روزنامة قياسية تثير تحديات صعبة في الفورمولا واحد

الروزنامة العالمية في العام المقبل ستتضمن 24 جائزة كبرى ما يمنح عشاق السرعة جرعة إضافية من الإثارة والتشويق.
الخميس 2022/12/29
قرارات صارمة

باريس - تتطلع الفئة الأولى للفورمولا واحد إلى حقبة جديدة في عام 2023 الذي سيشهد تنظيم عدد قياسي من السباقات على وقع تحديات رياضية جمّة وحتى بيئية، وذلك مع بلوغ شعبية هذه الرياضة ذروتها، وتسجيل أرقام قياسية جماهيريا وبعض الفوضى على الحلبات.

وستتضمن الروزنامة العالمية في العام المقبل 24 جائزة كبرى تقام من مارس حتى نوفمبر، ما يمنح عشاق السرعة جرعة إضافية من الإثارة والتشويق. وحتىّ إن لم تستبدل جائزة الصين الكبرى التي ألغيت بسبب فايروس كورونا، فإن عدد السباقات الذي يمكن أن يصل إلى 23 يعتبر رقما مرتفعا.

في تصريح صحفي أكد الرئيس التنفيذي للفورمولا واحد ستيفانو دومينيكالي على قدرة "التوقيع مع سبع أو ثماني دول أخرى"، مضيفا "مع بلوغ الرقم 24، نقترب من الحد الأقصى. لكن لا يمكننا أبدا أن نقول إن الأمر قد انتهى” لو كان قادرا على فعل ذلك، إلاّ أن الإيطالي يصطدم باتفاقيات “كونكورد” التي تتحكم في الحقوق وتوزيع العائدات للفرق والساري مفعولها حتى عام 2025 والتي حددت الحد الأقصى للسباقات بـ24.

قدرة التوقيع

محاولة لفرض الهيبة بالنسبة لهاميلتون
محاولة لفرض الهيبة بالنسبة لهاميلتون 

وشهدت البطولة العالمية منذ أن أبصرت النور تبدلا كبيرا في عدد السباقات، فمن حوالي 10 جوائز كبرى في حقبتي الخمسينات والستينات، إلى 15 خلال العقود التالية، لتتجاوز العشرين في عام 2012. ويمكن لعدد الجولات أن يرتفع إلى 30 سباقا في حال اعتمدت شركة ليبرتي ميديا الأميركية السياسة ذاتها التي تعتمد على الترويج للفئة الأولى في جميع القارات. ومنذ أن امتلكت المجموعة الأميركية الحقوق التجارية في عام 2017، عمدت إلى تحديث البطولة في ظل مواكبة إعلامية عالمية بفضل منصة نتفليكس ومحتوى أكثر ثراء على الشبكات الاجتماعية، ما يعني أنّ الفورمولا واحد تهدف إلى بلوغ أقصى ما تصبو إليه.

ويعتقد بطل العالم في الموسمين الماضيين الهولندي ماكس فرستابن أن البطولة تحتاج إلى “سباقات أقل”. ويرى سائق ريد بول أن 16 جائزة كبرى ستكون مثالية مع المحافظة على الحلبات العريقة والجيدة بالتزامن مع إلغاء السباقات التي تقام على حلبات أقل جودة. فمن الطبيعي بالنسبة إليه أن تتغلب الجودة على الكمية. ويطرح فوز فيرستابن هذا العام بمعظم السباقات (15 من 22)، أكثر من تساؤل عما إذا كانت هذه الهيمنة شبه المطلقة مرتبطة بالإرهاق الذي لحق بالسائقين. ويخالف دومينيكالي هذا الطرح، معتبرا أن البطولة ستكون “أكثر تقاربا” في المستقبل، ليتابع قائلا “على أي حال، قمنا فعلا ببيع عدد لا يصدق من التذاكر” لعام 2023.

