زيادة إنتاج النفط وتفاقم أزمة المياه في العراق

مع دخول شركات النفط الغربية إلى العراق وتنقيبها عن النفط، تحديدا في جنوب العراق، بدأت أزمة نقص المياه وتلوثها تتفاقم، في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات من أجل حصد المزيد من الأرباح، خصوصا مع الارتفاع في أسعار النفط على إثر الأزمة الروسية – الأوكرانية.
شحّ المياه ونقص الكميات القادمة من تركيا إلى العراق عبر نهري دجلة والفرات أدّيا إلى نزوح الآلاف من الفلاحين وساكني المناطق الزراعية، وقادا إلى حالة من عدم الاستقرار، حيث تشير الدراسات التي نشرتها مراكز دولية إلى أن جنوب العراق الغني بالنفط والذي يعد من أهم مصادر النفط العراقي وأفضلها نوعية وكفاءة مقبل على حالة من الجفاف الخطير التي ستصيبه قريبا، فقد بدأت هذه الأراضي التي كانت من أهم مصادر السلة الغذائية للعراقيين تتحول إلى أراض قاحلة.
معروف أن شركات النفط تضخ كميات كبيرة جدا من المياه إلى باطن الأرض مقابل كل برميل يتم استخراجه، حيث يتم استهلاك ما يصل إلى ثلاثة براميل من المياه لكل برميل من النفط، وهو ما يعني انخفاضا تدريجيا للمياه في جنوب العراق، بالإضافة إلى قيام شركات النفط والغاز متعددة الجنسيات التي تعمل في جنوب العراق منذ عام 2009 ببناء سد صغير لتحويل المياه من قناة البصرة إلى قنواتها، إضافة إلى استخدام أحد المصانع الأهلية في البصرة نسبة تقدر بـ25 في المئة من الاستهلاك اليومي للمياه في منطقة يبلغ سكانها حوالي 5 ملايين نسمة.
◙ تم إحراق 2.5 مليار متر مكعب من الغاز في الزبير بمحافظة البصرة لوحدها في عام 2022، وغيرها من أسباب أدّت إلى اتساع ظاهرة التصحر
ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية التي وثقت أزمة المياه في العراق بشكل جدي عام 2012 أن احتياجات المياه في البلاد بسبب استخراج النفط تزايدت إلى عشرة أضعاف، ورأت أنه من الضروري أن تعمل الحكومة العراقية على إيجاد بدائل، والاعتماد على المياه الجوفية التي من شأنها أن تزيد بشكل مباشر مع احتياجات الزراعة والاستهلاك. وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقتها المؤسسات الصحية، إذ أدت الأزمة الحادة للمياه في جنوب العراق إلى نقل أكثر من 118 ألف شخص إلى المستشفيات، واندلاع احتجاجات في بعض مدن الجنوب العراقي احتجاجاً على سوء الخدمات وتفشي الأمراض والفساد في المؤسسات الصحية، تحديداً في منطقة الجنوب العراقي.
من المهم جدا أن تسعى الحكومة العراقية لإيجاد البدائل في عملية استصلاح الأراضي، واستخدام الأساليب الحديثة في عملية الإرواء والاقتصاد في كمية المياه المستخدمة في الزراعة، والاعتماد على المياه الجوفية في استخراج النفط بدل الاعتماد على مياه نهري دجلة والفرات. هذا إضافة إلى ضرورة الاهتمام بعمليات حرق الغاز الذي يعد سببا آخر من مسببات زيادة أزمة المياه، فقد أظهرت بيانات البنك الدولي أنه تم إحراق 2.5 مليار متر مكعب من الغاز في الزبير بمحافظة البصرة لوحدها في عام 2022، وغيرها من أسباب أدّت إلى اتساع ظاهرة التصحر، دون أيّ إجراءات حكومية مبذولة من شأنها إيقاف هذا الهدر الخطير للماء، وانتشار ظاهرة التصحر في العراق عموماً.