خواء وزيف المحور الإيراني في المنطقة

لا أدري كيف لي ألّا أعبر عن غضبي واستيائي واستهجاني وأنا أرى أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة دفع ثمن حرب إقليمية بكل ما يحمل هذا المصطلح من دمار وخراب لوحده. ولا أدري كيف مر خطاب حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وأحد أعمدة ما يسمى محور المقاومة والممانعة في المنطقة على المواطن العربي، بعد كل هذه البروباغندا التي أذيعت خلال الأسبوع الماضي وما نحته للمواطن العربي البسيط من أمل بأن ينخرط حزب الله في حرب يشتت بها قوة دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويخفف من وطأة التصعيد العسكري الجاري على قطاع غزة، ويدفعها ومن خلفها الولايات المتحدة جبرا إلى طاولة التفاوض والسلام.
صدمة وخذلان وحيرة ممزوجة بالأسف، عبرت عنها الشعوب العربية التي صدقت يوما محور إيران. لكن هيهات، قلناها سابقا، واليوم نكررها، هذا المحور لا يمارس سوى لغة الشعارات الحُنجرية ذات نبرة الصراخ الفوقي التي تتلاعب بالكلمات. محور متخاذل وواهن وعاجز، يُسوّق نفسه عبر أبواقه الإعلامية وأشباه الصحافيين من ليس لهم ميزان. هؤلاء استغلوا الوضع العربي ليتسللوا من خلال التوق الوجداني للنصر، ولعبوا على أوتار المشاعر، ومارسوا بلؤم دور البطولة والجسارة طيلة سنوات عديدة، وحين حانت لحظة الحقيقة انكشف حجمهم الطبيعي أمام قوة أميركا، فكان زيف ما يدعونه هو البرهان.
لا أعلم كيف للفلسطيني والعربي أن يصدقا بعد كل ما جرى في غزة وصور على أنه مقاومة من صبيان حركة حماس، أنه سياسة.. هو سياسة قذرة، وتصرف أحمق دفع الفلسطيني ثمنها من دمائه ودماء أطفاله ونسائه وشيوخه، بعد أن استغلت حكومة بنيامين نتنياهو ما كان.
◙ صدمة وخذلان وحيرة ممزوجة بالأسف، عبرت عنها الشعوب العربية التي صدقت يوما محور إيران الذي لا يمارس سوى لغة الشعارات الحُنجرية ذات نبرة الصراخ الفوقي التي تتلاعب بالكلمات
الجميع من عناصر هذا المحور البائس المرتجف خوفا من أساطيل الولايات المتحدة وقواها أصبح يمارس دور المحايد، ليبرر عدم انخراطه في الحرب الدائرة تحت سهو الحجج الواهية، لاهثا وراء الموقف الإيراني الانتهازي الذي أصبح فجأة، في غفلة من الزمان، متوازنا وواقعيا ورافعا شعارات جوفاء، حفاظا تارة على وضع سياسي متأزم بشعبويات فارغة، وتارة أخرى خوفا على اقتصاد متهالك في دول عربية خاوية.
أعذرني يا من تقرأ كلماتي.. فغضبي سبق لساني وقلمي.. فما يؤلم ليس إجرام الاحتلال الإسرائيلي الأرعن، والدعم الأميركي – الغربي اللامنتهي فقط، فالشعب الفلسطيني تعود أن يكون وحده يقدم التضحيات في سبيل التحرر والاستقلال، بل ما يؤلم حقا حالة الغوغائية المفرطة التي مورست وتمارس علينا يوميا عبر وسائل الإعلام المأجور بأجندات إقليمية لتخدم مصالحها، وتسرد من خلال نشراتها الإخبارية بطولات أصنام المقاومة التي تاجرت بدماء الشعب الفلسطيني، على امتداد سنوات كانت نتيجتها سياسات أدت إلى إفقار الشعوب العربية في عواصم النفوذ الإيراني.
إن كانت حرب على الشعب الفلسطيني ستغير من شكل الشرق الأوسط، فيجب أن تتغير أولا هذه الأصنام الإيرانية الجاثمة فوق صدورنا. يجب على العقل العربي الجمعي أن ينتفض في وجه هذا المحور وخوائه السياسي في عواصم النفوذ الإيراني. استيقظوا أيها الإخوة العرب.. إنّ إيران ومحورها وأدواتها تتاجر بدمائكم، وحياتكم، وموتكم.. اجعلوها صحوة لكم.. لا حياة تحت الاحتلال سواء من تل أبيب أو طهران.
فلسطين ليست بحاجة إلى من يدافع عنها. شعبها قام بدوره وما زال يقاوم ولا ينتظر موقفا ولا دعما من فلان أو فلان. لسنا بربرا ولا غوغاء، نحن أصحاب ثقافة وقضية ومشروع سياسي بناء. فليخسأ كل فاجر جبان واللعنة على من تركنا وحدنا في الميدان، ومارس لغة الشعارات الهوجاء. أوهمنا بجيشه العرمرم وهو من الرعاع السُحاق. وليحيا قرارنا الفلسطيني المستقل دون جدال. ولتذهب إيران ومحورها إلى مزبلة التاريخ والفناء. فالشعب الفلسطيني قوام أوّاب، يضحي من أجل كرامته وكرامة البشرية والإنسانية دون كلل في كل مكان وزمان.