زغرودة حازم

الأربعاء 2014/12/17

أعترفُ بدءا بأنني لم أكن متابعة لبرنامج عرب آيدل هذا الموسم.. فثمة فيه ما يثير غيظي، مثل الكثير من أصدقائي بما لا مجال لذكره الآن وسط فرحةٍ من نوع خاص.. فرحة التمعَتْ بغتةً مثل زغرودة توسطتْ عويلين.. أو مثل شقيقةِ نعمان أصرّت أن تبزغ وسط حقل ألغام.. إنها فرحة شعبٍ منكوب يُذبح ويُشرّد.. وتـَنخرُ أحشاءَهُ حربٌ أهلية ضروس لا تستثني بشراً أو حجرا.. لكنه شعبٌ “يحبُّ الحياةَ إذا ما استطاعَ إليها سبيلا”.. بحسب درويش..

ولي أن أعترفَ أيضاً بأنني لستُ من المتابعين الجيدين أصلاً لهذا البرامج.. رغم حرصي بين الحين والآخر على البحث عن واحة تسلية واسترخاء من جدية عالمنا.. فقليلٌ من الترفيه والطرب قد يخفـّفُ من وطأةَ نشراتِ الأخبار.. بعد أن باتت الكوارث والنكبات سمة من سمات يومنا..

وقد حالفني الحظّ أن أكون مضطرةً لمتابعة الحلقة النهائية لجوقة المتسابقين في برنامج عرب آيدل إذ كنت ألبي دعوة عند أحد الأصدقاء.. فكانت “لمة الحبايب” مناسَبة جاءت في موعدها مع الحدث..

كنت قرأتُ شذراتٍ من هنا وهناك عن النتائج والتصفيات.. وسمعتُ مرة أو مرتين متسابقاً أو متسابقة شدتني حنجرتها وأداؤها.. ورغم أني كنت قد انتبذتُ وإحدى الصديقات ركناً ركيناً نتعثرُ فيه بجهلنا ونحن نتوسط جمهوراً متحمساً متشوقاً لمعرفة النتيجة.. بيد أن الحاضرين لم يدّخروا وسعاً في شرح المختصر المفيد ليضعنا في الصورة..

لم أكن مهتمة كثيراً بتشجيع هذا أو ذاك من الأصوات التي بدت كلها أمامي جديرة بالفوز.. كنت مستمتعة بغناء حسين الجسمي ومنتشية برؤية المطربة الجميلة هيام يونس التي حلت ضيفة شرف على البرنامج مع الممثلة القديرة صباح جزائري.. ولكن كان للحظة إعلان النتائج وقع خاص يشبه السحر.. على الأخص حين تسلّح قلبي بعِلْمٍ مسبق أن حازم شريف ذا الصوت الشجي هو سوري.. من مواليد مدينة حلب التي أنجبت أحلى الأصوات وأخلدها في الطرب العربي.. ناهيك عن غصةِ الجرح التي أحالتني إليها حلب!..

وبعد زمن حرَصَتْ الأنيقة أنابيلا هلال أن تجعله يبدو طويلاً وهي تهيئ الجمهور والمتسابقين للحظة إعلان الفائز في الاستفتاء.. هتـَفتْ بصوت لا يمكن أن يتبعهُ إلا صرخة فرحٍ وشهقة دمع معلنة فوز حازم..

ورغم عدم وجود أعداء حقيقيين على مسرح عرب آيدل إلا أن كلمة فوز بدت في لحظة وكأنها تستحيل نصرا.. مثل شعاع ضوء ينحشر وسط ركام ظلمة حالكة لينتزع ضحكة فرحٍ مغسولة بدمع والدته وأخته اللتين خصّتهما الكاميرا بتركيز حرّك مشاعر الجميع..

يلفتُ انتباهَنا أحدُ الحاضرين وقد اختنقَ في عينيه الدمع أن حازماً لا يرفعُ علمَ بلاده.. فقد تقاسمتِ البلادَ ثلاثة ُأعلام تكرّسُ حجم المأساة!.. وتذكرتُ يوم فازت العراقية شذى حسون في برنامج ستار أكادمي وكيف وحّدَتْ بفوزها كل العراقيين!..

حين تطلب أنابيلا من حازم أن يقدم تحيته الأخيرة.. يفاجئنا بانتباهةٍ مباغتة تشعل المسرح.. لينشد معه الجمهور ونحن معهم اُغنية الأمل بغدٍ من سلام تشرقُ فيه الشمس ولا تغيبُ عن أحلى البلاد.. بعيداً عن أي عَلَم لسلطةٍ أو معارضةٍ أو إرهاب.. مردّدين كلمات ولحن إيلي شويري وبصوت واحد:

بكتب اسمك يا بلادي..عَ الشمس الما بتغيب....لامالي ولاولادي..على حبك مافي حبيب.

21