رؤية 2030.. فتح الفتوح ونهاوند الغد العربي

المملكة العربية السعودية على طريق النهوض الصعب والشاق للأمة العربية، هكذا يصنع التاريخ، وتحديدا في هذه الأرض التي كانت مهدا لأكبر الثورات الروحية.
الأربعاء 2018/10/24
الإصرار على تحقيق الرؤية

هناك تصنيف نحتاجه لنقل التجربة العراقية الطويلة مع النظام الإيراني، لنلحقها كإضاءة مضافة على طريق تلك القافلة عظيمة المهمات للمملكة العربية السعودية ورؤيتها للعام 2030؛ لم يكن أحد يتوقع أن يكون ذلك الطريق بلا مخاطر أو صعوبات ومفاجآت تتطلب أحيانا صعودا حذرا ومتأنيا.

مهارة القيادة في التأسيس لأي مشروع يحاول أن يضع الحاضر على عجلة المستقبل، ترافقه حتما نسبة كبيرة من المغامرة والمجازفة مع جدية قراءة المفردات في قاموس الإصرار على تحقيق الرؤية واكتمال حلم بناء، كان في وقت ما أقرب إلى المستحيل.

ولأن العراق خاض تجربة مجاورة للمشروع الإيراني منذ مجيء الخميني إلى السلطة، بما فيها من معروضات الحرب الإيرانية العراقية المتاحة للتفكر والتأمل، أو للمرور العابر عليها كذلك؛ إضافة إلى شبكة دقيقة من تفاصيل الهوس الإيراني لإعادة إحياء ما اعتبرته الإنسانية بعضا من مخلفات الفكر البشري البدائي، مترفعة عن تصديق تأويلات النظام الذي يحاول إقناع العالم أنه في لحظة عبور متجانسة معه وصلت إلى نقطة تفتيش عند بوابة سنة 2019.

ملالي إيران عليهم استحقاقات احترام حمولة من الإنجازات الإنسانية على مستوى زمني ممتد في التاريخ، تحرك ببطء في بداياته، ثم اختصر المسافات الأرضية ووضع الشك بالنسبية موضع اليقين بالتطبيق؛ وما بدا عند غراهام بيل معجزة عندما سمع الإنسان لأول مرة صوت أخيه على الضفة الأخرى البعيدة، في الهاتف، يقول له “أنا أحتاجك”، صار تقليدا يوميا تحمله الأكف البشرية لترى على شاشته وجوها لا تدخل ضمن اختياراته في الحب أو اللاحب، إنما لتفهم وتتبادل المعلومة والتعلم والاختيار الحر.

عند نقطة مفصلية كهذه وضعت المملكة العربية السعودية تصميما، بما يعنيه التصميم من إرادة قرار سياسي تاريخي، وبما يعنيه من صناعة بيئة علمية وفنية تعمل كقوة جاذبة لتجمع استثنائي من العقول المتمردة على المألوف وغير الممكن.

عقول شابة لها طاقة ابتكار تحظى برعاية رصينة من علماء الاقتصاد وتكنولوجيا الاتصالات والبيئة والطاقة، والهندسة التي حطمت الأسوار الأكاديمية وانفتحت على فضاء بلا حدود تجاه فن المزاوجة بين التقنيات بالاعتماد على صروح ونماذج دعمتها اختصاصات فلسفة تكوينات البناء ووظائفها المكملة لامتدادات المكان ورحلته في الزمن.

قيادة شابة تستحضر المستقبل وتراه ماثلا أمامها، وتأمل أن تتابع خطواته بهؤلاء الذين يشكلون خلية النحل التي ستنتقل بحلم العروبة على أرض المملكة العربية السعودية إلى جوهر الحقيقة في بحث الأمة عن مضادات حيوية تحقن فيها جسدها لتتحصن بالمناعة من فيروسات المد الهمجي للمشروع الإيراني، وسعيه منذ 40 سنة لترسيخ اليأس في نفوس الأمة العربية وشبابها ولإحباط كل آمالهم في التغيير ومواكبة التطور، محاولا أن يزرع فيهم بذور برنامج فتنته المذهبية النووية لإبادتهم وتحويلهم إلى قبائل متناحرة ومتنافرة، لغاية تصدير برامجه التبشيرية والتي بدأ بتجريبها في مختبر العراق منذ فبراير 1979.

نظام الملالي منذ أيام سمح لأول مرة لعدد من النساء بدخول الملاعب الرياضية. يبدو خبرا عابرا، لكنها رؤية السعودية 2030، حيث الضوء يتسلل دون رقابة بين أروقة ظلام ولاية الفقيه؛ وكأن النظام يرسل رسالة إلى العالم مفادها أن فيه أملا، فقط جربونا وامنحونا فرصة لنثبت لكم أن لنا رؤية طموحة لإعادة حقوق الإنسان لإيران وللمنطقة، وإننا نعتذر.

