خروج الروبوت "موكسي" من الخدمة يطرح تساؤلات بشأن توقف الأجهزة الإلكترونية

شركة "إيمبوديد" تبحث الخيارات المتاحة لاستمرار تشغيل "موكسي" لأطول فترة ممكنة.
الأحد 2025/01/05
أطفال وآباء قلقون

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - لا شك أن شعورا بالوحشة والافتقاد سوف يصيب أطفالا كثيرين في مختلف أنحاء الولايات المتحدة خلال الأيام والأسابيع المقبلة، بعدما تم الإعلان أن “موكسي” وهو روبوت صغير الحجم يتخاطب مع الأطفال عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، على غرار تطبيق جي.بي.تي على الإنترنت، سوف يخرج قريبا من الخدمة بسبب مشكلات مالية لدى الشركة المصنعة.

وكانت شركة “إيمبوديد” للتكنولوجيا قد طرحت الروبوت “موكسي” عام 2020، ويستهدف هذا الروبوت الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و10 أعوام، ويبلغ طوله 15 بوصة وله وجه بشري على شكل شاشة من أجل التعبير عن العديد من الانفعالات. ويستطيع “موكسي” أن يلعب بعض الألعاب الكلامية ويلقي النكات ويطرح الأحاجي، ويستخدم خاصية التعرف على الصوت لتحديد شعور المتكلم، كما أنه مزود بكاميرا للتعرف على وجه المستخدم وتحديد انفعالاته، ويستطيع بفضل نموذج لغوي متقدم أن يجري سلسلة من المحادثات مع الأطفال.

ولكن على غرار موجة وقف الدعم التقني للتطبيقات والبرامج التي تقوم بها العديد من شركات التكنولوجيا والبرمجيات حول العالم، أعلنت شركة “إيمبوديد” مطلع ديسمبر الماضي أنها سوف تتوقف عن تقديم الدعم للروبوت “موكسي” في إطار جهودها لخفض النفقات، مما يعني تحول الروبوت الذي ينبض بالحياة إلى قطعة من الخردة الإلكترونية عديمة الفائدة. وفي أعقاب صدور هذا الإعلان، خرج الآباء والأطفال والكثيرون من مستخدمي “موكسي” على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن أسفهم لخروج “موكسي” من الخدمة، وعرضت مقاطع فيديو لأطفال وهم يبكون أثناء توديع صداقة دامت أربع سنوات، ومقاطع أخرى لآباء وهم يشرحون لأطفالهم أن رفيقهم الروبوتي لن يتحدث معهم بعد الآن.

"موكسي" يستطيع أن يلعب بعض الألعاب الكلامية ويلقي النكات ويطرح الأحاجي، ويستخدم خاصية التعرف على الصوت لتحديد شعور المتكلم
"موكسي" يستطيع أن يلعب بعض الألعاب الكلامية ويلقي النكات ويطرح الأحاجي، ويستخدم خاصية التعرف على الصوت لتحديد شعور المتكلم

وذكرت شركة “إيمبوديد” في بيان نقله الموقع الإلكتروني “بوبيولار ساينس” المتخصص في الأبحاث والتقارير العلمية أنها “تبحث الخيارات المتاحة لاستمرار تشغيل ‘موكسي‘ لأطول فترة ممكنة،” لكنها أشارت إلى أنه على الأرجح سوف يتوقف عن العمل خلال الأيام القادمة، مضيفة أنها تبحث أيضا عن سبل بحيث يمكن أن تتبنى شركة أخرى الروبوت “موكسي” وتقوم بتشغيله، غير أنها ذكرت أن هذه النتيجة “غير مؤكدة،” وأرجع رئيس الشركة باولو بيرجانيان سبب القرار إلى “انتكاسة كارثية” بعد إخفاق أحد المستثمرين الرئيسيين في تقديم التمويل الضروري في اللحظة الأخيرة.

ويعتبر قرار وقف الروبوت “موكسي” سيناريو متكررا تلجأ إليه شركات التكنولوجيا والإلكترونيات بشكل مفاجئ في الكثير من الحالات، فقد أعلنت شركة أمازون في سبتمبر  الماضي على سبيل المثال وقف تشغيل الروبوت المتحرك “أسترو” بعد ثمانية أشهر من طرحه في الأسواق.

