ساعة فقط من التمارين المعتدلة اليومية تطيل عمر النساء

تساعد ممارسة التمارين الرياضية على تحسين مستوى اللياقة والصحة لكل الأعمار وتتزايد أهميتها وفوائدها عند التقدم في السن، لكن فريقا من الباحثين بيّن أن الفترة المخصصة للتدريبات تختلف تأثيراتها بين النساء والرجال وقد يخلف عدم الالتزام بالقدر المسموح به من التمارين نتائج عكسية.
لندن - توصلت دراسة جديدة إلى أنه لا ينبغي للمرأة ممارسة التمارين الرياضية لأكثر من ساعة يوميا في سن التقاعد، في حال رغبت في العيش عمرا أطول.
وتتبع الباحثون حالة نحو 8 آلاف رجل وامرأة، منذ أواخر الستينات من أعمارهم، مع مراقبة مقدار النشاط البدني الذي قاموا به خلال السنوات الـ22 اللاحقة أو نحو ذلك.
ونشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية نتائج الدراسة التي بينت أن الرجال الأكثر نشاطا شهدوا زيادة محتملة في العيش حتى سن التسعين، وفقا لما كتبه الباحثون في مجلة “بي.أم.جي” لعلم الأوبئة والصحة المجتمعية.
ولكن بالنسبة إلى النساء، بلغت الفوائد المرجوة ذروتها عند ممارسة الرياضة مدة ساعة في اليوم، ثم بدأت في الانخفاض عند تجاوز هذه المدة.
وشملت الدراسة التمارين الرياضية المعتدلة والبسيطة، مثل المشي أو ركوب الدراجات. وتوصل الباحثون إلى أن 17 بالمئة من الرجال و34 بالمئة من النساء، ظلوا على قيد الحياة حتى سن التسعين.
ولكن علماء المركز الطبي بجامعة ماستريخت في هولندا، توصلوا إلى أن التمارين الرياضية كان لها تأثير كبير في فرص البقاء على قيد الحياة لأطول فترة محتملة.
وشهدت النساء اللاتي مارسن تمارين رياضية مدة 30 إلى 60 دقيقة يوميا، احتمالا أكبر للبقاء على قيد الحياة حتى سن الـ90 عاما، بنسبة 21 بالمئة، مقارنة مع ممارسة الرياضة لأكثر من ساعة.
وقال الباحثون “بينما يرتبط النشاط البدني بطول العمر لدى الجنسين، يبدو أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه الرجال في النشاط البدني يوميا، كان ذلك أفضل لتعزيز فرصهم في الوصول إلى مرحلة الشيخوخة، في حين أن 60 دقيقة من التمارين الرياضية يوميا، ارتبطت بارتفاع فرص عيش النساء مدة أطول. وارتفع متوسط العمر المتوقع خلال العقود القليلة الماضية، ولكنه بدأ مؤخرا في الانخفاض في بعض الدول المتقدمة، مع زيادة مستويات السمنة وعدم النشاط الجسدي الذي يُعتقد أنه كان وراء هذا الاتجاه السائد”.
ولا يعرف الباحثون بالضبط سبب وجود اختلاف بين الجنسين، فيما يتعلق بتأثير التمرين على طول العمر، ولكن يمكن أن يتأثر بعوامل مثل الهرمونات والولادة والجينات وأسلوب الحياة.
ووجد الباحثون أيضا أن النساء اللاتي كن نحيفات، لديهن فرصة أكبر للعيش حتى سن التسعين، ولكن الطول والوزن لم يؤثرا على بقاء الرجال.
علماء هولنديون توصلوا إلى أن التمارين الرياضية لها تأثير كبير في فرص البقاء على قيد الحياة لأطول فترة محتملة
كما أفادت دراسة ألمانية سابقة بأن رياضة الرقص بجميع أنواعها لها تأثير مفيد في إبطاء وتيرة انخفاض القدرات العقلية والبدنية المرتبطة بتقدم العمر والشيخوخة.
أجرى الدراسة باحثون في “المركز الألماني للأمراض العصبية التنكسية” ونشروا نتائجها في دورية “فرونتييرز ان هيومن نوروساينس” العلمية.
وقال فريق البحث إن الأنشطة البدنية المختلفة يمكن أن يكون لها تأثير على الحد من شيخوخة الدماغ لدى كبار السن، لكن الرقص على وجه التحديد له تأثير أقوى من غيره من الأنشطة الرياضية.
وللوصول إلى نتائج الدراسة، راقب الباحثون عددا من المتطوعين، يبلغ متوسط أعمارهم 68 عامًا، لمدة 18 شهرًا، وقسموهم إلى مجموعتين، الأولى انخرطت في جلسة أسبوعية لتعلم الرقص طوال فترة الدراسة، فيما مارست المجموعة الثانية تدريبات تتعلق بالتحمل والمرونة.
وبعد انتهاء الدراسة، أظهرت المجموعتان زيادة في منطقة الحصين من الدماغ، التي عادة ما تكون عرضة للانخفاض المرتبط بالعمر، وتتأثر بأمراض مثل الزهايمر، كما تلعب منطقة الحصين دورًا رئيسيًا في الذاكرة والتعلم، فضلا عن الحفاظ على التوازن.
لكن المجموعة التي مارست رياضة الرقص، اكتسبت تغييرات سلوكية إضافية من حيث تحسين التوازن والحد من آثار الشيخوخة على الجسم والدماغ.
