دعم محرم إينجه.. إهانة لتركيا

أود في البداية أن أنوِّه إلى أنني لم أقصد القدح في شخص محرم إينجه بما سأتناوله في هذا المقال.
يشير بعض اللئام إلى محرم إينجه قائلين “إن رجلا مثل إينجه خسر 124 جولة انتخابية من قبل، ربما لن يستطيع أن يحافظ على مقعده الصغير، ولن يخلص، كما يدعي البعض، العالم بأسره، ومن بعده تركيا”.
دعنا من هذا الحديث.. ولنقُل إن الموضوع الآن هو مستقبل الدولة، وليس له علاقة بشخص أحد.
لا أجد متسعا من الوقت لأحصي الأسباب التي جعلتني أختار هذا العنوان القاسي لمقالتي، أو لإقناع الناخبين بألا يرتكبوا خطأ التصويت لصالح محرم إينجه، وإنما وددت فقط أن أعرض، في مقالتي هذه، بعض النقاط التي تطرّق إليها الفيديو الدعائي التالي، الذي نشره أنصار حزب الشعوب الديمقراطي.
على أي حال، فنحن لم نعهد أخانا صلاح الدين كاذبا من قبل، ويكفيني بوصفي “أحد أنصار حزب الشعوب الديمقراطي” أن أتمكّن من إقناع واحد فقط من الناخبين بمبررات اختياري إياه.
أعتقد أننا نحن، أنصار حزب الشعوب الديمقراطي، لن نصوّت في أي جولة في الانتخابات لمحرم إينجه، أو لميرال أكشينار، أو تمل كرم الله أوغلو، أو لدوغو برينجك. وأدعو كافة القيادات الطليقة في حزبنا ألاّ يحثّوا المواطنين على التصويت لهؤلاء؛ لأننا لن نصوّت لشخص آخر، ورئيس حزبنا صلاح الدين دميرطاش قابع في السجون.
لن نكون دعامة لمقعد آخر وصلاح الدين دميرطاش في السجن، حتى لو كان الذي سنصوّت له هو محرم إينجه، أو كان سيفوز بالرئاسة بصوت من أصواتنا، حتى لو همس لنا قائلا “عندما أتولى السلطة سأطلق سراح رئيسكم على الفور”، حتى لو طلب دميرطاش نفسه منا أن نفعل هذا، حتى لو همس لنا عبدالله (أوجلان) بهذا من خلف الجدران العازلة الباردة، حيث يقبع في السجن هو الآخر.
ربما جاءت تصريحات، في بعض الأحيان، على لسان عدد من الذين نكنّ لهم الاحترام، مثل الرئيس المشارك السابق للجنة المعنية بالأتراك حول العالم، خطيب دجلة، ورمز السلام في تاريخنا الحديث أحمد تورك، والمقرب إلى قلبي مدحت سنجار، قائلين “سندعم الشيطان إذا لبّى كل شروطنا”، ومع هذا فنحن لا نشاركهم الرأي فيما يقولون، ويمكن إيجاز الأمر في عدة نقاط كما يلي:
- ثبت أن جميع الحسابات السياسية، التي جرى الحديث عنها بشأن التحالف، ونسبة الأصوات وغيرها، كانت خاطئة؛ لأن الانتخابات لن تكون السبب الذي سيجبر أردوغان على الرحيل.
- حتى إن خسر أردوغان في الانتخابات، فلن يسلّم مفاتيح قصر الرئاسة لمحرم إينجه؛ لأنه لن يرهن حياته تحت رحمة الرئيس الجديد؛ هل سيتركه، أم سيقدّمه للمحاكمة. أضف إلى هذا أن الولايات المتحدة الأميركية أدرجت اسم أردوغان بالفعل في عدد من قضايا الفساد.
- لن يستطيع أردوغان أن يعيش في دولته تحت اسم “الرئيس المخلوع”، كما أن احتمال انتقاله للعيش، أو الهروب إلى خارج البلاد احتمال غير وارد أيضا. من المنطقي أن دولا، مثل قطر وروسيا، قد تعرض عليه اللجوء إليها، ولكن شخصية أردوغان لن تسمح له بفعل هذا؛ لأنه بهذا سيُهين هذه القاعدة العريضة التي تؤيده، والتي لن يخاطر بالتخلّي عنها في تلك المرحلة.