◙ جائزة الصين الكبرى حتى وإن لم تستبدل، فإن عدد السباقات الذي يمكن أن يصل إلى 23 يعتبر رقما مرتفعا

ويمكن للفورمولا واحد الاستفادة من الحضور الجماهيري المكثف في 2022، بعدما بلغت أعداد المتفرجين أرقاما قياسية وغير مسبوقة في الولايات المتحدة (440.000 متفرج خلال عطلة نهاية الأسبوع في أوستن) وأستراليا (420.000 متفرج) ومكسيكو سيتي (395.000 متفرج)، ناهيك عن ارتفاع عدد المتابعين عبر شاشات التلفزيون.

بدوره أوضح رئيس فريق هاس غونتر شتاينر، في مقابلة مع وكالة فرانس برس في نوفمبر أثناء تقديم جائزة لاس فيغاس الكبرى لعام 2023، أن “أربعة وعشرين سباقا هو رقم كاف. يجب أن نحافظ على المستوى الذي نحن عليه وألا نفعل المزيد”، مضيفا “منذ تولي ليبرتي ميديا زمام الأمور، كان هناك الكثير من التغييرات، لكن في مرحلة ما علينا أن نهدأ”. بالنسبة إلى الألماني يوست كابيتو الذي ترك منصبه كمدير لفريق وليامس، فإن “22 سباقا هذا العام و24 في العام المقبل، رقم كبير للفرق ويمكننا أن نرى ذلك بوضوح في نهاية الموسم في كل العالم. ثمة استنفاد للجهود”.

وفي حين لا يشكّل التحدي الجسدي مشكلة للسائقين، فإنه بالنسبة إلى عمال الظل، أي العديد من الميكانيكيين والمهندسين، تحد كبير؛ حيث يتعين عليهم تنظيم أنفسهم وفق قاعدة اعتماد نظام تناوب جديد. وبات التناوب أكثر أهمية نتيجة السباقات المكثفة والمتباعدة جغرافيا لكنها متقاربة زمنيا (أذربيجان – ميامي – إيطاليا أو إسبانيا – كندا – النمسا)، والتي تطرح بقوة مشكلة الحدّ من التلوث البيئي الناجم عن التنقل بالطائرات والسفر جوا وبرا.

شعار دون مصداقية

هدف يصعب تجاوزه
هدف يصعب تخطيه 

أمام هذا الجدل يُطرح السؤال التالي: كيف تنوي الفورمولا واحد تحقيق هدفها الخاص بالحياد الكربوني في عام 2030 في حين ترفع عدد السباقات؟ قال الألماني سيباستيان فيتل المعتزل مؤخرا “تبدو الكثير من الأشياء جذابة، لكنها في الواقع فارغة من المعنى”. ويشير الفائز بأربع بطولات عالمية (مع ريد بول) والبالغ 35 عاما، وهو ناشط بيئي في الفترة الحالية، إلى أن هدف الحياد “يعمل فقط من خلال التوازنات”. ويتذكر أن حقيقة موازنة الانبعاثات ليست حلا قابلا للتطبيق ويمكن أن تبدو مثل “الغسيل الأخضر” الناتج عن الانبعاثات الملوثة.

وتحافظ الفورمولا واحد، التي تستمر في سعيها لتحقيق الحياد الكربوني في المستقبل، على سريتها وغموضها بشأن أهداف خفض الانبعاثات وآليات تحقيقها. وأحد المساعي الرئيسية في الفئة الأولى هو التحول إلى الوقود المستدام في عام 2026، إلا أنّ هذا الموضوع يتجاهله فيتل أيضا، قائلا “هذه التكنولوجيا موجودة بالفعل، إنها ليست جديدة. تحب الفورمولا واحد التباهي بكونها متقدمة تقنيا، لكن كان بإمكاننا أن نكون رائدين لو طبقناها قبل عشر سنوات”. ويتساءل “المفتش سيب” عن “المسؤول عن ضبط  هذا الهدف؟”، فيجيب “إذا كانت الفورمولا واحد تسيطر على نفسها، فهذا بالتأكيد شعار جميل لكنه دون مصداقية كبيرة”.

19