حماس، استغلال التصعيد للتغطية على الفشل الذريع

حماس تدرك أنها لم تعد حركة مرغوبا فيها داخل غزة وأن التصعيد الإسرائيلي يقدم لها خدمة جليلة في الحفاظ على ما تبقى من رصيدها الشعبي حين تدعي الدفاع عن الأقصى.
السبت 2022/05/07
حماس تدرك جيدا أنها لم تعد حركة مرغوبا فيها داخل غزة

قوبلت تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة حماس زاهر جبارين حول إبلاغ الوسطاء عن الخطوط الحمراء التي رسمتها الحركة في ما يحصل من تصعيد بالقدس، بالسخرية والغضب من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في غزة حيث عبر العديد منهم عن سخطهم على الطريقة التي تدير بها حماس القطاع وحديثها عن التضحية باسم الأقصى، في حين أن أغلب قياداتها يعيشون بين قطر وتركيا في نعيم بعيدا عن جحيم القصف والدمار، ويحملون غزة تبعات قراراتهم الفاشلة باسم الوصاية على القدس وفلسطين وكأن المقاومة ونصرة الأقصى اختزلت في كلمة حماس.

لقد أثبت تصدي أهلنا في القدس لمخطط الصهاينة باقتحام الأقصى المبارك خلال الأيام الماضية، أن الدفاع عن المقدسات لا يحتاج تهويلا إعلاميا ولا صواريخ السنوار الـ1111 المعدة كشفرة لردع العدو عن تحركاته؛ لقد نجح المرابطون في الأقصى في كف أذى المتطرفين الصهاينة ومنعهم من اقتحام الأقصى بأبسط الوسائل، كما نجحت سلسلة الاتصالات التي أجرتها القيادة الفلسطينية مع نظرائها في اجتماع الأردن بوقف التصعيد وكف حكومة بينيت عن تصرفاتها المتهورة والتي كانت ستؤدي إلى انزلاق أمني خطير في الضفة، وما أن هدأت الأوضاع حتى خرجت علينا حماس بتصريحات فارغة المراد منها إظهار نفسها في المشهد واللعب على مشاعر الناس في محاولة لتجاوز السلطة الفلسطينية باستعراض عضلاتها، مستغلة التصعيد في التغطية على فشلها في إدارة شؤون غزة وإقحامها الغزيين في متاهات جعلت منهم دروعا بشرية تستعطف بهم الرأي العام العربي، في كل مرة تحاول فيها أن تجر المنطقة إلى مواجهة عسكرية بالاشتراك مع ممثل إيران في القطاع “الجهاد الإسلامي”.

تكفي فقط قراءة تعليقات رواد التواصل الاجتماعي لتعرف مدى حجم الهوة بين الحاكم والمحكوم في غزة، ومدى إدراك الناس بأن الحركة فشلت فشلا ذريعا لا يقبل الشك في إدارة شؤون القطاع، وأنها ترهن مستقبل شباب غزة بفرصة عمل في قلب دولة الاحتلال الذي ترفض التفاوض معه إلا من خلال الوسطاء، ولكن حكومتها تنسق مباشرة معه في ما يخص تصاريح العمل التي تطرح بعضها للمزايدة “تحت الطاولة”، يكفي أيضا أن تكتشف أن حماس تمارس بروباغندا إعلامية لتغطي على شعبية الجهاد الإسلامي حرصا على ألا تقود هذه الأخيرة انقلابا ناعما عليها داخل القطاع.

يا ليتنا نرى “حماس” حركة حماس في طرح الخلافات السياسية جانبا، والمضي قدما نحو مصالحة وطنية جادة، تؤسس لقيام دولة فلسطينية موحدة، قادرة على مواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية بمنطق الدولة وليس بمنطق الفصيل. للأسف نحن لا نرى من الحركة شيئا سوى ركوب الموجة والركض وراء شعبية زائفة لم تحقق أي شيء على أرض الواقع سوى المزيد من الفقر والبؤس للغزيين، ثم تلصقها في ظهر الحصار الجائر.

مضى التصعيد في القدس من دون أن يصل إلى ما لا يحمد عقباه، بفضل هبة أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة وتصديه للمخطط الصهيوني بتهويد القدس، وتمكنت هذه الهبة الشعبية من أن تخلط أوراق نيفتالي بينيت وحكومته الفاشلة التي قررت أن تنتقم من منفذ عملية تل أبيب بجر الأقصى إلى ساحة التصعيد. كما أكد الأردن وقياداته على أنه لن يتوانى عن نصرة فلسطين وشعبها ومقدساتها بوسائل الضغط السياسي المناسبة، دون أن تجر الضفة إلى دفع فاتورة جديدة من الدماء وأن تسمح لحماس بتفجير طاقتها المكبوتة في مواجهة عسكرية معروفة النتائج سلفا.

حماس تدرك جيدا أنها لم تعد حركة مرغوبا فيها داخل غزة من قبل الغزيين أنفسهم، وأن استمرار وجودها ما هو إلا بفضل القبضة الأمنية الحديدية، كما أن التصعيد الإسرائيلي يقدم لها في كل مرة خدمة جليلة في الحفاظ على ما تبقى من رصيدها الشعبي حين تتكلم عن الدفاع عن الأقصى. ولكن، هل بإمكان حماس أن تمنع مواقع التواصل الاجتماعي من الكشف عن حجم الهوة بينها وبين الغزيين؟ الآن وبعد أن هدأت الأوضاع في الأقصى وانتهى التصعيد إلى حد ما.. على الحركة أن تجد ملفا آخر تشغل به الغزيين عن الأوضاع البائسة التي يعيشونها باسم التضحية والمقاومة ونصرة الأقصى.

9