ساعة مستعادة بقوة التوقيت الشتوي
يا لها من ساعةٍ لذيذةٍ مستعادة تحت عنوان الميقات الشتوي. نخسر السنوات الكثيرات من دون وجع قلب، لكن يبقى طعم هذه الساعة لذيذاً لابطاً فوق لسان الذاكرة، لا يشبه أبداً طعم أختها الصيفية التي تنهب من العمر ستين دقيقةً.
البارحة كان المشهد ممتعاً وجاء من دون إنذار مبكّر. نام عقربا الساعة فوق بعضهما في عناق الثانية عشرة من انتصاف الليل، فظهرت يدٌ لذيذة أرجعت العقرب ساعةً وتركت الرقّاص على قيامته وأعلنت المذيعة الحلوة عن بدء العمل بميقات الشتاء الدافىء الحميم. حتى من كان نعسان أو على تنبلة قبل عشر ثوان، تثاءب الآن وخلع الكسل من على وجهه السعيد بهذه الهدية الرائعة.
شخصياً بدأت أفكر منذ اللحظة هذه، بالساعة الصيفية التي ستنثلم منا بعد أن تبيد السنة وتنفني. سأشيل من وقتي المهدور سلة ساعات، وأزرعها في بنك احتياط الذاكرة، وساعة أتلقى طعنة الصيف المنهوبة، سأخرج ساعات مما ملكت يميني، فلا أشعر بالضجر والأسى.
ننفق جبل أيام مرشوشات على جدار العمر الراكض صوب حتوفه، لكننا نفرح بساعة الشتاء المذهلة ونحزن على ساعة الصيف الضائعة.
بمقدوري الليلة أن أحصي حشد الوقت الذي صرفته مع صحبي هدراً وهباءً في الحانات والمانات والثرثرات.
سألظم مسبحة عملاقة خرزها من ساعات كثيرات كنت قضيتها في دعبلة الزهر ومسك النرد ورميه على مهوى الفوز العظيم الذي مسح أرض الطاولي، وكان ندّي وجليسي فيه صديقي عبدالستار ناصر.
ساعات أخرى هتكتها تحت اللحاف وأنا أتقلب على جمر الفكرة وبقايا حروف القصة التي لم تكتمل.
بكاء طويل أمام منظر التوابيت وهي تجوب البلاد، حتى صارت من كثرتها مثل عادة غير موجعة.
وقوف متصل على سطح أول السنوات ناطراً قصة ممكنة لوجه بنت الجيران.
صفنة قوية قدام لوحة إصرار الزمن أو ساعة سلفادور دالي، ومعها تنبعث فكرة تصويرها وزرعها في قلب هذا المكتوب، وبها سنكون قد فتحنا باب السكيتش الرسم صحبة المقال الصحافي الذي قد يكون أخاً للقصة القصيرة.
الله الله كم أنت مبهجة يا لحظة التوقيت المطريّ الفيروزيّ الجميل و“أديش كان في ناس عالمفرق تنطر ناس”.