"حصاد البيانات".. الثورة الزراعية المقبلة

تغييرات جذرية تدخل إلى العمل الزراعي من خلال منصات رقمية بإمكانها أن تعالج في بضع دقائق بيانات كان الخبراء يحتاجون إلى أشهر لتحليلها.
الجمعة 2024/04/26
الذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر البيئية

ريو دي جانيرو (البرازيل)- لعدة قرون، استخدم المزارعون التقاويم لمحاولة فهم أنماط الطقس والتنبؤ بها. والآن، يعتزم جيل جديد من الشركات الناشئة إدخال تغييرات جذرية إلى العمل الزراعي بفضل تقنيات ذكاء اصطناعي تتيح تجميع بيانات معيّنة لتقييم المخاطر الطبيعية على هذا القطاع.

وتوقّف الاعتماد على التقاويم القديمة لتوقع أحوال الطقس، إذ بات بإمكان منصات رقمية أن تعالج في بضع دقائق بيانات كان الخبراء يحتاجون إلى أشهر لتحليلها.

وتقدّم شركة “ترايف” الناشئة التي أنشأتها عام 2018 البرازيلية ألين أوليفيرا بيزينتي، خدمات رقمية مماثلة.

وكانت بيزينتي تعمل لدى شركة الأغذية العملاقة “لويس درايفس كوموديتيز” حين تنبّهت لمشكلة كبيرة يواجهها المزارعون في بلدها.

10

مليارات نسمة يجب تأمين الغذاء لهم بحلول عام 2050 والحل هو الذكاء الاصطناعي

وفي البرازيل، المصدر العالمي الرئيسي لفول الصويا واللحم البقري والسكر والذرة، يحتاج المنتجون إلى قروض لشراء البذور أو الأسمدة وتلبية الطلب الخارجي الهائل.

وتقول بيزينتي إنّ الحصول على قروض مسألة صعبة لأنّ المصارف غالبا ما تتأخر بسبب الخطوة المرهقة المتمثلة في تقييم المخاطر سواء كانت طبيعية كالجفاف أو الفيضانات، أو مالية كانهيار أسعار بعض المنتجات.

قررت ألين أوليفيرا التعمّق في دراسة المشكلة في جامعة “ماساتشوستس انستيتيوت أوف تكنولوجي” الأميركية المرموقة، حيث تخصصت في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.

وتقول لوكالة فرانس برس “كانت المصارف تستخدم نموذج تحليل مخاطر خاصا بها، وهو نوع من جدول إكسيل Excel ضخم للبيانات. ولكن من الصعب جدا على الإنسان، حتى الخبير في الرياضيات والإحصاء، تحديد كل الفروق الدقيقة والمتغيرات من خلال بيانات”.

وتضيف إنّ “العملية الحسابية التي كان يستغرق إنجازها ثلاثة أشهر، بتنا قادرين على القيام بها في خمس دقائق وبدقة أكبر بكثير”.

ولشركتها “ترايف” التي أسستها مع زوجها فابريسيو بيزينتي، زبائن يمثلون مؤسسات وشركات كبرى في مجال الأغذية الزراعية على غرار “سينغينتا”، بالإضافة إلى شركات تكنولوجيا مالية (الشركات التي تستخدم التقنيات الجديدة لتحسين الأنشطة المالية) وثاني أكبر بنك في أميركا اللاتينية “بانكو دو البرازيل”.

ويستخدم أكثر من 70 ألف مزارع منصتها، الأمر الذي سهّل منح قروض بنحو مليار دولار.

ألين أوليفيرا بيزينتي: العملية الحسابية التي كان يستغرق إنجازها ثلاثة أشهر، بتنا قادرين على القيام بها في خمس دقائق وبدقة أكبر بكثير
ألين أوليفيرا بيزينتي: العملية الحسابية التي كان يستغرق إنجازها ثلاثة أشهر، بتنا قادرين على القيام بها في خمس دقائق وبدقة أكبر بكثير

وعرضت ألين أوليفيرا عملها في ريو دي جانيرو خلال قمة الويب التي انعقدت أخيراً وكانت وكالة فرانس برس الشريك الإعلامي لها هذا العام.

وشاركت في حلقة حوارية بعنوان “حصاد البيانات، الثورة الزراعية المقبلة”، بجانب رجل الأعمال البورتوريكي أليخاندرو مييسس.

وابتكرت شركته الناشئة “تيرّا فيرما” نموذج ذكاء اصطناعي يحلل بيانات الأقمار الاصطناعية للمساعدة في توقع الكوارث الطبيعية المحتملة.

ويقول إنّ “الفكرة الأساسية تكمن في فهم كيفية تأثير حركات المياه والرياح وأشعة الشمس، على الأراضي الزراعية”.

ويستخدم المزارعون في مختلف أنحاء العالم على نحو متزايد الذكاء الاصطناعي لرفع إنتاجهم، إذ يستعينون مثلا بجرارات ذاتية القيادة أو طائرات مسيرة لمراقبة المحاصيل أو المواشي.

ويواجه القطاع الزراعي انتقادات كثيرة في دول كالبرازيل بسبب تأثيره البيئي، وخصوصا في منطقة الأمازون، حيث يشكل حفظ الغابات الاستوائية مسألة حيوية في مكافحة ظاهرة الاحترار المناخي.

ويعتبر المتفائلون أنّ التقنيات الجديدة كالذكاء الاصطناعي تنطوي على آمال، في حين قد يصل عدد سكان العالم إلى عشرة مليارات نسمة بحلول عام 2050.

ماريانا فاسكونسيلوس هي رئيسة شركة “أغروسمارت” الناشئة التي ابتكرت منصة تستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدة المزارعين على تقييم المخاطر المناخية وإنتاج المحاصيل بطريقة صديقة أكثر للبيئة.

وتقول لوكالة فرانس برس على هامش “قمة الويب”: “إنّ منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تؤكد إننا بحاجة إلى زيادة إنتاج المحاصيل الغذائية لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان. لكن علينا إنتاج كميات إضافية مع استخدام مساحات أقل من الأراضي، من خلال الحد من إزالة الغابات وانبعاثات الكربون”.

وتضيف “نعارض في أحيان كثيرة الطبيعة والزراعة، لكنّ التكنولوجيا قد تساعد في إعادة تأهيل البيئة، من خلال إيجاد التوازن الصحيح بين المحاصيل والثروة الحيوانية والغابات”، مبديةً إيمانها بـ”نموذج أكثر استدامة”.

12