رالي دكار يخوض تجربة صديقة للبيئة من السعودية

الرالي الأشهر عالميا يسعى إلى تحويل السباق إلى صديق للبيئة قدر الإمكان، حيث تخوض شاحنة هجينة (وقود وكهرباء) هذا العام أول سباقاتها التنافسية.
الأحد 2020/01/12
نجاح التجربة رهين السنوات المقبلة

يختبر رالي دكار في الصحراء العربية بالسعودية تجربة جديدة تجعل من هذا السباق العالمي صديقا للبيئة، حيث تخوض شاحنة هجينة (وقود وكهرباء) هذا العام، أول سباقاتها التنافسية، على أمل أن تصبح جميع سيارات الرالي، الذي بات يشكل مختبرا لتطوير مركبات جديدة، كهربائية مستقبلا.

الرياض – ترسم مشاهد السيارات والدراجات النارية والشاحنات التي تجوب رمال الصحراء العربية في رالي دكار المقام للمرة الأولى في السعودية، مشهدا خلابا، لكن الحديث عن التغير المناخي بدأ يلقي بظلاله على السباق.

وأصدرت هذه المركبات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود، على مدى 42 عاما، انبعاثاتها على امتداد أفريقيا وأميركا الجنوبية، وحطت بدءا من هذا العام في السعودية، مع استمرار غضب المدافعين عن البيئة.

وفي ظل هذه الخطوات، بدأ الرالي الأشهر عالميا يخطو خطواته الأولى تجاه التحول إلى حدث صديق للبيئة قدر الإمكان.

وترى المسؤولة في جمعية فرنسا للطبيعة والبيئة، آن لاسمان - ترابييه، أن رالي دكار “بعيد جدا” عن المسار المطلوب، مضيفة “لا زال يثير اهتمام بعض الناس، ولكن لم يعد في مسار متلازم مع التاريخ”.

وأدرك المنظمون المنحى المطلوب اتخاذه نحو حماية البيئة، وأبدوا رغبتهم في التحول إلى سباق صديق لها، على غرار منافسات أخرى في رياضة المحركات التي عرفت على الدوام باستهلاكها المفرط للوقود، سواء أكان في السباقات والمنافسات نفسها، أو ما تتطلبه من انتقال دائم حول العالم.

ويقر المدير الجديد لرالي دكار الفرنسي، دافيد كاستيرا، بأنه “عندما يتعلق الأمر برياضة المحركات، تدرك جيدا أنك لا تتماشى مع الزمن. لدينا 350 مركبة (في الفئات الخمس للرالي) تعمل كل يوم، وهو واقع يتحدث عن نفسه، ولكننا نعمل على (تحسين) الوضع”.

ووضع الرالي على مدى أعوام برنامجا لتعويض انبعاثات الكربون في الأمازون، حيث بات السباق يشكل مختبرا لتطوير مركبات جديدة، ففي عام 2017، نجحت سيارة مصنعة كهربائيا بنسبة مئة بالمئة في بلوغ خط النهاية بعد محاولتين فاشلتين في الأعوام السابقة.

وأنهت السيارة التي صممت برعاية شركة “أكسيونا” الإسبانية للبناء والطاقة المتجددة، الرالي في المركز الـ52 بفارق 82 ساعة و31 دقيقة و48 ثانية عن الفائز حينها في فئة السيارات الفرنسي ستيفان بيترهانسل.

ولم تقدم السيارة صورة جيدة عن القدرة على التسابق بالاعتماد حصرا على الطاقة الكهربائية، لكنها مثلت بداية جيدة وخطوة أولى لمساع أخرى.

وتخوض شاحنة هجينة (وقود وكهرباء) هذا العام، أول سباقاتها التنافسية، وتظهر أن المركبات الهجينة قادرة على تحدي الظروف المحيطة.

ويقول السائق الهولندي غيرت هوزينك “يتم شحن النظام الكهربائي فقط أثناء القيادة، لذا ليس هناك داع لمولّد أو شاحن”، وبالتالي فإن المركبة “تزوّد بالوقود من خلال العمل الداخلي للشاحنة”.

كما تجرى اختبارات على سيارات دفع رباعي كهربائية بقيادة الفرنسي غيرلان شيشيريه الذي خاض غمار رالي دكار في تسع مناسبات. وأكد “إننا نواجه اليوم الأمر الواقع، وعلى رياضة المحركات أن تتطور. علينا تقبّل فكرة أن الأمور تتغير وتعاصر الأزمنة”.

ويمكن لـ”أوديسي 21” بفضل بطارية تبلغ قوتها 60 كيلووات في الساعة ومحركين كهربائيين، أن تحقق سرعة قصوى تبلغ 200 كلم/ساعة، وكل ذلك من دون أن تثير الكثير من الضوضاء.

وعلى الرغم  من أن صوت المحركات القوية شكّل على مدى الأعوام جاذبا أساسيا لمشجعي رياضات السرعة، يشكل “صمت” المحركات الكهربائية اختبارا جديدا.

 لكن السائقين يؤكدون أنهم بدأوا الاعتياد على التجربة. وأوضح شيشيريه “الأمر مفاجئ في رياضة المحركات، تستمتع بالأصوات التي تصدرها المركبات. ولكن بعد أسبوع في الصحراء على متن سيارة لا تصدر صوتا، يمكنني القول إن هذا أفضل بكثير”.

ويطمح الفريق المشرف على التجربة، دخول المنافسة جديا قريبا. لكن المشكلة التي يعاني منها في سباق تمتد فيه بعض المراحل لأكثر من 600  كلم، هي قدرة البطاريات على العمل، إذ أنها غالبا ما تصبح بحاجة إلى الشحن بعد الكيلومترات الخمسين الأولى.

وبحسب شيشيريه “الهدف أن تكون (التجربة) ناجحة بحلول 2023 أو 2024”، متابعا “نحن واقعيون، ولكن علينا البدء بذلك عام 2021. سنكون الاختبار، أنا أدرك ذلك وأنا جاهز للقيام به”. ويشدد على أن “هذا ما سيجعل المشروع أكثر إثارة”.

ويقول المهندس الذي عمل على تصميم سيارة الدفع الرباعي الكهربائية، ثيوفيل كوزان، إن دكار قد يخاض يوما ما في المستقبل، بسيارات كهربائية بالكامل، مؤكدا “هذا سيحصل، أنا متأكد من ذلك”.

وتعتبر لاسمان - ترابييه أن إعادة هيكلة المركبات قد تعطي بعدا جديدا للسباق.

24