رؤية المغرب جوهرها مواكبة التعليم لمتطلبات التكوين والتشغيل

العاهل المغربي يؤكد على ضرورة ربط التعليم النافع بالتكوين والتشغيل المنتج للذهاب بعيدا بالمغرب في مجالات التنمية السوسيو-اقتصادية.
الثلاثاء 2018/09/25
التكوين قاطرة حقيقية للنهوض بالتشغيل

يؤكد المغرب دائما على أن رؤيته الإصلاحية لمنظومة التعليم يجب أن تكون مبنية على أسس متينة تستوعب تطلعاته لمستقبل الأجيال القادمة على مستوى التكوين وظروف التشغيل، وبما ينسجم مع “الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030” التي تضع هذه الخطة ضمن أبرز أولوياتها.

الرباط - تطرح أزمة المنظومة التعليمية في المغرب العديد من نقاط الضعف التي يتوجب على القائمين على برنامج الإصلاح أخذها بعين الاعتبار ومنها بالأساس محاولة جعل هذه المنظومة تراعي متطلبات التكوين والتشغيل بالنسبة إلى الخريجين في المستقبل بما ينسجم مع رؤية المغرب في هذا الاتجاه.

وأكد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، أن البرنامج التنفيذي لدعم التمدرس وتنزيل إصلاح التربية والتكوين الذي يأخذ بعين الاعتبار توصيات “الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2030-2015 من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء”، يجسد الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها قطاع التربية والتكوين في علاقته بمستقبل الأجيال الصاعدة، وكذلك العناية الخاصة التي يوليها العاهل المغربي الملك محمد السادس لإصلاح هذا القطاع الحيوي والتزامه القوي بضمان شروط ملائمة لنجاحه.

وأشار المسؤول الحكومي، الذي كان يتحدث أمام الملك محمد السادس، إلى أنه من شأن هذا البرنامج إعطاء دفعة قوية للبرامج ذات الطابع الاجتماعي، التي تستهدف مواجهة المعيقات السوسيو-اقتصادية للتمدرس والتخفيف من التكاليف التي تتحملها الأسر، وسيتم العمل على تعزيز هذا البرنامج “تيسيرا” للدعم المالي المشروط وتثمين مكتسباته، وتنفيذ برنامج تعميم وتطوير التعليم الأولي، وتعزيز خدمات الإيواء والإطعام والنقل المدرسي، وتحسين الخدمات الاجتماعية لفائدة طلاب التعليم العالي.

وأبرز أمزازي أن من شأن تنفيذ هذه البرامج الاجتماعية المساهمة في تحسين مستوى التحصيل الدراسي للطلاب المستفيدين، وكذلك تقليص نسبة الهدر المدرسي، لتنتقل بالابتدائي في الوسط القروي من 5.7 بالمئة حاليا إلى 1 بالمئة في أفق الموسم الدراسي 2025-2024، ولتنخفض بالإعدادي في الوسطين القروي والحضري من 12 بالمئة حاليا إلى 3 بالمئة في أفق الموسم الدراسي 2025-2024.

وحسب وزارة التربية والتعليم لم تتجاوز نسبة التمدرس 49.6 بالمئة خلال العام 2017 بالنسبة للتعليم الأولي، وقد شرعت هذه الأخيرة منذ الموسم الحالي في تحسين هذه النسبة باستهداف 100 ألف طفل إضافي من أصل أكثر من 700 ألف طفل غير متمدرس، ويتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 67 بالمئة في أفق 2021 مع إعطاء الأولوية للمجالين القروي وشبه الحضري والمناطق المهمشة. وأشار الوزير أمزازي إلى أن الهدف المتوخى هو تعميم التعليم الأولي لفائدة أطفال الفئة العمرية من أربع إلى خمس سنوات في أفق 2027، ليشمل الفئة العمرية ثلاث سنوات ابتداء من سنة 2028.

وبخصوص معالجة إشكالية التعليم وتكوين الشباب في علاقتها بمنظومة التربية والتكوين، قال وزير التربية إن برنامج الإصلاح هذا يتضمن مجموعة من التدابير الرامية إلى ضمان ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل، لا سيما مع تنويع البرامج التربوية وملاءمتها لمتطلبات سوق الشغل ووضع استراتيجية للمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح.

واستنادا إلى دراسة حول “الملاءمة بين التكوين والتشغيل بالمغرب” أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، فقد بلغ معدل بطالة حاملي شهادات التعليم العام في المتوسط حوالي 20 بالمئة وما يقرب من 26 بالمئة بالنسبة إلى حاملي شهادات التكوين المهني و11.2 بالمئة بين النشيطين المشتغلين دون شهادة.