- على فرض أن محرم إينجه تمكّن من الصعود إلى سدّة الحكم على الرغم من أننا لم نصوّت لصالحه، حينئذ كيف ستكون تشكيلة مجلس الوزراء؟
دميرطاش من خلف القضبان: تركيا تنزلق نحو الفاشية

أنقرة - قبل ثلاثة أسابيع على الانتخابات في تركيا، حذّر المرشح الرئاسي المعتقل الموالي للأكراد صلاح الدين دميرطاش، من انزلاق البلاد إلى “الفاشية”. وقال دميرطاش، مرشح حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد لخوض الانتخابات الرئاسية، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية “ما يعنيني هو الدفاع عن الديمقراطية ضد حكم الفرد”. وعبر الانتخابات الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجرى في 24 يونيو المقبل، سيسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إتمام تغيير نظام الحكم في البلاد إلى الرئاسي. وبسبب اعتقاله، لا يستطيع دميرطاش خوض معركة انتخابية حرة، حيث قال “ليس لدي هنا إمكانيات كثيرة… أصل إلى الناخبين عبر رسائل صغيرة أبعثها عبر المحامين. المعركة الانتخابية يخوضها الملايين من الأصدقاء كمتطوعين من خارج السجن”. ويقبع دميرطاش في السجن على ذمة التحقيق مع نواب آخرين من حزب الشعوب الديمقراطي منذ نوفمبر عام 2016 على خلفية اتهامات بالإرهاب. وينفي دميرطاش الاتهامات. ويعتبر أردوغان حزب الشعوب الديمقراطي الذراع الطولى لحزب العمال الكردستاني المحظور.
- محرم إينجه (رئيسا للجمهورية).
- كمال كليجدار أوغلو (رئيسا للوزراء).
- ميرال أكشينار (وزيرة للداخلية).
- تمل كرم الله أوغلو (نائبا لرئيس الوزراء، والمسؤول عن الشؤون الدينية).
الواقع أننا لا نستطيع الجزم إن كنا سننظر إلى خبر تعيين هؤلاء باعتبارهم أمل تركيا الجديد، ووسيلة للخلاص أم لا. كما أننا لا نستطيع الجزم إن كان هذا الأمر سيروق لأردوغان نفسه، أم أنه سيقلب القصر على رأس من فيه، لا نعلم.
ومع هذا فأنا لا أعتقد، في حالة حدوث هذا الأمر على أرض الواقع، أن يكون هؤلاء الأشخاص أمناء على قضايا شائكة، طالما عانت منها تركيا، مثل الوضع القانوني، والمستقبل السياسي لصلاح الدين دميرطاش، والضغوط المفروضة على حزب الشعوب الديمقراطي والمعتقلين من منظومة المجتمع الكردستاني وحرية أوجلان ومصير الآلاف من الأسرى ومقتل هرانت دينك.
في اعتقادي أن تحالف الأمة لن يكتفي بأن يأوي إليه قتلة الماضي والمستقبل فحسب، بل إنه سيسلّم الدولة لهم. ستظل تركيا كما هي دولة قاتلة. من أجل هذا لا يمكننا أن نمنح هذا التحالف القوة والدعم الذي يريدونه. وسيقودنا هذا إلى تعالي أصوات الحركات المحسوبة على جبهة “لا يكفي، بل نعم” (حركات مؤيدة لأردوغان).
من أجل هذه الأسباب، لا نريد نحن أنصار حزب الشعوب الديمقراطي، أن ندعم هؤلاء. لن نعطي أصواتنا في أي جولة في الانتخابات لأيّ من محرم إينجه أو ميرال أكشينار أو تمل كرم الله أوغلو أو دوغو بيرينجك، حتى لو قال أحد قادتنا الطلقاء غير ذلك، فلن نعطي أصواتنا لشخص آخر طالما أن رئيسنا المشترك أسير لدى
الدولة.
