خطة واشنطن لتحالف بحري في الشرق الأوسط تحرج اليابان

قرار انضمام اليابان إلى تحالف عسكري لتأمين الملاحة في المنطقة قد يؤجج انقسام الرأي العام حول إرسال قوات إلى الخارج إذ أن الجيش الياباني لم يحارب منذ الحرب العالمية الثانية.
الجمعة 2019/07/19
معادلة يصعب معها البقاء خارج رادار التدخلات الخارجية

طوكيو- ليندا سيج وكيوشي تاكينادا- يواجه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي تحديا دبلوماسيا عسيرا من طلب يتوقع أن تتقدم به الولايات المتحدة إلى اليابان لإرسال سفن تابعة لقواتها البحرية من أجل المشاركة في تحالف عسكري لتأمين الملاحة في المنطقة الواقعة بين إيران واليمن.

وقال متحدث باسم الحكومة الأميركية إن مسؤولين يابانيين سيشاركون في لقاء يعقد في واشنطن لشرح هذا الاقتراح. ويتوقع أن يكون على جدول الأعمال عندما يزور جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي طوكيو الأسبوع المقبل.

لكن من المرجح أن يؤجج قرار الانضمام إلى مثل هذا التحالف الانقسام في الرأي العام الياباني حول إرسال قوات إلى الخارج، إذ أن الجيش الياباني لم يحارب في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية. وتضع التطورات في الشرق الأوسط والمنطقة الآسيوية والعالم عموما اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، أمام معادلة يصعب معها البقاء خارج رادار التدخلات الخارجية.

ويهدف آبي إلى توسيع نفوذ اليابان وتحدي صعود الصين في المنطقة. لهذا، فإن طوكيو لا تقوّي علاقاتها مع حلفائها فحسب، بل تسعى أيضا إلى كسب شركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وفي الشرق الأوسط، وفي العالم.

يجوز لوزير الدفاع أن يرسل سفنا تابعة للبحرية أو طائرات في إطار عملية أمنية بحرية لحماية السفن اليابانية والبضائع المنقولة إلى اليابان

وكانت اليابان طبقت في 2015 تشريعا يسمح بأن تشارك قواتها في عمليات عسكرية في الخارج وذلك للمرة الأولى منذ هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. وكان ذلك نقلة كبرى في مسعى رئيس الوزراء لتخفيف القيود المفروضة على الجيش بموجب الدستور القائم على الدعوة إلى السلم.

ويسمح هذا التشريع لليابان بأن تهب للدفاع عن بلد صديق يتعرض إلى الهجوم إذا كان فيه “تهديد وجودي” لليابان. وإذا قررت الحكومة أن الوضع قد يؤدي إلى هجوم مسلح على اليابان فلها أن تعرض تقديم دعم لوجيستي لقوات متعددة الجنسيات.

وأثار تطبيق القوانين التي قال آبي إنها ضرورية للتصدي لتحديات أمنية جديدة احتجاجات ضخمة من خصوم قالوا إنها تنتهك الدستور وربما تزج باليابان في صراعات تقودها الولايات المتحدة. وفي حكم المؤكد أن اتخاذ خطوة لإرسال قوات بحرية للمشاركة في عملية بقيادة أميركية سيجدد هذا النقاش.

ومن المتوقع أن يفوز ائتلاف آبي بأغلبية كبيرة في انتخابات مجلس الشيوخ يوم الأحد غير أن نواب الائتلاف الحاكم تحاشوا الخوض في المهمة البحرية المحتملة خلال فترة الدعاية الانتخابية. وقال مصدر مطلع على موقف الحكومة “إلى أن تنتهي الانتخابات لا يمكنهم التطرق إلى هذا الموضوع الحساس”. وتعود حساسية الموضوع إلى:

* مصالح اليابان في المنطقة

اليابان هي رابع أكبر مشتر للنفط في العالم، وفي العام الماضي مرّ ما نسبته 86 في المئة من إمداداتها النفطية عبر مضيق هرمز الذي يمثل شريانا حيويا للملاحة يربط منتجي النفط في الشرق الأوسط بالأسواق في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية وغيرها.

وفي الشهر الماضي تعرضت ناقلة تديرها شركة يابانية للشحن البحري إلى الهجوم في خليج عمان وحمّلت الولايات المتحدة إيران مسؤوليته. ونفت طهران هذا الاتهام. ويحرص آبي على الحفاظ على التحالف الأمني الأميركي الياباني وتقويته إذ أنه يمثل عماد سياسات بلاده الدفاعية.

شينزو آبي يواجه تحديا دبلوماسيا عسيرا مع الولايات المتحدة
شينزو آبي يواجه تحديا دبلوماسيا عسيرا مع الولايات المتحدة

وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التحالف الأمني ووصفه بأنه غير عادل ومن شأن رفض طلب أميركي بالمشاركة في تحالف بحري أن يفاقم هذا الاستياء الأميركي. وقال دبلوماسي ياباني سابق “على اليابان أن تفعل شيئا لحماية سفننا. لا يمكن أن نستمر في طلب ذلك من الآخرين”.

في المقابل، لليابان علاقات ودية مع إيران وربما ترفض الإضرار بها من خلال الانضمام إلى مهمة عسكرية خاصة في وقت يحمّل فيه معارضون ترامب مسؤولية تصعيد التوترات. وقد قام آبي بمحاولة غير ناجحة لتخفيف حدة التوترات في المنطقة عندما التقى بالقادة الإيرانيين في طهران الشهر الماضي.

* خيارات اليابان

أشار خبراء إلى أربعة إطارات قانونية يمكن أن تستخدم في تبرير قرار بإرسال سفن وطائرات حربية يابانية للمشاركة في المهمة البحرية. وأرجح خيار هو أن تشارك اليابان بناء على قانون مكافحة القرصنة الحالي لمحاربة القراصنة وتنفيذ مهام الحراسة ما دام المهاجمون لا يمثلون دولة. وتشارك اليابان حاليا في مهمة متعددة الأطراف قبالة ساحل الصومال وفي خليج عدن.

أو ربما تمارس اليابان حقها في الدفاع الجماعي عن النفط أو مساعدة حليف يتعرض إلى الهجوم بموجب قوانين 2015، غير أن العائق القانوني أكبر.

ويجوز لوزير الدفاع أن يرسل سفنا تابعة للبحرية أو طائرات في إطار عملية أمنية بحرية لحماية السفن اليابانية والبضائع المنقولة إلى اليابان. ومن حيث المبدأ لن تتم حماية سفن دول أخرى. كما يمكن لليابان أن تسن تشريعا خاصا يسري لمرة واحدة، لكن هذه عملية تستغرق وقتا.

7