حضور الأردنيات بقوة في الحياة العامة والسياسية لا يحجب تطلعهن إلى تحقيق المزيد من العدالة

لم يمنع حضور المرأة الأردنية بقوة في الحياة السياسية والعامة من تطلعها إلى المزيد من العدالة في الفرص بين الرجال والنساء. وتنشد المرأة الأردنية بلوغ تمثيل أكبر للنساء في مواقع صنع القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية ومجالس المحافظات، والمجالس المحلية والبلدية. وترى رائدات أن إعطاء حقوق المرأة كاملة من شأنه إزالة الفجوة بين المرأة والرجل في الوصول إلى التمكين الاقتصادي الحقيقي، والتمثيل السياسي الكامل في مناصب صنع القرار.
عمان - اقتحمت المرأة الأردنية صفوف العمل بشكل كبير وأصبح لها مكان وحيز في مختلف المجالات على اختلاف طبيعتها وتموقعت المرأة الأردنية في المجال السياسي بدعم من الدولة. ورغم ما تحقق لها من إنجازات في مختلف الميادين، ما تزال الأردنية تتطلع إلى تحقيق المزيد من العدالة في الفرص بين النساء والرجال في الحياة العامة.
ودأبت اللجنة الوطنية لشؤون المرأة في الأردن منذ تأسيسها في العام 1992، على التقدم للمجالس النيابية المتتالية بلائحة مطالب تشريعية تتضمن تطلعات الأردنيين جميعًا نحو المزيد من المساواة والعدالة بين الرجل والمرأة، في إطار سياق مهم قاعدته أن النهوض بالمرأة الأردنية وتمكينها لا يمكن فصله عن نهوض المجتمع الأردني وتطوره ككل.
تحقيق المساواة
قالت الدكتورة سلمى النمس الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة إنها تتطلّع إلى وصول المزيد من النساء إلى مواقع صنع القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية ومجالس المحافظات والمجالس المحلية والبلدية ومجالس إدارة المؤسسات والشركات، من خلال العمل على تعديل التشريعات لتتواءم مع الاستراتيجيات الوطنية.
وأكدت النمس أن تطلعات النساء لم تتوقف عند هذا المطلب فقط وإنما ينظرن باهتمام أيضًا إلى توفير فرص للنساء في سوق العمل، وزيادة حجم مشاركتهنّ الاقتصادية، واهتمام أكثر في التعاطي مع ظاهرة العنف ضدهن بمختلف أنواعه على المستويين الرسمي والأهلي، بالإضافة إلى العمل على تغيير الاتجاهات المجتمعية السلبية والقوالب النمطية المبنية على الفوارق بين الجنسين.
وقالت الدكتورة عبلة عماوي الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان بالأردن لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إنّ تحقيق المساواة وإعطاء المرأة الأردنية حقها الكامل كمواطنة سواء بمنح جنسيتها لأبنائها وبناتها، وتخصيص حصص إلزامية في جميع المؤسسات وجميع المستويات لتمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30 في المئة، والتمتّع بحقوقها كاملة تحت أطر تشريعات معدلة تلغي التمييز بكافة أشكاله، هو الأمل الحقيقي الذي سيجعل الأردن يرتقي إلى المستوى العالمي الذي يستحقه، ويزيل الفجوة بين المرأة والرجل في الوصول إلى التمكين الاقتصادي الحقيقي، والتمثيل السياسي الكامل في مواقع صنع القرار.
إلى جانب ذلك، ترى عبلة أبوعلبة الأمينة العامة لحزب الشعب الديمقراطي والنائب السابق في البرلمان الأردني أن مواكبة التطوّرات الكبيرة التي وقعت في بنية المملكة الأردنية الهاشمية، تقتضي رفع نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية والمؤسسات النقابية، وفي مواقع صنع القرار.
ومن أجل مشاركة واسعة ونوعية للنساء في البرلمان والحكومة، بيّنت أبوعلبة الحاجة لتطوير قانون الانتخاب وكل التشريعات المنظمة للحياة السياسية؛ فخوض المعارك الانتخابية على أساس قوانين عادلة، سيدفع باتجاه الوصول إلى تحقيق المساواة والتمثيل الواسع للنساء ليس فقط عدديًا وإنما نوعيًا أيضًا.