دعونا نتطرق إلى سيناريو آخر، ولنقل إنه السيناريو الأخير، والأسوأ للانتخابات. لنفرض أن مرشحنا دميرطاش لن يخرج من الجولة الأولى وسيستمر حتى الجولة الثانية من الانتخابات، بل وسيحقق الفوز. في هذه الحالة، سترفض شريحة كبيرة من تحالف الأمة أن يتسلم القصر الرئاسي، وحينها ستظهر كيانات متعددة ستتمسك بخيار الصدام دفاعاً عن فرقها المختلفة.
وسيخرج من يرفعون شعارات من قبيل “لا يمكن تسليم السلطة إلى حزب العمال الكردستاني” و“لا يمكن للقوات المسلحة أن تأتمر بأمر حزب العمال الكردستاني؛ لأنه سيكون القائد الأعلى لها” و“لا يمكن لحزب العمال الكردستاني أن يدير جهاز الشرطة” و“لا يمكن لحزب العمال الكردستاني أن يخطط باسم الدولة التركية لموضوعات مهمة مثل التعليم والصحة والاقتصاد والأقليات” و“لن يتمكّن حزب العمال الكردستاني من حل المشكلة الكردية”.
وهذا يعني أن تركيا ستكون على موعد مع احتمال نشوب حرب أهلية. بل قد تتحرك الجماهير الغفيرة في تظاهرات واسعة في أنقرة لتحتلّ القصر الرئاسي. ولن يستطيع حماة القصر الرئاسي أن يطلقوا النار على رأس السيد كمال، الذي أرسل دميرطاش الإرهابي إلى السجن؛ لأنه يرتدي على رأسه القلنسوة المصنوعة من الجلد، ويمسك العلم التركي بيده، وسيجنّ جنون الدولة حينذاك. لا، لا يمكن لأمر كهذا أن يحدث.
أريد أن أوجّه رسالة إلى تركيا كلها، وإلى الشرق الأوسط، وإلى كردستان، وإلى قوى الديمقراطية في الغرب:
- نعتقد، نحن أنصار حزب الشعوب الديمقراطي، أن قوتنا التصويتية التي تقدر بنسبة 10 إلى 15 بالمئة من الأصوات التي نملكها في وسط سحابة ضخمة من الغبار، وأن قيم حزب الشعوب الديمقراطي أهدرت مع شعارات مثل “سنفعلها في الجولة الثانية”، وهو أمر يتناقض في حقيقة الأمر مع رؤية صلاح الدين دميرطاش.
- نحن لا نخشى على مرشحنا من التهديدات، التي يتلقاها كل يوم من العصابات ورجال المافيا. نشعر بالملل فقط لأنه أجهد نفسه في كتابة جملة سخيفة رأيناها في محاضر السجن مثل “إذا أنا مت فأخرجوا تابوتي مرفوعا، غير منكسر”.
هل أراد دميرطاش أن يرسل برسالة ما بكتابته هذه الجملة، كما فعل عبدالله أوجلان من قبله؟ أم أنها كانت رسالة الحراس، وشرذمة جهاز الأمن. لم أستطع حتى أن أسأل سليمان دميرطاش عن حقيقة الأمر؛ حتى لا تشعر نفسي بالملل. لكننا نقسم أننا لن نخاطر بحياة أخينا الأكبر صلاح الدين من أجل أي حسابات سياسية؛ لأنه أثمن لدينا من أي شيء. لقد جعلناه مرشحا عنّا، ولا نخشى أن ندفع الثمن.
لا نقول هذا بوصفنا أنصار صلاح الدين فحسب، بل لإدراكنا الكامل أن تعرّض حياته السياسية للخطر لا يقلّ فداحة عن تعرّض حياة أردوغان أو أوجلان أو كليجدار أوغلو لنفس الخطر. كما أن مقتل دميرطاش سيؤدي إلى كارثة كبيرة؛ لا تقلّ في خطورتها عن أي تداعيات قد يُحدثها مقتل أردوغان أو أوجلان أو كليجدار أوغلو.
