حلوى "الناعم" خبز الدمشقيين في شهر الصيام

أكلات تراثية دمشقية تحافظ على مكانتها رغم المنافسة القوية التي أحدثها عالم الطهي المعاصر.
السبت 2021/05/01
حلوى تراثية تزيّن شوارع دمشق وموائد إفطارها

يقبل الدمشقيون خلال شهر الصيام على شراء حلوى "الناعم" التي ما زالت تحافظ على شعبيّتها في العاصمة السورية وتزين شوارعها وموائد إفطارها. وقد ضاعف غلاء أسعار بقية الحلويات التقليدية في سوريا من إقبالَ الناس على شرائها.

دمشق - تفقد المائدة الرمضانية لعائلة عبدالله الحلو عاما بعد عام مكوّناتها تبعا لمضاعفات الأزمة الاقتصادية في سوريا وغلاء المعيشة، لكن وحدها حلوى “الناعم” الشعبية بقيت طبقا صامدا بفضل ثمنها الزهيد مقارنة بالحلويات الأخرى.

وتعود حلوى الناعم أو “خبز رمضان”، كما يطُلق عليها أيضا والتي يعشقها الصغار والكبار خصوصا في شهر رمضان، إلى شوارع دمشق ومحالها التجارية حيث ما زالت تشكل أحد أبرز الأكلات التراثية الدمشقية التي حافظت على مكانتها رغم المنافسة القوية التي أحدثها عالم الطهي المعاصر.

ويقبل الدمشقيون خلال الشهر المبارك خصوصا على شراء الناعم من باعة متجولين يفترشون الأرصفة مع أوان نحاسية كبيرة مليئة بالزيت ويحضّرون هذه الحلويات مباشرة أمامهم.

ويُسارع الحلو (51 عاما) ما إن ينهي هو وأفراد عائلته تناول الإفطار في منزلهم في دمشق القديمة إلى إحضار رغيف الناعم المقرمش، ويتقاسمه مع زوجته وابنتيه. ويقول “مهما كانت الظروف صعبة، يبقى الناعم تقليدا لا يُمكن التخلي عنه في شهر رمضان”.

والناعم مزيج من الطحين والماء والزيت، وهي المكونات الأساسية لهذه الأكلة، ويوضع في الزيت المغلي على شكل أرغفة، وما إن تصبح هذه الأرغفة مقرمشة حتى يتم وضعها جانبا وتزين بدبس العنب أو التمر الذي يمنح الأكلة نكهة محبّبة.

ويباع “خبز رمضان” في أسواق العاصمة حاليا بأقل من دولار، وهو مبلغ يستطيع الحلو سداده، مقارنة بأسعار معظم الحلويات الأخرى التي يصل ثمن الكيلوغرام الواحد منها إلى نحو 17 دولارا.

واضطرّت عدة عائلات، على غرار عائلة الحلو، إلى الاستغناء عن الكثير من مكونات المائدة الرمضانية الأساسية، كاللحوم الحمراء وأطباق الحساء مع الدجاج والحلويات المحشوة بالفستق الحلبي، واستبدلتها بمكوّنات أو أصناف أرخص ثمنا.

وأشار الحلو، وهو موظف حكومي، إلى أن “الأطفال يحبّون هذه الحلوى كثيرا، وهذا هو الأهم”.

وفي سوق الجزماتية في حي الميدان بدمشق يعرض أبوطارق (49 عاما) أكثر من عشرين رغيفا، ويوضح أن الكمية التي يعدّها يوميا تنفد قبل حلول موعد الإفطار، فالحلويات “أمر أساسي على المائدة الرمضانية والناعم أرخصها وأطيبها”.

ولفت أبوطارق إلى أن تناول الناعم “عادة في رمضان” يقبل عليها الفقراء والأغنياء على حد السواء.

ويُنادي أبوطارق بصوت جهوري على منتجاته. ويُعاونه يافعان في عملية التحضير والتزيين. ويقول “الناعم أكلة في متناول يد الجميع، لا نكهة لشهر رمضان دون تذوّقها”.

وتعرض محلات أخرى على بعد أمتار من بسطته بضاعتها من الحلويات التقليدية المحشوة بالمكسرات، والتي تعد فخر الصناعة السورية وتثير شهية كل من يقصد دمشق. إلا أن عدد روادها يتناقص سنويا بسبب ارتفاع ثمنها.

وضمن حارات متشعبة حيث الممرات الضيقة بالقرب من ساحة حوش الفرن وسط مدينة دمشق القديمة يقع منزل خليل عبدالرحيم أبوعادل الذي يمتهن صناعة خبز الناعم وبات يقدمه حاليا بشكل عصري جاذب مع الاحتفاظ بمكوناته المتوارثة.

ويستعد أبوعادل (36 عاما) لتحضير الناعم قبل حلول رمضان بشهرين ويقوم بتخزينه جافا ضمن صناديق كرتونية.

وقال أبوعادل لوكالة الأنباء السورية (سانا) إن “الناعم من الحلويات الرمضانية الشعبية المشهورة التي يحرص أهالي دمشق على تناولها خلال الشهر الكريم وتعود إلى أكثر من 200 عام”.

ويقوم أبوعادل في محله الذي يبعد مسافة أمتار عن منزله بقلي خبز الناعم أمام الزبائن بالزيت فتنبعث رائحته حاملة سحرا آخر يملأ المكان ثم يرش فوقه خليطا من دبس التمر والعنب والطحينة ما يجعل منظره شهيا وذا طعم خاص.

وتعد الساعة التي تسبق أذان المغرب ساعة الذروة في بيع الناعم الذي يعطي سعرات حرارية تمد جسم الصائم بالطاقة.

24