"دمشق صغيرة" بمذاق شامي في الخرطوم

أعرب عدد من السودانيين عن إعجابهم بالمذاق والصناعة الشامية، لاسيما في ظل افتقار المطبخ السوداني للتنوع، حيث عمل سوريون نازحون على نشر ثقافة بلدهم عبر مأكولاتهم الشهية وحرفيتهم.
الخرطوم- محلاّت تحمل أسماء حلب وحمص وروائح مأكولات وحلويات شامية وأحاديث بلهجة سورية: مرحبا بك في “دمشق الصغيرة” في قلب الخرطوم.
يتجاور عدد كبير من محلاّت الطعام السورية في منطقة كافوري الراقية في شمال الخرطوم، حيث تعبق رائحة الشاورما السورية في الشارع. وباتت المنطقة جذّابة للمئات من السودانيين من محبّي المطبخ السوري.
وقال الشاب صلاح الدين آدم، وهو يشتري ساندوتش شاورما الدجاج الذي يحبّه من مطعم في المنطقة، إنّ “المطاعم السورية مميّزة. تصميم المحلّ جذّاب والمكان دائما نظيف وقائمة الطعام متنوعة”. وتابع تاجر اللحوم أنّ “المطاعم السورية تتميّز بتقديم المقبلات وهو ما يعطي الأكل طعما خاصا. دائما تشعر أن الأكل شهيّ وطيّب وله صوت وصورة”.
وكانت طاولات المطعم المعدنية السبع مكتظة بالرواد السودانيين، فيما كان ثلاثة زبائن محليون ينتظرون استلام طلباتهم جوار منضدة رصّت عليها أطباق بلاستيكية تحتوي حلويات سورية.
ووفد أكثر من 200 ألف سوري إلى السودان، حسب بيانات منظمات مجتمع مدني محلية في العام 2018، إثر الحرب الأهلية التي اندلعت قبل نحو تسع سنوات، خصوصا أن البلد العربي الأفريقي يسمح لهم بالدخول دون تأشيرة.
أما المهندس أحمد سليمان والذي قال إنّه يتردد على المحلّ يوميا فقد أثنى على “المذاق والجودة”، مشيرا إلى أن “الشاورما والشيش طاووق والكباب كلها موجودة في السودان منذ سنين، لكن ليس بنفس الجودة الموجودة في المطاعم السورية. الفارق واضح في المذاق والطعم”.
وبمجرد دخول المنطقة الراقية، يخيّل للمرء أنه وصل سوريا إذ تحمل أسماء المحال كلمات مثل “الشام” و”السورية”، فيما يمكن سماع اللهجة السورية بين العشرات من المارّة في المنطقة.
وهذا التواجد الواسع يثير تنافسا بين المحلاّت لتقديم وجبات أكثر جودة وأفضل مذاقا. وأكد سليمان أنّ “كل مطعم يتميّز في صنف طعام محدد. هم يبدعون في تقديم الطعام وهو شيء لا يتميّز السودانيون به للأسف”. ولفت إلى أنّ ارتياده المطعم يحمل رسالة إنسانية “نحاول أن ندعمهم في أزمتهم عبر التردّد على مطاعمهم”.
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبّب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية، وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. ويحصل السوريون في السودان على التعليم والرعاية الصحية وكأنهم مواطنون سودانيون، كما أنّ لهم الحق في العمل وافتتاح مشروعات تجارية خاصة.
ومن بينهم مالك عبدالوهاب (32 عاما) المتحدر من حلب والذي وصل السودان قبل تسع سنوات وافتتح مطعما سمّاه “أيامك يا شام” يشغّل 15 موظفا غالبيتهم من أبناء وطنه. وقال إنه يحرص على “توفير أقصى نظافة وجودة ممكنة ومع الاهتمام بالمعاملة الطيبة مع الزبون”. ويفتقر المطبخ السوداني للتنوّع في تقديم الطعام الذي يعتمد على اللحوم المشوية للأغنياء والفول والفلافل للفقراء، كما أنّ المطاعم السودانية نفسها بسيطة المظهر والإمكانيات.
بمجرد دخول المنطقة الراقية، يخيّل للمرء أنه وصل سوريا إذ تحمل أسماء المحال كلمات مثل “الشام” و”السورية”، فيما يمكن سماع اللهجة السورية بين العشرات من المارّة
وشدّد عبدالوهاب “حرصنا أن نقدّم لهم أكلات جديدة ومتنوعة. أكلات جديدة لا يعرفها السودانيون”. وتابع أن المطبخ السوري متنوّع ويتضمّن أكثر من مئة صنف مثل أرز الكبسة والكبّة والملوخية”. وفي منطقة الرياض للطبقة المتوسطة في شرق العاصمة، تنتشر أيضا مطاعم ومحالّ حلويات سورية تلقى رواجا كبيرا. ويمكن سماع الأغاني السورية تصدح في المنطقة.
وأدّت الاضطرابات السياسية المستمرة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، لكنّ عبدالوهاب يقول “نحاول ألاّ نرفع الأسعار بشكل كبير وأن نحافظ على نفس الجودة”. كما تنتشر في المنطقة محالّ أخرى للأثاث والعطور تلقى رواجا، وأكد سودانيون أنهم معجبون بمهارة ودقة الحرفيين السوريين.