تكررت الاعتذارات في الآونة الأخيرة حد تقبيل أيادي الشعوب الإيرانية لحثهم على دعم نظامهم في الظروف الصعبة، رددها الرئيس الإيراني حسن روحاني في طهران، وتردد صداها في الزعامات الميليشياوية. الاعتذار لا غير الاعتذار لديهم لإنقاذ ماء الوجه تجاه رؤية 2030، وهي رؤية ثابتة ميزتها أنها رد مقاوم من جبهة الحياة ضد جبهة الموت وصادراته بإدارة تنظيم الدولة في إيران.

لذلك نحتاج إلى تصنيف بعض منتجات تجربة العراق مع إيران الملالي. العراق الذي قدم مليون شهيد من شبابه ورجاله وخبراته العسكرية وتضحياته الجسام، لمنع وإيقاف تسلل شاحنة منتجات الخميني من نقطة تفتيش عراقية أدت ما عليها من واجبات ومهمات لعدم انتقال مرض ووباء ولاية الفقيه إلى العراق، ثم إلى امتداد أمته العربية.

قيادة شابة تستحضر المستقبل وتراه ماثلا أمامها، وتأمل أن تتابع خطواته بهؤلاء الذين يشكلون خلية النحل التي ستنتقل بحلم العروبة على أرض المملكة العربية السعودية إلى جوهر الحقيقة في بحث الأمة عن مضادات حيوية تحقن فيها جسدها لتتحصن بالمناعة من فيروسات المد الهمجي للمشروع الإيراني

بتلك التضحيات والبسالة وبسيل الدماء والألم، نعاود تصنيف السلطة الحاكمة في العراق السليب ببصرنا وبصيرتنا في تلمس دوائر الظلام المحيطة بمركز القرار في العراق. تصنيف يقلقه السؤال عن شعب العراق الذي كان في نقطة التفتيش تلك، من ثمانينات القرن الماضي.

السياسيون في السلطة ومَن حولهم، يتصرفون بما ينفعهم من حكمة القرود التي لا تسمع ولا ترى لكنها تتكلم وترد وتجادل بما سمعت وبما رأت. نتلافى وصفهم الدقيق لأسباب اللياقة واحترام القارئ ونكتفي بما قاله الشعب العراقي ورفعه من شعارات غاضبة وحرائق دفع بعضهم حياته ثمناً لها؛ وبالنزوح المتقابل تحت شتى الأسباب الذي يكفي أيضا لتفسير نتائج سعيهم لتعميم مشروع الإرهاب المتقابل في العراق.

أحزاب وشخصيات إيرانية الولاء تتحكم بالعراق تحيط بها دائرة من الموظفين في خدمة متولي أوقاف السلطة، أما الدائرة الأخرى فهي تهرول بالمشبوهة أموالهم وأيضا بالمؤكدة مصادر أموالهم من مصائب العراق وتداعياتها، وضمنهم تنظيم الإخوان وكيف يتقلب على جمر الإذلال الإيراني وجمر نظرية القرود التي يتعامل بها مع الملايين من المهدورة كرامتهم ودمهم من أبناء المدن المدمرة.

الدائرة الأبعد هي من الذين تتقلب قلوبهم بين الانتماء للوطن وإيران، لأسباب مذهبية أو لغاية إحداث توازن يبرر الاحتلال الإيراني للعراق، وأغلب هؤلاء من الإعلاميين والمحللين والمنتفعين ممن يضعون السعودية تحت عين واحدة مفتوحة لرصدها وزجها في أي حديث يتطلب الإجابة عن أسباب غلق العين الأخرى، وهم ينجرون، دون وعي منهم، بالتركيز على المملكة كمصدر قوة للعروبة ومشروعها الحضاري المستقبلي مقابل مشروع ولاية الفقيه وصادراته الظلامية.

لكن جميع تلك الدوائر مصابة بداء تناسي الذين ذادوا بالأمس عن بلادهم وأمتهم في نقطة التفتيش العراقية، واليوم يتدافعون بمأساتهم للالتقاء عند نقطة نزوح وشروع مشترك وتضحيات بلا نهاية ليكتشفوا من خلالها بالتجربة المرّة أن ليس لهم سوى أمتهم، مهما جارت عليهم الأيام وتناوشهم الإرهاب من تنظيم الدولة الإيرانية أو تنظيم الدولة أو تنظيم دولة الإخوان.

المملكة العربية السعودية على طريق النهوض الصعب والشاق للأمة العربية، هكذا يصنع التاريخ، وتحديدا في هذه الأرض التي كانت مهدا لأكبر الثورات الروحية بما مهدت له من ملاحم أسطورية لم يتوقع أحد من طغاة الإمبراطوريات أن يفتح بها العرب بوابة تاريخ عظيم ومؤثر في العالم القديم وحضاراته.. لذلك رؤية المملكة 2030، فتح الفتوح في حاضرنا ونهاوند غدنا العربي.

9