالي، لولا الحظ العاثر ودقائق الوقت البديل “القاتلة”.
منتخب “الساموراي” قدم عروضا جيدة في هذا المونديال إذ تلاعب بالمنتخب الكولومبي في مباراة الافتتاح وعبث به ثم تمكن من انتزاع التعادل من “مخالب أسود التيرينغا” أي المنتخب السنغالي فحق له الوصول إلى الدور ثمن النهائي، لقد تغلب على كل الصعوبات التي مرّ في فترة الإعداد خاصة بعد استبدال المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش وتكليف مدرب محلي بالمهمة.
كانت المهمة ناجحة ومميزة رغم الخروج المرير والموجع إثر مباراة سيخلدها التاريخ، فهي مباراة بدأت بإيقاع ياباني مرتفع منح “كتيبة الساموراي” التقدم بهدفين نظيفين قبل أن تحصل “ريمونتادا” بلجيكية غير مسبوقة.
بيد أن الأهم من ذلك أن هذا المنتخب الياباني أثبت أنه لا وجود لفوارق كبيرة بين القوى التقليدية والمنتخبات الطموحة، فالكبير لا يولد كبيرا والصغير لا يبقى كذلك متى تخلى عن خوفه ووثق بقدرته على اللعب بشرف.