دار نشر تستخدم الذكاء الاصطناعي لترجمة الروايات

أمستردام ـ أثار إعلان أكبر دار نشر هولندية عن خطتها لترجمة روايات تجارية باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي الكثير من الجدل مؤخرا. فهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل البشر بمجال الترجمة، لاسيما ترجمة النصوص الأدبية؟
وتثير القدرات الهائلة التي تتمتع بها تطبيقات الذكاء الاصطناعي العديد من التساؤلات، خاصة مع التطور المستمر الذي يشهده هذا المجال، وما إن كانت ستحل محل البشر في المستقبل القريب. ويتعلق واحد من التساؤلات بمجال الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، في ظل انتشار تطبيقاتها المختلفة التي يعتمد عليها الكثيرون اليوم.
ولكن ربما يحيط “الترجمة الأدبية” الآن المقدار الأكبر من الجدل، عقب إعلان دار النشر الهولندية “فين بوش أند كونينغ” استخدام الذكاء الاصطناعي لترجمة الروايات التجارية.
وصرّحت المديرة في الدار فانيسا فان هوفيجن بأن مشروع الترجمة الجديد يتضمن أقل من 10 روايات تجارية على أساس تجريبي. وأضافت أن الدار “أدرجت فقط الكتب التي لم يتم بيع حقوقها باللغة الإنجليزية وغير متوقع بيع حقوقها في المستقبل.” بينما قال متحدث باسم دار النشر “نحن لا ننشئ كتبا باستخدام الذكاء الاصطناعي، كل شيء يبدأ وينتهي بالعمل البشري”.
القدرات الهائلة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي تثير العديد من التساؤلات بشأن دورها في إلغاء دور البشر في الترجمة والكتابة
وعلى الرغم من محاولات دار النشر طمأنة الكتّاب وتأكيدها على عدم ترجمة أيّ كتب دون فحص دقيق وأن المؤلفين سيتعين عليهم إعطاء الموافقة، لم تكن هذه الوعود كافية لامتصاص غضب الكثيرين، وفقا لموقع صحيفة الغارديان.
ويرى مترجمون ومؤلفون أن الترجمة أكثر من مجرد تحويل الكلمات من لغة إلى أخرى حيث تتضمن الترجمة الجيدة الكثير من العناصر كالثقافة والمشاعر والمصطلحات والاستعارات والتشبيهات وغيرها. كما يؤكدون على أن ترجمة الذكاء الاصطناعي ستتطلب فحصا وتحريرا دقيقين للغاية من قبل شخص يعرف اللغتين، وهو ما يعني الحاجة مرة أخرى إلى مترجم.
واعتبر رئيس مجموعة المترجمين في جمعية المؤلفين (أكبر نقابة للكتاب في المملكة المتحدة) إيان جيلز الخبر مثيرا للقلق حيث قال لموقع بوك سيلير “في وقت سابق من هذا العام، وجدت جمعية المؤلفين أن ثلث المترجمين الأدبيين يخسرون عملهم بالفعل بسبب الذكاء الاصطناعي. وفي حين لا يضيع العمل نفسه، يكافح المترجمون لزيادة أسعارهم في مواجهة منافس الذكاء الاصطناعي. وهذا الضغط على دخول المترجمين يعرّض قدرتنا على دعم أنفسنا للخطر في هذه الصناعة شديدة الخطورة”.
ولا يتوقف الأمر لدى الترجمة الأدبية فقط، فمع التطور الهائل الذي تشهده تطبيقات الترجمة، تخوف البعض من تراجع الاهتمام بتعلم اللغات الأجنبية حيث تقوم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بوظيفة المترجم بأشكال مختلفة.
وقررت جامعات في نيوزيلندا العام الماضي إغلاق برامجها للغات اليونانية واللاتينية والإيطالية والألمانية لانخفاض الإقبال عليها، وفقا لموقع “كونفرسايشت”، كما اقترحت جامعة ماكواري الأسترالية إلغاء بعض اللغات بالكامل من برامجها، بما في ذلك الألمانية والإيطالية والروسية.
ورغم ذلك، يرى متخصصون أنه لا يمكن إلغاء العنصر البشري من عملية الترجمة حيث أن “الاعتماد على التكنولوجيا فقط للترجمة بين اللغات سيؤدي في نهاية المطاف إلى سوء الفهم وتجربة إنسانية أقل ثراء،” وفقا للموقع.