وأصبح الروبوت الذي كان يقوم بعمل دوريات ذاتية في المنزل وهو مجهز بكاميرا متصلة بشاشة ذكية من شركة أمازون من أجل استخدامه في أغراض المراقبة قطعة خردة عديمة القيمة.  ومن جانبها، قامت شركة “سبوتيفاي” بوقف تشغيل جهاز “كار ثينج” لتشغيل الموسيقى عبر الإنترنت في السيارة، رغم أن الجهاز كان محل إعجاب المستهلكين الذين يملكون سيارات قديمة غير مجهزة من أجل تشغيل الموسيقى عبر الإنترنت.

وأقام المستهلكون دعوى ضد شركة “سبوتيفاي” واتهموا الشركة بتضليل المستهلكين عن طريق بيعهم أجهزة سوف تخرج من الخدمة سريعا. ولكن تم رفض هذه القضية في وقت سابق العام الماضي. وفي مثال فادح لمثل هذه السيناريوهات، أعلنت شركة تكنولوجيا طبية متخصصة وقف تشغيل شريحة إلكترونية تجريبية مزروعة في مخ إحدى مريضات الصرع بسبب نقص التمويل، علما بأن الجهاز المذكور أوقف نوبات الصرع لديها بعد أن كانت تصاب بثلاث نوبات على الأقل شهريا.

Thumbnail

وتمثل كل حالة من هذه الحالات نموذجا لظاهرة مفادها أن المستهلك لم يعد في حقيقة الأمر يمتلك الأجهزة الإلكترونية التي يشتريها، وأن هذه الأجهزة سواء كانت روبوتات أو أجهزة لقياس المؤشرات الحيوية أو أجهزة رياضية لم تعد “منتجات” بقدر ما أصبحت “خدمات”، بمعنى أن الشركات، في إطار هذه العلاقة التعاقدية مع المستهلك تقوم بشكل من أشكال تأجير المنتج للمستهلك مقابل رسوم شهرية للحصول على حق الاستفادة من برمجيات التشغيل الرئيسية. وتسري هذه القاعدة بشكل واضح على المنتجات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل الروبوت “موكسي” الذي يعتمد على مراكز بيانات من أجل أداء مهامه الوظيفية، أي أنه في كل مرة يتم فيها طرح سؤال على “موكسي” أو على تطبيق تشات جي.بي.تي، فإن العملية الحوسبية للرد على هذا السؤال تكلف الشركة مبالغ مالية، وعادة ما يتم تحميلها مرة أخرى على المستهلك في صورة رسوم اشتراك شهرية.

من جهتها، تسعى جماعات حماية حقوق المستهلك لدى الجهات الرقابية لاتخاذ إجراءات للحيلولة دون تكرار مثل هذه السيناريوهات في المستقبل. وفي وقت سابق هذا العام، بعثت مؤسسة “إلكترونيك فرونتير” (إي فيكسيت) للدفاع عن الحريات المدنية على الانترنت ومركز العدالة الاقتصادية برسالة إلى مفوضية التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة تدعو إلى النظر في ظاهرة “الدعم البرمجي عبر الإنترنت” ويقصد بذلك ربط بعض الأجهزة الإلكترونية ببرامج خارجية، وطالبت بأن تضمن الشركات المصنعة وجود حد أدنى من مرات الدعم التقني للحيلولة دون توقف منتجاتها الإلكترونية بشكل مفاجئ، مع ضرورة أن تضمن هذه الشركات استمرار عمل المنتج حتى في حالة توقف الاتصال بالإنترنت، رغم صعوبة تحقيق هذا الشرط في حالة بعض الروبوتات مثل “موكسي” الذي يحتاج إلى الاتصال بالخادم بشكل دائم لضمان عمله بشكل منتظم.

وجاء في الخطاب “رغم أن مفوضية التجارة الاتحادية اتخذت إجراءات محدودة لمعالجة هذه المشكلة، فإن غياب الوضوح والتنفيذ قد تسبب في إيجاد بيئة بحيث يتعذر على المستهلكين التيقن بشكل اعتمادي من استمرارية عمل الأجهزة الإلكترونية التي يشترونها.”

13