رسالة الشارعين الجزائري والسوداني تصل إلى مصر

مراقبون يشيرون إلى ان البرلمان المصري يواجه مأزقا دستوريا يدفعه إلى إعادة النظر في وضع مادة انتقالية بالتعديلات الحالية.
الأحد 2019/04/14
عدوى اللجوء إلى الشوارع لم تعد داخلية

القاهرة - حملت التلميحات التي أبرزتها وسائل إعلام مؤيدة للحكومة المصرية، يومي الجمعة والسبت، بشأن تعديل مدة الرئيس في الحكم بالدستور إلى ست سنوات بأثر رجعي، ردود فعل متباينة، لأنها تعني بقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي لمدة أربع سنوات فقط بعد انتهاء ولايته الثانية وليس 12 عاما.

وتوقعت مصادر سياسية حدوث ذلك كنتيجة غير مباشرة لما يجري في الجزائر والسودان، ومحاولة منع إيجاد بيئة مناسبة لعودة التظاهرات في مصر، والتي أطاحت بنظامي حسني مبارك ومحمد مرسي من قبل، في وقت تراكمت فيه أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، حذّرت دوائر أمنية من تبعات الغضب منها.

ويقول مراقبون في مصر لـ”العرب”، لن تقتصر المعاني والرسائل التي حملتها تظاهرات الجزائر والسودان على المسؤولين السياسيين والمواطنين في البلدين فقط، بل ستمتد إلى غيرهما، لأن عدوى اللجوء إلى الشوارع لم تعد داخلية، وتصل الأصداء والمضامين سريعا إلى الخارج عندما تنتصر إرادة الشعوب على الحكام، الذين يفقدون كل ما حصدوه من مكاسب تدريجيا.

وتضع الحكومة المصرية نصب عينيها ما يجري في الجزائر والسودان، ويبدو أنها تحاول حاليا عدم تهيئة الظروف المواتية لعودة التظاهرات إلى الشوارع، واجتثاث العوامل التي قد تدفع إليها، وكانت قد سنت قوانين تضاعف من صعوبة خروجها أصلا.

ولأن البرلمان يجري تعديلات على الدستور وتتعرض لبعض المواد المثيرة للجدل، بدأ مجلس النواب يتريث في إجازتها وخروجها من غرفه المغلقة. وبعد الإعلان عن اقتراب موعد إقرارها الأسبوع الماضي، فوجئت دوائر سياسية عديدة بتأجيلها، ما يشير إلى أن المسألة تحتاج لمداولات على ضوء المستجدات في كل من الجزائر والسودان.

وفسّر بعض المتابعين التأجيل بأنه محاولة لتحاشي إقرار مواد مثيرة للجدل، وفي مقدمتها المادة التي تنص على تمديد فترة الرئيس لست سنوات، ومنح الرئيس عبدالفتاح السيسي أحقية في الترشح مرة ثالثة ورابعة، ما يعني أنه سيستمر في الحكم لمدة 12 عاما (حتى عام 2034) بعد انتهاء ولايته الثانية الحالية في 2022.

ومهدت دوائر مقربة من الحكومة المصرية لهذه الخطوة من خلال تركيز وسائل الإعلام على أن هناك مقترحا لتكون مدة الـ6 سنوات بأثر رجعي، بمعنى تنطبق على الرئيس السيسي فقط، ويجوز تمديد ولايتيه من 4 سنوات لكل واحدة إلى 6 سنوات، أي يمضي في السلطة 4 سنوات أخرى فقط بعد انتهاء ولايته الثانية، ليكون حكم بذلك 12 عاما وفقا للتعديلات الدستورية المقترحة، وهو أمر لم يكن مطروحا من قبل.

وقال عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن “الذهاب باتجاه إنهاء الفترة الرئاسية للرئيس السيسي في العام 2026 سيغير من اتجاه الكثير من القوى التي أعلنت مقاطعتها للاستفتاء، ويثبت أن القائمين على التعديلات الدستورية أدركوا أنه لا مجال للاستمرار المطلق في الحكم، وأن انتقال عدوى التظاهرات قد يأتي لا محالة”.

وأكد ربيع لـ”العرب”، أن وطأة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية لم تختمر بالشكل الذي يؤدي إلى وجود احتجاجات قريبا، لأن هناك اتفاقا ضمنيا على عدم العودة إلى السيولة الأمنية التي تسببت فيها ثورتا يناير 2011 ويونيو 2013، ما يستوجب التعامل مع الموقف الراهن بكياسة وإيجاد متنفس يمنع انفجار الشارع.

وأثار الاتجاه نحو تغيير مسار بعض التعديلات، خاصة المادة المتعلقة بمدة حكم الرئيس، خلافا في وجهات النظر، ففي الوقت الذي رأى البعض أن ثمة حاجة سياسية إليها في هذه الأجواء، قال خبراء قانون إن التعديل يجب أن يكون سليما من الناحية الدستورية، كي لا يخرج مشوّها ومثيرا للارتباك.

وأوضح الخبير القانوني، شوقي السيد، أن البرلمان يواجه مأزقا دستوريا يدفعه إلى إعادة النظر في وضع مادة انتقالية بالتعديلات الحالية.

وأضاف لـ”العرب”، هناك خلاف حول تفسير كلمة “الأثر الفوري المباشر”، لأن المقترح المقدم تضمّن أن “تسري على الفترة الرئاسية الحالية والسابقة”، فيما يعد التفسير الأدق لها بأنها “تطبق في الفترتين الرئاسيتين المقبلتين”، وبالتالي أصبح البرلمان مطالبا بتوضيح الغرض من التعديل من خلال المضابط المصاحبة للتعديلات والتي تكشف الحكمة من النص وفهمه وتطبيقه بشكل واضح.

4