حق الجلاكتيكوس مضمون في الريال
ذكريات جميلة يحملها أحباء نادي ريال مدريد الأسباني عن حقبة زمنية عاش خلالها الفريق فترة زاهية ورائعة، تميزت بتقديم عروض كروية راقية ورائقة بوجود ثلة من النجوم البارزين على المستوى العالمي.
هي بلا شك فترة بداية الألفية الثالثة، حينها كان”الفريق الملكي” يضم ملوك الكرة في ذلك الزمان، كانوا ملوكا بأتمّ معنى الكلمة، ولعل غالبية عشاق الريال مازالوا يتذكرون إلى اليوم نخبة من النجوم المتلألئة التي قادها آنذاك الفرنسي زين الدين زيدان، فكانت الكتيبة الرائعة تضم البرازيلي الساحر رونالدو والإنكليزي البارع ديفيد بيكهام والبرتغالي الفنان لويس فيغو والأسباني الهداف راؤول غونزالس والبرازيلي المبدع روبرتو كارلوس، والقائمة تطول.
عاش هؤلاء اللاعبون على وقع نجاحات عديدة، وخاصة على المستوى المحلي، حيث كانت المنافسة قوية للغاية مع “الغريم الأزلي” برشلونة، لكن قوة الفريق الذي يستمد روحه من “الجلاكتيكوس” أو “نخبة” النجوم الساطعة جعلته يعانق عنان السماء، ويكون في مقدمة الأندية العالمية.
لقد نجح الريال في تلك الحقبة في أن يحقق مكاسب مالية وإيرادات عالية للغاية بفضل كوكبة النجوم، فنجح رئيس النادي آنذاك فلورينتينو بيريز في تحقيق أرباح قياسية غطت بسرعة على مصاريف التعاقد مع كل هؤلاء اللاعبين، وخاصة فيغو ورونالدو وبيكهام.
ومع ذلك، وبعد فترة من الزمن تناثر العقد الفريد فاسحا المجال أمام سطوة برشلونة محليا وأوروبيا وعالميا أيضا، وبدأ الجميع في مغادرة “مجرة الجلاكتيكوس” فاعتزل زيدان وتحوّل فيغو ورونالدو إلى الدوري الإيطالي، وغادر بدوره بيكهام القلعة البيضاء وتبعه روبرتو كارلوس وأيضا راؤول.
لقد خسر بيريز الرهان وبدأ بعد سنوات قليلة في تكوين “جلاكتيكوس” جديد بقيادة الهداف الأسطوري البرتغالي رونالدو، لينجح بهذا الجيل الجديد في الحصول على لقبي دوري أبطال أوروبا، لكن رغم كل هذا بقيت في القلب “غصة” وفي الفؤاد حنين لزمن مضى وولّى، زمن جلب المزيد من الأضواء للقلعة البيضاء وجعل أعداد المولعين والمغرمين بالريال يتضاعف عبر أرجاء المعمورة.
ربما أدرك بيريز بعد حوالي عشر سنوات أنه يجب تكريم “الحرس القديم” والاحتفاء به من جديد، ربما اقتنع أنه من الضروري الاعتراف لهم بالجميل والتأكيد أنهم قدموا للريال الكثير، لقد شعر بيريز الذي بقي على رأس النادي بأن الوقت قد حان لإعادة “الجلاكتيكوس” إلى الحياة من جديد.
بدأت المهمة منذ الموسم الماضي، حيث منح ثقته المطلقة لزيدان، حيث كلفه بقيادة الفريق بعد إقالة الأسباني بينيتيز، فنجح زيدان في المهمة، إذ تمكّن من تحسين المستوى العام وأعاد الحياة للفريق، حيث نافس بقوة على لقب الدوري المحلي إلى آخر جولات الموسم، قبل أن يتوّج تجربته الأولى كأبهى ما يكون بعد الحصول على لقب دوري الأبطال، لتستمر المسيرة لموسم جديد وعد خلاله بيريز وزيدان بالحصول على لقب الدوري المحلي.
بعد زيدان جاء الدور على البرازيلي رونالدو والإنكليزي بيكهام، حيث تفيد الأخبار الأخيرة إلى أن رئيس ريال مدريد يفكر جديا في منح اللاعبين رتبة سفيرين دائمين للريال، وبحكم نجومية بيكهام في الولايات المتحدة الأميركية فإنه سيحظى بشرف تمثيل النادي الأسباني في بلاد “العم سام”، أما رونالدو فلا يوجد غيره من وجهة نظر رئيس الريال أجدر بأن يكون سفيرا للنادي في أميركا اللاتينية.
لقد حرص رئيس الريال على أن يعطي لنجومه السابقين مكانة أكبر في الوقت الراهن، وكأنه يريد الاعتراف لهم بكونهم أصحاب فضل عليه، فبيريز يدرك تماما أن خطته الذكية المتمثلة في الاستثمار في النجوم ستمكنه بلا شك من تحقيق عائدات ضخمة للغاية، ومهما تكن النتائج فإن نجاحه مضمون وبقاءه على رأس النادي محسوم، بتواصل تدفق عائدات مالية جعلت الفريق الأسباني أحد أغنى الأندية في العالم ولا يخشى أبدا حدوث أزمات مثلما يحصل لدى عدد آخر من الأندية.
اليوم فكر بيريز في زيدان وبيكهام ورونالدو، وغدا سيفكر بلا شك في بقية كتيبة “الجلاكتيكوس”، فالهداف التاريخي السابق راؤول يبدو مرشحا أكثر من أيّ وقت مضى كي يعود مرفوعا على الأعناق إلى بيته القديم الأبدي، سيتم منحه منصبا استشاريا أو فنيا ويقترب أكثر من بيريز وزيدان، والمعطيات الواردة من معقل النادي تفيد بأن راؤول سيكون أحد الفاعلين في النادي قريبا.
وبما أن عودة “الجلاكتيكوس” للحياة قد لا تكتمل دون توسيع دائرة المتمتعين بحظوة جديدة لدى الرئيس بيريز، وهو ما قد يعيد روبرتو كارلوس وربما فيغو إلى القلعة البيضاء، وربما يتم تكليفهم أيضا بمناصب لا تقل قيمة عمّا ينتظر رونالدو وبيكهام.
ربما سيأتي يوم آخر كي يكرّم بيريز نجوم الزمن الحالي، فالبرتغالي رونالدو والأسباني راموس والبرازيلي مارسيلو والويلزي بيل والفرنسي بن زيمة وغيرهم صنعوا “جلاكتيكوس” جديدا، فتوجوا بالعاشرة ثم الحادية عشرة في المسابقة الأوروبية المجيدة، وبالتالي حقّ لهم أن يحفظهم التاريخ ويكرمهم بيريز أو من يخلفه على رأس الريال.
كاتب صحافي تونسي