حلم رامسي اقترب من المنصة

اليوم آن لهذا المنتخب أن يتخلص من عقدة ركلات الجزاء، اليوم آن لهذا المنتخب أن يفتخر بهذا الجيل الجديد من اللاعبين الشباب الذين لا تتجاوز معدلات أعمارهم سن الخامسة والعشرين ربيعا.
الخميس 2018/07/05
تحقيق الحلم

قبل أكثر من نصف قرن، اجتمعت كل الظروف كي تحتفي كرة القدم بروادها ومبتكريها، قبل أكثر من خمسين عاما وتحديدا في مونديال 1966 حيث نجحت إنكلترا في الظفر بلقبها العالمي الأول في النسخة التي أقيمت على أراضيها، كان لقبها الوحيد في بطولة “مجنونة” ومثيرة أعلنت في نهايتها بدء مرحلة جديدة قد تؤسس لهيمنة مستمرة ومتواصلة لمبدعي كرة القدم.

بعد تلك البطولة هلّل هؤلاء “الرواد” كثيرا بإنجازهم الرائع، فرحوا كثيرا باللقب ثم تحدثوا عن نجاحات أكثر روعة بعد لقب ملعب ويملبي الشهير، في غمرة الاحتفالات قال ألف رامسي مدرب المنتخب الإنكليزي آنذاك إن عهد منتخب “الأسود الثلاثة” قد بدأ، توقع المزيد من التتويجات وبلغة الواثق أكد أن لقب كأس العالم سيحن دوما إلى الإنكليز، حلم كثيرا هذا المدرب بل أفرط في الحلم بما أنه تكهن بأن يحافظ هذا المنتخب على لقبه في الدورة الموالية.

لكن ذلك لم يحصل، لقد تلقى منتخب إنكلترا صفعة كبيرة في دورة 1970، فشل في الوصول إلى منصة التتويج واكتفى بمركز ثامن مخيب للآمال، كانت الهزيمة موجعة والانتكاسة مؤلمة، وعاد الإنكليز من المكسيك التي استضافت الدورة برؤوس مطأطئة.

تواصلت المحن وتتابعت الخيبات، دورة بعد أخرى والإنكليز خائبون متحسرون يشاهدون منتخبات أخرى على منصات الفرح، فيما بقي حلم المدرب رامسي مجرد حلم غير قابل للتحقق.

جرت الأيام والسنون بلا هوادة، لكن لا أمل يلوح في الأفق، ففي كل مرة يتجرأ خلالها الإنكليز على صياغة الحلم إلى واقع تتلقفهم أمواج النكسة والإخفاق، فيعودون خائبين منكسرين ممنين النفس بغد أفضل.

طال الانتظار كثيرا، غادر رامسي هذه الحياة دون رجعة، وظل حلمه وتفاؤله “المغرور”، مجرد كلمات دوّنها التاريخ، مرت سنوات طويلة لكن لا سحابة مطر في الأفق، لا أمل قد يحيي هذا الحلم، فاللعنات والانكسارات باتت شعار منتخب “الأسود الثلاثة” في كل مرة يشارك فيها ضمن نهائيات كأس العالم.

أصاب الجميع الإحباط واليأس، وكأن قدر هذا المنتخب العيش في عبثية الأحلام المنسية والكوابيس مترامية الأطراف، قبل أن تبزغ في ذلك الأفق البعيد شمس أطلت بشعاعها كي توقظ الأمل والحلم النائم في مكامن الإنكليز.

هل تخطينا حاجز اللعنة؟، هل بمقدورنا ألا نخشى سقطة موجعة جديدة؟، نعم يمكن أن نفعلها الآن، كل المعطيات والمؤشرات تدل على ذلك، الطريق معبدة ومفروشة بالورود، ولا وجود لمنافس قوي كي يوقف الزحف نحو النهائي.

قد تكون كل “الألسنة الإنكليزية” تتناقل هذه الأسئلة والاستنتاجات الحائرة في هذا المونديال الروسي.

وما تتحقق إلى حد الآن قد يكون دافعا إلى محاولة “إحياء الحلم القديم” والسعي إلى تجسيده واقعا ملموسا خاصة وأن المنتخب الإنكليزي تغلب على أغلب “العقد” التي لازمته لسنوات طويلة للغاية.

اليوم آن لهذا المنتخب أن يتخلص من عقدة ركلات الجزاء، اليوم آن لهذا المنتخب أن يفتخر بهذا الجيل الجديد من اللاعبين الشباب الذين لا تتجاوز معدلات أعمارهم سن الخامسة والعشرين ربيعا، اليوم حق لهم أن يروا في الهدّاف هاري كين ورفاقه نسخا مشابهة لذلك الجيل الذي حمل الكأس العالمية للمرة الأولى والأخيرة منذ ما يزيد عن خمسين سنة.

اليوم أيضا باتت الطريق واضحة المعالم وسوية للوصول إلى المباراة النهائية، فبعد خروج أغلب القوى التقليدية التي كثيرا ما وقفت حجر عثرة أمام المنتخب الإنكليزي من المنافسات باتت المسألة أكثر سهولة. لا شيء إذا يمنع الإنكليز من تحقيق المبتغى خاصة وأن المنافس القادم في دور الثمانية لن يكون الفوز عليه مستحيلا، إذا تحقق المطلوب لن يكون المنتخب الإنكليزي في اختبار صعب للغاية في الدور نصف النهائي.

23