ونقلت الدورية عن الدكتورة كاثرين ريهفيلد، قائدة فريق البحث الذي أنجز الدراسة، قولها إن “ممارسة الرياضة لها تأثير مفيد في التصدي لانخفاض القدرات العقلية والبدنية المرتبط بالعمر”.
وأضافت “مرضى الخرف يتفاعلون بشدة عند الاستماع إلى الموسيقى، ونحن نريد الجمع بين النشاط البدني والموسيقى للحد من آثار الشيخوخة على الدماغ”.
واختتمت بالقول “النشاط البدني هو أحد العوامل التي تبطئ تراجع القدرات البدنية والعقلية المرتبط بالعمر، وأعتقد أن الرقص هو أداة ناجعة لوضع تحديات جديدة للجسم والعقل، وخاصة في سن الشيخوخة”.
وكشفت دراسات أخرى أن ممارسة الرياضة بانتظام تقلل من خطر إصابة كبار السّن بمرض الزهايمر، حيث تزيد من إمداد المخ بالدم الكافي لعمل منطقة الإدراك في الدماغ.
وعندما أجرت الجامعة الاتحادية في ريو دي جانيرو دراسةً حول أمراض الخرف، تبيّن في نتائجها أن التمارين الرياضية تساهم في استعادة الذاكرة لمن فقدها، وذلك عبر هرمون يُنتجه الجسم خلال النشاط الرياضي.
أظهرت الدراسة -التي استمرت 7 سنوات ونُشرت في مجلة “طب الطبيعة”- التأثير الإيجابي لهرمون “إيريسين” الذي ينتجه الجسم خلال التمارين الرياضية، حيث يحمي وظائف الدماغ ويحافظ على الذاكرة والمهارات الفكرية.
أجريت التجربة على فئران مختبر تعاني من مرض الزهايمر، وبعد شهر من التمارين الرياضية تمكنت هذه الفئران من استعادة ذاكرتها عبر إنتاج هرمون إيريسين من خلال التمارين الرياضية.
باحثون يؤكدون أن رياضة الرقص بجميع أنواعها مفيدة في إبطاء وتيرة انخفاض القدرات العقلية والبدنية المرتبطة بتقدم العمر
لم تظهر النتائج إمكانية تعزيز هرمون إيريسين الوقايةَ من الزهايمر، لكنها أثبتت فعالية الهرمون الناتج عن التمارين الرياضية في معالجة العديد من أعراض المرض لدى فئران المختبر.
ومن ناحية أخرى أظهرت دراسة هولندية حديثة، أن النشاط البدني المعتدل يقلل من معدل الوفيات بين المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني.
أجرى الدراسة باحثون في مركز ماكسيما الطبي في مدينة فيلدهوفن بهولندا ونشروا نتائجها في العدد الأخير من دورية “يوروبين جورنال أوف بريفانتف كارديولوجي” العلمية. وأوضح الباحثون أن واحدا من كل 11 شخصا بالغا في جميع أنحاء العالم مصاب بالسكري، وأن 90 بالمئة منهم مصابون بالنوع الثاني.
وأضافوا أن معظم مرضى السكري من النوع الثاني تتطور لديهم مضاعفات المرض إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهي الأسباب الرئيسية للوفاة بين مرضى السكري.
ولكشف العلاقة بين النشاط البدني والحد من الوفيات بين مرضى السكري، راقب الفريق مجموعتين من المرضى، الأولى أدخلت النشاط البدني ضمن حياتها الروتينية اليومية، فيما لم تفعل المجموعة الثانية ذلك.
واكتشف الباحثون أن النشاط البدني المستمر يحد من عدد الوفيات بين مرضى السكري بين أفراد المجموعة الأولى مقارنة بالمجموعة الثانية.
وعن نوعية النشاط البدني المعتدل لمرضى السكري وخاصة المسنين، نصح الباحثون بصعود الدرج بدلًا من المصعد، والسير إلى السوبر ماركت، وهي أنشطة من شأنها تحسين نوعية الحياة.
ووجد الباحثون أن الأنشطة البدنية الخفيفة، يمكن أن تحسّن اللياقة القلبية التنفسية والسيطرة على نسبة السكر في الدم، إضافةً إلى خفض ضغط الدم المرتفع ودهون الدم الضارة، وجميع هذه العوامل يمكن أن تقلل الوفيات بين مرضى السكري.
وقال الدكتور هارلد كيمبس، قائد فريق البحث، إن “أنماط الحياة المستقرة والأنظمة الغذائية غير الصحية من أهم العوامل التي تزيد عدد مرضى السكري من النوع الثاني ومشكلات القلب والأوعية الدموية مثل الأزمات القلبية”.
وأضاف أن “مرض السكري يضاعف خطر الوفاة، ولسوء الحظ فإن أغلب مرضى السكري لا يشاركون في برامج التمارين الرياضية”.
وأشار كيمبس إلى أن “هناك خطوات يمكن أن يتّخذها المرضى دون الحاجة إلى زيارة الطبيب، ومنها القيام بتمارين معتدلة كالمشي وركوب الدراجات أو الذهاب إلى السوق المجاورة، وكلها تمارين تعزّز جودة حياتهم”.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن السكري من النوع الثاني يظهر جرّاء فرط الوزن وقلّة النشاط البدني، ومع مرور الوقت يمكن للمستويات المرتفعة من السكر في الدم أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، والعمى والأعصاب والفشل الكلوي.