دمى نابضة بالحياة تفتن البعض وتثير اشمئزاز آخرين

هواية غير عادية للألمانية ياسمين كارل عبر تزيين الدمى وجعلها نابضة بالحياة.
الاثنين 2021/02/22
دمى بملامح الأطفال

لوكسشتيت (ألمانيا) - ينام الصغير “تشيسي” على بطانية وعيناه مغمضتان وفمه مفتوح قليلا. وولد “تشيسي” في 11 نوفمبر عام 2020 وكان وزنه عند الولادة 1859 غراما، هذا على الأقل ما يخبرنا به الشريط الملفوف حول معصمه.

ومن يلتقط الخديج بين ذراعيه سيسمع دقات قلبه، ويجب إمساك رأسه عند حمله وإلا ستميل إلى الوراء. ومع كل هذه الأوصاف التي توحي بأن تشيسي طفل حقيقي، إلا أنه في الواقع ليس كذلك، فقلبه يعمل بالبطارية وجسمه مكون من أدوات تركيبية ومحشو بالقطن والحبيبات.

وتقوم الألمانية ياسمين كارل بتجميع هذه الدمى وتلوينها بطريقة تجعلها تكاد تكون حقيقية. وتقول ياسمين (41 عاما) المنحدرة من مدينة لوكسشتيت بولاية سكسونيا السفلى “أجد مكونات الدمى جميلة للغاية”.

و”الدمى النابضة بالحياة” هو اسم نحو عشرين دمية موضوعة للزينة في منزل ياسمين التي اكتشفت قبل ثلاث سنوات هذا النوع من الدمى عبر الإنترنت.

ومنذ ذلك الحين تقوم بتركيبها واحدة تلو الأخرى وتضيف إليها عيونا زجاجية وشعرا ورموشا وسرّة وطلاء ورديا على الوجه والذراعين والساقين.

وتحصل ياسمين على الدعم في هوايتها غير العادية من ابنتها فينيا البالغة من العمر 11 عاما، حيث تقول مُثنية على ابنتها “إنها تقوم بذلك الدعم على نحو جيد حقا”.

وكلتاهما قد تجلسان لساعات لتضعا طبقة وراء أخرى من طلاء الأكريليك على أسطح الدمى باستخدام إسفنجة حيث تبدو مثل بشرة الطفل.

ومن المواد المستخدمة أيضا زيت رائحته مثل رائحة بشرة الأطفال، حيث تؤكد ياسمين أن “هذا يجعلها تبدو أكثر واقعية”.

وبالنسبة إلى ياسمين فإن الأمر لا يتعلق بإيجاد بديل عن الأطفال فهي شخصيا لديها ستة أطفال أكبرهم يبلغ 20 عاما وأصغرهم سبعة أعوام. وتقول “لطالما كنت مفتونة بالدمى”.

ومع ذلك لا يمكن للجميع استيعاب شغفها بالدمى، حيث قالت لها إحدى صديقاتها ذات مرة “أنت غريبة الأطوار”.

بعض النساء يتعلقن بالدمى النابضة بالحياة، حيث يأخذنها معهن للتنزه في عربات الأطفال ويضعنها في غرف مخصصة للدمى لتنام
بعض النساء يتعلقن بالدمى النابضة بالحياة، حيث يأخذنها معهن للتنزه في عربات الأطفال ويضعنها في غرف مخصصة للدمى لتنام

وتعلم ياسمين أن هناك نساء يتعلقن بالدمى النابضة بالحياة، حيث يأخذنها معهن للتنزه في عربات الأطفال ويقمن بتلبيسها ملابس ثقيلة عندما يكون الجو باردا، وفي المساء يضعنها في غرف مخصصة للدمى لتنام، وتقول “لكن أنا لست كذلك (…) أنا لا ألعب مع الدمى النابضة بالحياة، أترك ذلك لصغيراتي”.

ومع ذلك تحب ياسمين تتبع النظرات المتحيرة والمصدومة للمارة عندما تخرج مع بناتها وبرفقتهن الدمى، حيث أكدت أنه “ذات مرة تتبع رجل ابنتي الصغيرة التي تعاني من إعاقة شديدة، لأنه كان يخشى أن يسقط الرضيع الذي تحمله من بين يديها. لقد كان يعتقد أن الرضيع حقيقي”.

أما ليودكاديا فولفرز فهي من الأشخاص الذين يعرفون الدمى النابضة بالحياة بحكم مهنتها، حيث تقوم بتنظيم معرض الدمى والدببة في مدينة إشفيجه بولاية هيسن الألمانية. وتقول فولفرز “قبل 15 عاما وصلت الدمى من الولايات المتحدة إلى ألمانيا وتزايد الطلب عليها بشكل كبير قبل عشرة أعوام”.

وبحسب بياناتها تشكل الدمى الشبيهة بالرضع 70 في المئة من المعروضات في معارضها.

وتقول فولفرز التي تمثل الدمى القديمة إحدى نقاط ضعفها “أتعامل مع الأمر بمهنية إلى حد ما”، موضحة أنها تتخذ الإجراءات اللازمة عندما تتوافد الزائرات فجأة بعربات الأطفال للتجول في المعرض.

وتضيف “حينها لا تصبح هناك مساحة للتجول. والآن قمنا بتوفير مساحة لركن عربات الأطفال حيث يتعين على الزائرات حمل الدمى بحمالة الأطفال”.

ولقد مرت ياسمين كارل وصديقتها سيلفيا مانجلز من قبل أيضا بهذا الشغف الذي ينتاب “أمهات الدمى” في المعرض.

----

وتقول مانجلز “إذا لم تكن مررت بهذا الأمر من قبل، فقد تعتقد أنهن مجنونات بعض الشيء”. ومن ناحية أخرى تعتقد مانجلز أنه من الطبيعي أن تبحث امرأة لم تتحق أمنيتها في الإنجاب عن بديل.

ومانجلز التي تعمل مربية أطفال أم لثلاثة أبناء من بينهم اثنان مقيمان معها في المنزل حتى الآن، كما تتولى رعاية حفيدها البالغ من العمر 5 أعوام بصفة دائمة.

ولدى مانجلز (47 عاما) أربع دمى نابضة بالحياة، وتقول “أجد ببساطة أن الأمر رائع”، مضيفة أنها عندما تستلقي على الأريكة مساء وهي مرهقة أحيانا تجلب إحدى الدمى وتضعها على صدرها لأن “هذا يهدئني”.

وتروي مانجلز أن البعض أخبرها من قبل أنهم يجدون الدمى النابضة بالحياة مخيفة، حيث قالت “لا أستطيع تفهم ذلك، إنها لطيفة”، أما صديقتها ياسمين فصنعت دميتين للهالوين بجروح وعيون حمراء.

“هذه هي الدمى التي تثير الخوف” بحسب وصف مانجلز التي أوضحت أيضا أن هناك من يحبون اللعب بقطار السكة الحديد، وهناك من يحبون قذف الجدران بأكياس الطلاء، وقالت “يجب أن يكون كل فرد قادرا على ممارسة هوايته (…) أنا لست بحاجة إلى طبيب نفسي”.

ويبدو أن العلم يرى الأمر بالمثل، فبناء على استفسارات تم توجيهها إلى جامعات ومؤسسات علمية اتضح أنه لا توجد دراسة على ما يبدو حول هذا الموضوع، ولم يرغب أي طبيب نفساني في التعليق على ظاهرة الدمى النابضة بالحياة.

--------

 

20