سعيد أمزازي: برنامج الإصلاح يهدف إلى ضمان ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل
سعيد أمزازي: برنامج الإصلاح يهدف إلى ضمان ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل

وأكد العاهل المغربي في عدة مناسبات على ربط التعليم النافع بالتكوين والتشغيل المنتج للذهاب بعيدا بالمغرب في مجالات التنمية السوسيو-اقتصادية. وفي خطابه يوم 20 أغسطس الماضي بمناسبة ثورة الملك والشعب، شدّد الملك محمد السادس على أوجه القصور في نظام تعليمي يستمر في تخريج أفواج من العاطلين، مؤكدا على ضرورة ضمان ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل، لأن النظام التعليمي المغربي في صيغته الحالية فشل في مهمته الأساسية والمتمثلة في تمكين الشباب من تكوين ذي جودة موجه لفتح أبواب سوق الشغل أمامهم وتشجيع إدماجهم السوسيو مهني.

وأكدت المندوبية السامية للتخطيط، أن البطالة تعرف منحى مختلفا لحاملي شهادات التكوين المهني إذ يرتفع بحوالي 21 بالمئة للحاصلين على شهادة الاستئناس المهني، وإلى 26 بالمئة بالنسبة لحاملي شهادة التخصص المهني، و29 بالمئة بالنسبة إلى حاملي شهادة التأهيل المهني، وحوالي 27 بالمئة بالنسبة إلى التقنيين المتخصصين.

كما شددت الدراسة على أن التكوين المهني وبالنظر إلى الضعف البيّن لملاءمته مع سوق الشغل، لا يمكن تقييمه دون وضعه في إطار الهياكل الاقتصادية الوطنية، فالمناصب التي توفرها هذه الأخيرة والتي لا تتطلب في معظمها أي تأهيل وتعد ضعيفة الحماية والأجر، تبخس في الواقع التكوين ولا تشجع الأفراد والأسر على الاستثمار من أجل الحصول على أكثرها كفاءة.

ودعا الملك محمد السادس الحكومة إلى إعادة النظر بشكل شامل في تخصصات التكوين المهني لجعلها تستجيب لحاجيات المقاولات والقطاع العام، وكذلك وضع برنامج إجباري على مستوى كل مؤسسة لتأهيل الطلاب والمتدربين في اللغات الأجنبية، مؤكدا على ضرورة إعطاء الأولوية للتخصصات التي تمكن من الحصول على شغل، وإرساء نظام ناجع للتوجيه المبكر خلال السنة الثانية أو الثالثة التي تسبق شهادة البكالوريا. ويتضمن برنامج العمل الذي قدمته وزارة التربية والتعليم مجموعة من التدابير الرامية إلى ضمان ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل، لا سيما تنويع العرض التربوي وملاءمته مع متطلبات سوق الشغل، ووضع منظور جديد للمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح، ومأسسة وتعزيز التكوين بالتناوب، وإحداث جيل جديد من مراكز التكوين المهني لتأهيل الشباب.

وفي سياق متصل أعلنت الحكومة المغربية عن تسجيل أكثر من مليون مستفيدة ومستفيد من برامج محاربة الأمية خلال الموسم الدراسي 2018-2017، إذ أعلن رئيس الحكومة سعدالدين العثماني أن أعداد التسجيل في برامج ما بعد محو الأمية فاق التوقعات بكثير؛ فقد جرى تسجيل 191 ألفا و304 من المستفيدين، بينما لا يتعدى الهدف المسطر في خارطة الطريق 120 ألف مستفيد.

وأشار العثماني إلى الآثار السلبية لآفة الأمية بالمغرب، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع أو الاقتصاد الوطني، التي مازالت تستلزم من الجميع استحضار الحس الوطني والواجب الإنساني لمحاربتها، والعمل على إغلاق جميع منافذها وخاصة إشكالية الهدر المدرسي التي تعمل الحكومة على معالجتها.

وبحسب آخر إحصاء رسمي للسكان والسكنى لعام 2014، فإن 32 بالمئة من المغاربة هم أميون، أي 8 ملايين و600 ألف أمي وأمية، ولم يتم تحيين هذا الرقم بدراسة جديدة رغم إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية منذ سنة 2013. ونوه محمود عبدالسميح، رئيس الوكالة الوطنية لمحو الأمية، بحصيلة سنة 2017 مشيدا بانخراط المجتمع المدني والقطاع الخاص، موضحا أن وكالته أبرمت شراكات مع عدة قطاعات حكومية لأجل تنفيذ برامج محو الأمية من حيث تعلم القراءة والكتابة وأيضا محو الأمية الوظيفية التي تركز على الشباب والنساء وعلى العالم القروي.

وحذر رئيس الحكومة من ارتفاع نسبة الأمية عبر الهدر المدرسي، مشيرا إلى أن الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم تركز على محاربة الهدر المدرسي عبر تعميم التعليم الأولي، مؤكدا أن حكومته لها الإرادة القوية للقضاء على هذه الآفة، مضيفا نحن واعون بأن القضاء على الأمية شرط ضروري لتحقيق تقدم البلد وضمان الاستفادة من جهود جميع أبناء الوطن.

17