دور المثقف في ما يحدث

الأحد 2015/02/22

يختلف المثقفون -ولنقل العاملين في مجال الثّقافة والفكر، إذا كان هناك من لا يرتاح لمصطلح المثقف- في المجال الذي يستطيعون التأثير عن طريقه، فالرسام بفنه وتعبيراته، والخطاط بما يرسم من كلمات مؤثرة، والنحات والمصمم والصحافي بما يكشف من حقائق، والباحث والأديب والشّاعر. فعندما طلب مني المشاركة في ندوة لمجلة “الجديد” تحت هذا العنوان العريض، حرت في أمري، وكأن الأحداث أكبر من الثقافة ونراها تصنع سلاح النار والدين الهوس الطائفي.

ماذا يفعل المثقف، وهو لا يملك سوى القلم والكلمة، الكلمة التي قد لا تخرج من حنجرته أو من حبر قلمه إلا وهو يتلفت. ألم يُقل، وما زال يقال: السيف أصدق أنباء من القلم؟ لكني، في ما يختص بي إذا كنت ادّعي أنني ألعب دورا، كمشتغل ومهتمّ بالكتابة والبحث، قد وجدت لي زاوية، يشاركني فيها أو أنا أشارك بها آخرين، وهي نافذة التّراث، الديني والاجتماعي والسياسي، وقد كنت أهتمّ بها منذ ثلاثة عقود ويزيد. مع أن العديدين رموني بتهمة الماضوية، وهي تخفيف لتهمة الرّجعية، إن صحّت العبارة، على أن ذلك زمنا انتهى وولّى ولا داعي للانشغال به. طرف آخر لا يرتضيه هذا الاهتمام لشخص يحاول البحث عمّا يجمع الناس، ويخفف من الكراهية وروح العنف بينهم.

أجد في ربط الماضي بالحاضر زاوية أخرى للتأثير في العقل العربي والمسلم عموما، فهذا العقل مبتلى بالماضوية، إلى حدّ كبير، وبما أن المتشددين أو المتعصبين يبحثون عمّا يسقي عنفهم بتأثير غير عادي، من نص ديني أو بيت شعر أو ممارسة ما، فهناك جانب آخر في التراث أو التاريخ، سميته بالتراث المحجوب، وأقصد بالمحجوب ذلك الذي حسب على غير الديني، وخفي وراء النص الديني، مثلما هو حال المنسوخات من الآيات، مع ما فيها من ودّ وقرب بين الناس بأن آية السيف نسختها، وقد جعلوا العنف هو المطلق والحب والسلام هو المربوط بأسباب نزوله. أحاول عن طريق ما كتبته وأكتبه في كتبي ومقالاتي وبحوثي التأثير به، هذا هو دوري وللآخرين أدوارهم.


باحث عراقي مقيم في لندن

11