أسمى خضر: لا بد من اعتبار قضايا النساء ذات أولويات أساسية وطنية وتنموية ملحّة
فيما قالت المحامية أسمى خضر الرئيسة التنفيذية لجمعية معهد تضامن النساء الأردني إن النساء يسعين إلى المساهمة وبشكل فاعل في بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية المنتجة في المئوية الثانية للدولة، حيث تظل الأردنيات متمسكات بمتطلبات ومسؤوليات المواطنة حقوقًا وواجبات.
وترى خضر أنه لا بد من اعتبار قضايا النساء ذات أولويات أساسية وطنية وتنموية ملحّة، وتدعو إلى ضرورة تنقية جميع التشريعات الموضوعية والإجرائية من البنود التمييزية ضد النساء، وإدماج احتياجات الجنسين في الاستراتيجيات والموازنات والخطط والبرامج على أساس المساواة.
وتؤكد أسماء الرواحنة النائب في مجلس النواب الأردني، أنها تتطلع إلى زيادة عدد النساء في مواقع صنع القرار، سواء في تركيبة الحكومة كوزيرات، أو في البرلمان أو في المجالس البلدية أو مجالس المحافظات أوفي المناصب الإدارية القيادية في القطاعين العام والخاص، مؤكّدة أن المرأة أقل فسادًا وتسعى دائمًا للعمل بإخلاص؛ لذا يجب الاستفادة من ذلك عبر دعم وصولها إلى المناصب القيادية.
وعلى صعيد التطلعات الاقتصادية، تعتقد رنا العبوة رئيسة جمعية نادي صاحبات الأعمال والمهن، أنه آن الأوان لوضع حلول تُنصف المرأة وتلبي رغباتها واحتياجاتها، وطموحها وتعطيها فرصًا متساوية في التوظيف بالإضافة إلى سد الفجوة في الأجور، وتحسين بيئة الأعمال، وتوفير مواصلات ملائمة وحضانات، وتوفير مساحات صناعية وتجارية بأسعار مناسبة ومواقع مدروسة خاصة لشركات رائدات الأعمال الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
ويرى المراقبون أن النساء في الأردن تقدمن خطوات مهمّة في مختلف الميادين العامة والسياسية بدعم واضح من الدولة، حيث تم إقرار نظام الكوتا النسائية في قانون الانتخاب للعام 2003 بهدف زيادة مشاركة المرأة في المواقع السياسية وهو ما جعل نسبة التمثيل النسائي في مجلسي النواب والأعيان الحاليين، تصل إلى 11.5 في المئة و10.8 في المئة على التوالي.
ووفقا لنتائج آخر انتخابات بلدية أجرِيت في العام 2017. حصلت النساء على 1030 مقعدًا في المجالس المحلية والمجالس البلدية وأمانة عمّان الكبرى، إضافة إلى 52 مقعدًا في مجالس المحافظات بحسب الإحصائيات المنشورة في الجريدة الرسمية وذلك وفق آليات التنافس والتعيين “الكوتا”.
تحديات

سلمى النمس: وصول المزيد من النساء إلى مواقع صنع القرار ومجالس المحافظات أهم تطلعاتنا
بدأت الأردنيات بالمطالبة بحقوقهنّ السياسية والاجتماعية بشكل فعلي في منتصف خمسينات القرن الماضي، حين قادت الرائدة النسوية الأردنية الحقوقية المحامية إملي بشارات الجهود النسوية للمطالبة بحق المرأة في الترشح والانتخاب لمجلس النواب والمجالس البلدية وقتذاك.
وتعتبر الناشطة في مجال حقوق المرأة إميلي نفاع، أن المرأة الأردنية حققت العديد من الإنجازات على مدار السنوات الماضية إلا أنه لا تزال أمامها العديد من المهام التي يجب أن تقوم بها لتحقيق المساواة بينها وبين الرجل ضمن المستويات المطلوبة.
وترى نفاع أن المرأة عنصر هام في بناء المجتمع، وعليها مواصلة نضالها، لتكون شريكا حقيقيا وفعالا في مختلف المجالات بعيدا عن الشكلية، وخاصة في المشاركة الاقتصادية التي تشهد تراجعا كبيرا.
وبلغت درجة الأردن في المشاركة والفرص الاقتصادية 145، وفي درجة التحصيل التعليمي 81، فيما كانت درجة الصحة والبقاء 103، وفي التمكين السياسي 113.
وتشكل نسبة المرأة الأردنية 47.1 في المئة من إجمالي سكان المملكة، ويعد وضع المرأة الاقتصادي أكثر صعوبة من الرجل لتأثرها بالتغيرات الاقتصادية التي تزيد من وتيرة معاناتها أثناء قيامها بالمهام الاجتماعية المناطة بها، وفق ما ذكره التقرير الإحصائي السنوي الصادر العام الماضي عن دائرة الإحصاءات العامة.
ولا تقتصر التحديات المطروحة على المرأة الأردنية على مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية، وإنما تخوض العديد من المعارك للحد من العنف بمختلف أشكاله تجاهها.
التقدّم الذي شهده الأردن يقتضي رفع نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية والمؤسسات النقابية وفي مواقع صنع القرار
وتقوم العديد من مؤسسات المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق المرأة بمعالجة هذه الإشكالية من خلال الضغط على الجهات المعنية بتعديل التشريعات والقوانين التي تصب في صالح المرأة، بما ينسجم مع المعاهدات والمواثيق الدولية المناهضة لكافة أشكال العنف بحقه.
واستطاعت المرأة الأردنية عبر مسيرتها مواجهة الكثير من الصعوبات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، كان آخرها التحديات التي فرضتها جائحة كورونا وتداعياتها الاستثنائية، من خلال عملها في الخطوط الأمامية للتصدي لهذه الجائحة كطبيبة وممرضة وربة منزل.
ودعا ناشطون في مجال المرأة إلى تكثيف الجهود المستهدفة لتحقيق المساواة القانونية والاجتماعية والسياسية للمرأة على المستوى الدولي، وتعزيز حضورها في مواقِع صنع القرار وسوق العمل، وتفعيل القوانين الرادعة لأشكال العنف ضده المرأة، والذي يشكل، بحسب الإجماع الدولي، انتهاكا لحقوق الإنسان ويحد من تمتع المرأة بحقوقها المشروعة.
ويعمل الأردن على تعزيز المشاركة الكاملة والفاعلة للمرأة في مختلف المجالات وتمكينها وإيصالها لمواقع صنع القرار، من خلال الاستمرار في تنفيذ برامج التمكين السياسي للمرأة في الشقين الحزبي والبرلماني والعمل العام.
كما تركز اللجنة الوزارية لتمكين المرأة بالأردن، من خلال برامجها وأهدافها على التمكين الاقتصادي للمرأة، واتخاذ كل الإجراءات والتدابير لحماية النساء من العنف وحماية حقهن في العيش بكرامة، وتمتعهن بالمواطنة الكاملة والفاعلة. وما دعم الحكومة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية الأردنية للمرأة 2020-2025، لتوفير واقع أفضل للنساء في مختلف المجالات إلا دليل على ذلك.