حلم الميرينغي

هو حلم "الميرينغي" بأن يعود "الدون" إلى عرشه في القلعة، هاجس كل محبّ للريال هو إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، وإعادة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى بيته.
الأحد 2020/03/08
أمل العودة لا يزال قائماً

خلال منتصف التسعينات من القرن الماضي تم عرض مسلسل مصري بعنوان “حلم الجنوبي”، كان يتحدث عن قصة مواطن مصري متعلق أيّما تعلق ببلده، لم يكن يهتم بالمجد والكسب الشخصي بقدر رغبته في خدمة بلده.

ذلك المسلسل حقق شهرة واسعة في تلك الفترة، فهو تجسيد حيّ لرجل كان حلمه الوحيد خدمة بلده والقيام بدوره كأفضل ما يكون، وذلك عبر استعادة التاريخ وكتابته من جديد في سبيل تقديم الخدمات الجليلة لوطنه.

أحداث ذلك المسلسل بدَت في بعض فصولها مشابهة لحالة فريدة قد تعيشها كرة القدم العالمية في المستقبل القريب، ففصول التعلق والعشق والتطلع إلى رؤية النادي في أبهى حالاته وقمة توهجه تدفع المرء إلى الحلم، وتستفز العاشق إلى استحضار الماضي وجعله واقعا قريب التحقق.

هذا ما يمكن أن يحصل مستقبلا في قلعة ريال مدريد، هذا ما يأمل كل مناصر للفريق الملقب بـ”الميرينغي” أن يحصل في المواسم القادمة، هذا ما يحلم به كل عشاق “البيت الأبيض المدريدي”، فالحلم حتى وإن كان عصيّا مستحيلا يبقى في نظر كل شغوف حدثا قد يحدث يوما ما.

هو حلم “الميرينغي” بأن يعود “الدون” إلى عرشه في القلعة، هاجس كل محبّ للريال هو إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، وإعادة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى بيته، إلى المكان الذي عانق خلاله الروعة وبلغ ذروة المجد، بعد أن طغى بسحره وتأثيره على القلعة بأسرها.

منذ أيام قليلة، حصل حدث مهم، حدث شدّ كل الاهتمام والانتباه، رغم رمزيته، فكريستيانو واكب مباراة الكلاسيكو بين الريال وبرشلونة، وكان من أوائل المساندين والمشجعين للفريق الملكي.

لقد واكبته عدسات المصوّرين وهو يهتز فرحا وطربا بعد تقدم فريقه السابق في النتيجة، لقد تابع كل عشاق الريال تحركات “الدون” وتفاعله الدائم مع هجومات الريال.

لقد كانت الفرجة مكتملة وممتعة بين متابعة تقدم الريال في النتيجة وتحركات رونالدو في المدارج، بدت الصورة لدى البعض مكتملة الأركان.

لكن في قلوب محبي الفريق الملكي، لم تكتمل الغبطة والفرحة، فمكان رونالدو في قلوبهم كان يتوجب أن يتجسد أيضا على الملعب، كان يتوجب عليه مثلما يحلم هؤلاء أن يركض ويركض ليصنع في القلعة الانتصارات ويقضي على الانكسارات.

آه يا رونالدو، ماذا لو عدت إلى الريال، هكذا ربما كانت عبارات أنصار ريال مدريد، بعد أن علمت أن رونالدو ما زال بدوره يحنّ لتلك السنوات التسع التي قاد خلالها الفريق إلى تحقيق نتائج مبهرة وتاريخية خاصة في دوري الأبطال.

هو حلم.. هكذا حَلم كل الميرينغي، فالكل يودّ أن يعود “الدون” إلى البيت الملكي، والكل يحلم بأن ينهي رونالدو فصول مسيرته الأسطورية مع الريال، هم يريدون أن يكون مثل زيدان وراؤول وكاسياس، هم يتطلعون إلى أن تكون نهاية رونالدو في الملاعب من بوابة القلعة البيضاء.

منذ موسم ونصف كتب القدر نهاية قصة رونالدو الجميلة مع الريال، فهذا اللاعب آثر أن يغادر ويخوض تحدّيا جديدا، خيّر أن يتحسّس قوة المنافسات في دوريّ مختلف وبطل مغاير، فحصل الرحيل إلى يوفنتوس الإيطالي، ليبدأ “صاروخ ماديرا” رغم تجاوزه سن الثلاثين مرحلة جديدة في مسيرته الرياضية المفعمة بالتتويجات والأرقام القياسية والنجومية الصارخة، لكن بقي في القلب بعض من الهوى لذلك الفريق الملكي، فالتجربة لم تكن قصيرة، وحكاية الارتباط العاطفي بين الريال ورونالدو لم تكن مجرد قصة بسيطة.

هو ارتباط من الصعب أن يبرَأ المرء من تداعياته، فكيف لأنصار الريال التغاضي عمّا قدمه اللاعب لفريقهم، وكيف لرونالدو أن يتجاوز بسهولة كل تفاصيل قصة النجاح الساحق في أركان القلعة البيضاء.

لهذا استيقظ الحلم في نفوس عاشقي الريال، بات وكأنه رغبة دفينة بدت للوهلة الأولى مستحيلة لتغدو اليوم أملا قائما، وهدفا ساميا ربما قد يتحقق في الموسم القادم.

لقد خرج الحلم من مكمنه الخفي إلى العلانية، وتجسدت الرغبة أمرا واقعا خلال الفترة الأخيرة عندما بدأت بعض جماهير النادي تطالب بفتح باب المفاوضات مع رونالدو وناديه الحالي اليوفي علّ ذلك يكون كافيا لإعادة “الدون”.

وما حصل في المباراة الأخيرة قد يؤكد ولو بشكل مباشر أن رونالدو ربما لن يرفض إنهاء مسيرته في الريال لو عرضت عليه فكرة العودة من جديد.

لكن من يدري، فالحنين إلى المجد السابق وإيمان عشاق الفريق الملكي بأنه لا شيء مستحيل مع رونالدو قد يحيل حلم “الميرينغي” واقعا عن قريب.

23