رسالة طمأنة من شركات الأدوية: لقاحات كورونا فعالة ضد السلالات الجديدة

شركات الأدوية تعمل على تطوير اللقاحات لتوليد استجابة مناعية يمكنها أن تحاصر طفرات فايروس كورونا.
الخميس 2020/12/24
السلالات أمر شائع في الفايروسات

توفّر اللقاحات الثلاثة الرائدة جدار صدّ منيع ضد السلالات الموجودة من فايروس كورونا، وتساعد جهاز المناعة في مهاجمة أجزاء عديدة مختلفة من فايروس كوفيد – 19، وحتى لو طرأت طفرات جينية على أجزاء من الفايروس، تظل اللقاحات تقوم بعملها المساعِد لجهاز المناعة وفق ما يتوقع عدد من شركات الأدوية. وتجرى حاليا على نطاق واسع تجارب ستوفر تأكيدا للتوقعات في الأسابيع القليلة القادمة.

زيورخ (سويسرا)- تتوقع أربع شركات على الأقل أن تكون اللقاحات التي أنتجتها للوقاية من مرض كوفيد – 19 فعالة ضد السلالة الجديدة سريعة الانتشار التي تم اكتشافها في بريطانيا، وتجري اختبارات ستوفر تأكيدا لتوقعاتها في الأسابيع القليلة القادمة.

وقال أوغور شاهين، الرئيس التنفيذي لشركة بيونتيك الألمانية التي استغرقت أقل من عام، بالشراكة مع شركة فايزر الأميركية، للحصول على موافقة على اللقاح، الثلاثاء، إنه يتوقع أن يظل اللقاح فعالا.

وأعرب شاهين عن ثقته في أن اللقاح الذي طورته شركته مع شركة فايزر الأميركية ضد فايروس كورونا سيكون فعالا أيضا ضد السلالة الجديدة للفايروس التي ظهرت في بريطانيا.

كذلك تعتقد شركات مودرنا وكيورفاك الألمانية وأسترازينيكا البريطانية أن اللقاحات التي طورتها ستنجح في مواجهة السلالة الجديدة للفايروس التي تسببت في فوضى ببريطانيا، الأمر الذي أدى إلى موجة من حظر السفر التي تعطل التجارة مع أوروبا وتهدد بتعميق عزلة بريطانيا عن القارة.

وقال شاهين في مؤتمر صحافي عبر الهاتف “من المرجح بشدة من الناحية العلمية أن استجابة جهاز المناعة بواسطة هذا اللقاح يمكن أن تتعامل أيضا مع هذه السلالة للفايروس”. وأضاف أن الحصول على إجابة نهائية سيحتاج إلى أسبوعين آخرين أو نحو ذلك من أجل الدراسة وجمع البيانات.

كورونا

وتابع قائلا “يحتوي اللقاح على ما يربو على 1270 حمضا أمينيا، تسعة منها فقط تغيرت (في الفايروس المتحور). ويعني ذلك أن 99 في المئة من البروتين يظل كما هو دون تغير”.

والسلالة الجديدة قد تكون أكثر عدوى بنسبة تصل إلى 70 في المئة وقد تكون سببا أكبر للقلق على الأطفال. وقال شاهين “من حيث المبدأ، تتمثل ميزة تقنية اللقاح في أن بمقدورنا أن نبدأ مباشرة في هندسة اللقاح على نحو يحاكي بشكل كامل هذا التحور الجديد”.

ومضى يقول “سنكون قادرين على توفير لقاح جديد من الناحية الفنية خلال ستة أسابيع. وبالطبع، هذه ليست مسألة تقنية وحسب”. وأضاف “علينا أن نتعامل مع الكيفية التي ستنظر بها الهيئات الرقابية للأمر”.

وأشار شاهين إلى أن المدة الطويلة نسبيا للحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي لم تؤثر على كمية جرعات اللقاح التي تنتجها شركة فايزر. وأوضح “لقد خططنا مسبقا لتوزيع جرعات اللقاح، ونحن ملتزمون بذلك. ما تغير، بالطبع، هو العدد الذي يمكننا تسليمه هذا العام. ولكن بشكل عام، لن يتغير عدد الجرعات التي تعهدنا بتقديمها للاتحاد الأوروبي”.