كل ما قرأتموه أعلاه هو أمر حتمي، مصيري بالنسبة لأنصار حزب الشعوب الديمقراطي. سنصوّت جميعا لحزب الشعوب الديمقراطي في كل مكان في تركيا، طالما كان رئيسنا أسيرا. وحتى هذا الموعد سيكون لكل حادث حديث، فإذا خرج صلاح الدين من السجن غدا فسنجلس، ونتحدث في كل شيء، وإذا خرج يوم 23 يونيو، فلن نتأخر عن الجلوس في ذات اليوم.
وإذا أَطلقوا سراحه يوم 25، فسنتحدث أيضا حينها. سنتحدث في ما بيننا. سنتحدث وسنتشاور في ما بيننا؛ الإخوة خطيب ومدحت وأحمد تورك وأحمد شيخ وولي ساجيك وأمهات السبت وصلاح الدين دميرطاش وسليمان، وسنتخذ القرار حينها وسنتحدث وجها لوجه معهم.
ولكن إذا حدث على النقيض من ذلك، فليذهب أي فريق يحتاج إلى كتلتنا التصويتية إلى باب سجن أدرنه؛ حيث دميرطاش، ويحاول إقناعنا بما سيقدّمه في المقابل، وليعلم أن المؤيدين لحزب الشعوب الديمقراطي عنيدون للغاية.
- أشعر بفخر شديد كلما قرأت سطرين عن هذا الموضوع، خطَّهما أحد إخواننا الذين نكنّ لهم كل الاحترام، مثل الرئيس المشترك السابق للجنة المعنية بالأتراك حول العالم خطيب دجلة، ورمز السلام في تاريخنا الحديث أحمد تورك، وعزيزي البروفيسور مدحت سنجار. هم بالطبع يعرفون قدرهم في قلوبنا. أرجو منهم ألا يغضبوا مني اليوم، وألا يعبسوا، وهم يقرأون هذا المقال.
على أي حال، فنحن لم نعهد صلاح الدين دميرطاش كاذبا، ويكفيني بوصفي أحد أنصار حزب الشعوب الديمقراطي أن أتمكّن من إقناع واحد فقط من الناخبين بمبررات اختياري إياه.
ملحوظة مهمة للغاية: سنأخذ أخانا صلاح الدين دميرطاش من هناك. سنخرجه من هنا بأيّ وسيلة. أول خطوة هي الزحف صوب صناديق الاقتراع، سَنَدُس نسبة 15 بالمئة في وجوههم.
مظاهرات في ذكرى احتجاجات غيزي.. تذكير بما ينتظر تركيا في عهد أردوغان

إسطنبول (تركيا) - خرج المئات من المعارضين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مسيرة الخميس في وسط إسطنبول إحياء للذكرى السنوية الخامسة للاحتجاجات التي شكلت عام 2013 تحديا خطيرا لسلطته. وكانت تلك الاحتجاجات قد بدأت في نهاية مايو 2013 تنديدا ببناء مركز تسوق في حديقة غيزي قرب ميدان تقسيم في وسط إسطنبول، وتحولت لاحقا إلى حركة احتجاج في كل أنحاء البلاد ضد أردوغان الذي كان آنذاك رئيسا للوزراء. وقتل ثمانية أشخاص في أعمال العنف مع مطاردة الشرطة للمحتجين الذين انتهى تحركهم في نهاية يونيو 2013. ويرى المحللون أن احتجاجات غيزي والمحاولة الانقلابية في منتصف 2016 شكلتا منعطفين حاسمين في تاريخ تركيا الحديث. وحاليا باتت الاحتجاجات الواسعة نادرة بينما تفرق الشرطة التجمعات غير المسموح بها بالقوة. وتستعد تركيا لانتخابات رئاسية وتشريعية، وقد ترشح أردوغان لولاية رئاسية جديدة ستشكل، في حال تحققت، الانتقال الرسمي لتركيا الجديدة في اتجاه تدعيم حكم الرجل الواحد وسيصبح أردوغان رئيسا بسلطات غير محدودة.