دي ماريا في باريس بحثا عن بريق مفقود

الأحد 2015/08/02

شارفت مرحلة الأولد ترافورد، أي معقل نادي مانشستر يونايتد، بالنسبة إلى النجم الأرجنتيني إنخل دي ماريا على النهاية، ليقترب تبعا لذلك من خوض مغامرة جديدة يعزز بها رصيده من التجارب بعد أن تقمص في السابق أزياء ثلاثة فرق أخرى بخلاف مانشستر.

وتؤكد آخر الأخبار والمعطيات أن هذا اللاعب وافق رسميا على التعاقد مع نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، بل ووصل الأمر إلى درجة حصول الاتفاق على كل الجزئيات المتعلقة بالعقد الجديد ولم يعد أمام دي ماريا والنادي الباريسي سوى الإعلان الرسمي عن “الزيجة”.

لكن في خضم هذه التحركات والأخبار المتعلقة بالدولي الأرجنتيني يبقى السؤال المرافق للخطوة الجديدة في عالم الاحتراف بكبرى الأندية الأوروبية هو هل يحصد دي ماريا النجاح الذي حققه سابقا مع ريال مدريد أم تكون المرحلة المقبلة امتدادا للتجربة المريرة والفاشلة مع مانشستر؟

نظريا يبدو دي ماريا الذي ولد سنة 1988 ونشأ في نادي روساريو سنترال الذي قدمه لأوروبا من خلال بوابة نادي بنفيكا البرتغالي قبل اللعب بعد ذلك مع النادي الأسباني العريق ريال مدريد، على استعداد لاستعادة بريقه السابق وتألقه الكبير في أسبانيا، خاصة أنه مازال صغير السن حيث لم يتجاوز 27 عاما وبمقدوره اللعب لسنوات طويلة إضافية.

لكن على أرض الواقع تبدو المهمة صعبة للغاية ولا يمكن التكهن بما سيحصل لهذا اللاعب مع النادي الفرنسي، خاصة إذا استحضرنا ما حدث له الموسم الماضي في إنكلترا حيث قضى موسما متقلبا واستثنائيا ولم يقدر على مواصلة مسيرة التألق والإبداع على الأراضي الإنكليزية لعدة أسباب، أهمّها عدم قدرته على التأقلم مع حاجيات ومتطلبات الجهاز الفني لمانشستر، وكذلك تعرضه المستمر للإصابات ما حال دون مشاركته بصفة مسترسلة.

والثابت أيضا أن دي ماريا الذي لم تتحدد بعد مسألة خروجه من مانشستر لن يجد في صورة تأكد خبر رحيله إلى عاصمة الأنوار الطريق مفروشة بالورود كي يستعيد سالف ألقه ونجاحاته السابقة التي حققها سابقا مع الريال خاصة أن المعطيات الجديدة المتوفرة في النادي الباريسي قد لا تضمن له أن يكون نجما كبيرا من يومه الأول، والتجارب السابقة في هذا النادي تؤكد هذا المعطى، حيث قدم عدد كبير من اللاعبين النجوم غير أنهم فشلوا في إثبات الذات بفرنسا على غرار مواطنه إيزيكال لافيزي والإيطالي مينيز والفرنسي كاباي دون أن ننسى البرازيلي دافيد لويز الذي لم يحقق الموسم الماضي النجاح الكبير بعد أن فضل إغراءات الفريق الفرنسي من الناحية المالية على البقاء مع نادي تشيلسي الإنكليزي.

ربما يمكن تفهم موقف دي ماريا الساعي للخروج من سطوة وسلطة لويس فان غال المدرب الهولندي لمانشستر يونايتد، حيث عامله ببرود كبير ولم يعول عليه في أغلب مباريات نهاية الموسم الماضي مفضلا عليه لاعبين آخرين، لكن يبقى أمرا آخر غاية في الأهمية قد يكون شجّع هذا اللاعب على السعي إلى تحويل وجهته نحو العاصمة الفرنسية، هذا الأمر يبدو مرتبطا بشدة بالجوانب المالية، فبلغة الأرقام ستكون الصفقة قياسية بأتم معنى الكلمة إذ سيكلف هذا التعاقد باريس سان جيرمان حوالي 63 مليون يورو لمدة أربعة أعوام، وسيحصل اللاعب على 11 مليون يورو خالصة الضرائب كل عام، وهو ما يعني أن الامتيازات المالية التي سيحصل عليها مستقبلا ستكون أفضل مما سيغنمه مع مانشستر يونايتد.

ولهذا السبب من حق دي ماري ألا يتردد كثيرا في قبول العرض والرضوخ لإغراءات أموال النادي الباريسي.

أما من الناحية الرياضية فإن الرحيل من “جحيم” مانشستر نحو فضاء أرحب وأقل ضغطا قد يكون عنصرا مؤثرا لاختيار هذا القرار، فاللعب بالدوري الإنكليزي يبدو مختلفا تماما عن المنافسة في الدوري الفرنسي مع باريس سان جيرمان الذي فرض منذ سنوات سيطرته على منافسات الدوري المحلي، وبالتالي فإن فرضية تذوّق طعم التتويج مع فريقه الجديد تبقى نسبتها أكبر بكثير قياسا بما يمكن أن يحققه مع مانشستر يونايتد، دون أن ننسى أن لدي ماريا ضمانات أخرى تتعلق أساسا بالتعويل عليه ضمن التركيبة المثالية باستمرار وهو ما افتقده في مانشستر يونايتد.

وفي المحصّلة فإن دي ماريا، الذي فقد نسبة كبيرة من مؤهلاته وأسهمه في سوق النجوم الكبيرة في العالم، يعلم جيّدا أن تاريخ باريس سان جيرمان لا يقارن البتة مع تاريخ مانشستر يونايتد العريق، لكنه أدرك أن الرحيل من “عش الدبابير” حيث “لسعات” المدرب لويس فان غال قوية و”سياط” نقد وسائل الإعلام الإنكليزية حادة، يبدو أفضل وأسلم من البقاء في هذا النادي العريق، لذلك فإن اللعب في فريق طموح لا يتوانى بالمرة في دفع الأموال ويوفر له فرصة اللعب بشكل دائم، يبدو الضمانة الأساسية في رحلة البحث عن الألق المفقود.

كاتب صحفي تونسي

23