وفي الوقت نفسه، وصف الموافقة التي أصدرها الاتحاد الأوروبي على اللقاح بأنها “تاريخية بالنظر إلى أنها أسرع موافقة على عقار”. وأشار إلى أنه كان يتعين على بيونتيك الإجابة على أسئلة سلطات الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الكثير من الأسئلة من بعض الدول.

وقال “هذا جعل العملية أكثر مشقة، ولكنه مجرد جزء من الإجراءات الصحيحة المصاحبة للموافقة بالاتحاد”. وأضاف “نتحدث عن تفعيل منشأة إنتاج أخرى من خلال شراكة”، لافتا إلى وجود شراكة أيضا مع شركة “ديرمافارم” للأدوية، التي تنتج أيضا لصالح بيونتيك. وتابع “نحاول الآن العثور على المزيد من الشركاء. وهدفنا هو تأمين الجرعات التي خططنا لإتاحتها في النصف الثاني من عام 2021 في النصف الأول من العام”.

وكان شاهين قد أعلن الثلاثاء، أن مختبر بيونتيك الألماني الذي طوّر مع شركة فايزر الأميركية أول لقاح ضد كوفيد – 19 تم ترخيصه في العالم، قادر أيضا على توفير لقاح جديد “خلال ستة أسابيع” في حال تحوّل الفايروس كما حصل في بريطانيا.

وبدأت شركة كيورفاك الألمانية المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية على لقاحها الأسبوع الماضي، وتقوم بشكل دائم بمراجعة السلالات التي قالت الشركة إنها أمر شائع مع انتشار الفايروس. وقال باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين في بريطانيا، السبت، إن اللقاحات كافية على ما يبدو لتوليد استجابة مناعية لسلالة فايروس كورونا.

وقالت منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء، إنها ستعقد اجتماعا للأعضاء لمناقشة إستراتيجيات التصدي للتحور.وأدى  الانتشار السريع لسلالة فايروس كورونا الجديدة إلى رفع مستوى القيود المفروضة على الاختلاط بين الملايين من البشر في وقت كانوا يستعدون فيه للاحتفال بأعياد الكريسماس.

ودفع الوضع الجديد عددا من الدول إلى حظر السفر من وإلى بريطانيا التي فرضت سلطاتُها المستوى الرابع من تدابير مكافحة فايروس كورونا. ويرى مسؤولو الصحة في بريطانيا أن هذه السلالة الجديدة أكثر قدرة على الانتشار من السلالة الأولى، ورغم أن الأمور لا تزال في بداياتها، إلا أن الغموض يكتنفها وتثير قائمة طويلة من الأسئلة.

ومن الثابت أن الفايروسات تتحوّر طوال الوقت، ومن الأهمية الحيوية رصد سلوك الفايروس إذْ يتغير. واجتمعت لهذه السلالة الجديدة عوامل جعلتها موضعا لإثارة القلق. أول هذه العوامل، سرعة الانتشار والاستحواذ على مكان النُسخ السابقة عليها من الفايروس، ما يعطي انطباعا بأن لها السيطرة على السلالة الأصلية.

السلالة الجديدة قد تكون أكثر عدوى بنسبة تصل إلى 70 في المئة وقد تكون سببا أكبر للقلق على الأطفال

والعامل الثاني هو قدرة هذه السلالة الجديدة على تطوير طفرات جينية تغيّر جانبا مهما من سلوك الفايروس، والثالث هو قدرة هذه الطفرات الجينية على تمكين الفايروس من إصابة الخلايا بشكل أكبر من ذي قبل ما يعني زيادة معدل قابلية العدوى. وبفضل هذه العوامل بات الانتشار أمرًا سهلا أمام فايروس كورونا في نسخته الجديدة.

ولا يملك العلماء يقينًا مطلقا حول هذا الأمر، وقد تصبح سلالات جديدة من الفايروس أكثر انتشارا إذا تهيأت لها الأجواء في مكان وزمان ومناسبين كما حدث في لندن والتي لم تتجاوز حتى وقت قريب تطبيق المستوى الثاني من تدابير مكافحة الوباء لكنها انتقلت في أيام قليلة إلى المستوى الرابع.

ويحتاج الأمر إلى المزيد من التجارب المعملية، لكن لا يتعين على متخذي القرار انتظار نتائج تلك التجارب لكي يضعوا تدابير احترازية للحد من انتشار السلالة الجديدة، بحسب نيك لومان، الخبير في مؤسسة كوفيد – 19 جينومكس بالمملكة المتحدة.

17