حركة الشباب الصومالية تكشف عن صورة زعيمها المقتول

الجمعة 2017/06/30
الاستعداد للعودة

نشرت حركة الشباب الصومالية مؤخرا شريطا مصورا يعرض لأول مرة صورة زعيمها السابق أحمد عبدي غودان، المعروف باسم المختار أبي الزبير. وقتل أبوالزبير في أول سبتمبر من عام 2014 في غارة أميركية قريبا من مقديشو، بتنسيق مع الحكومة الفرنسية.

يدوم الشريط المصور ساعة وأربعة وعشرون دقيقة، وفيه يظهر عدد من أعضاء حركة الشباب وهم يروون بدايات تأسيسها، وكيف تطورت من “الاعتصام” إلى أن أصبحت تدعى بهذا الاسم الجديد. ويقدم الشريط سيرة مختصرة عن أبي الزبير، حيث يقول إنه ولد عام 1970 للميلاد ودرس في مدرسة عمر بن الخطاب في العاصمة الصومالية قبل أن ينتقل إلى جيبوتي بعد نشوب الحرب الأهلية.

ويعرض الشريط فقرة من خطبة لعبدالله عزام يدعو فيها إلى اللحاق بأفغانستان للجهاد. ثم يتحدث عن هجرة أبي الزبير إلى أفغانستان تلبية لتلك الدعوة، حيث تلقى تدريبات عسكرية، ثم هجرته إلى باكستان لدراسة العلوم الشرعية، كل ذلك مرفقا بصور له وهو يطلق النار من بندقية.

بعد عودته إلى الصومال برفقة عدد من الذين قاتلوا في أفغانستان، بدأ التخطيط لإنشاء حركة جهادية صومالية، وفي عام 2003 هاجم هو ومن معه جمارك مدينة وجالي الحدودية، حيث استولوا على مبلغ كبير من المال انطلقوا منه لتأسيس نواة حركة مسلحة. وبعد ثورة المحاكم الإسلامية والإطاحة بزعماء الحرب في مقديشو عام 2006 عيّن أبوالزبير أمينا عاما لمجالس المحاكم الإسلامية، غير أن الخلافات التي اندلعت داخل هذه الأخيرة دفعته وعددا من رفاقه إلى الانشقاق وتأسيس حركتهم المستقلة تحت اسم حركة الشباب الصومالي عام 2008 حيث اختير أميرا لها واتخذ له اسما جديدا هو مختار عبدالرحمن أبوالزبير، وأعلن الحرب على حكومة شيخ شريف بعد أن اتهمها بالردة عن الإسلام.

عرف أبوالزبير بأنه "جزار نيروبي"، بسبب وقوفه وراء تفجير المركز التجاري في نيروبي عاصمة كينيا عام 2013، وارتبط اسمه بتفجيرات كمبالا في أوغندا التي أودت بـ74 قتيلا. وبعد مقتله نعاه تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ووصفه بـ”المجاهد المهاجر المضحي الباذل معشار حقه”.

تنظيم القاعدةيسعى اليوم إلى التمركز في الصومال واستعادة قوته بعد تراجع تنظيم داعش محليا ومركزيا، بسبب توالي الضربات ضده في معاقله في العراق وسوريا

بايعت حركة الشباب الصومالي تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن منذ تأسيسها، فقد أرادت أن تمنح لعملها المسلح في الصومال طابعا عالميا يجلب لها الأضواء كفرع للقاعدة في منطقة القرن الأفريقي. بيد أن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بقيادة أبي بكر البغدادي جعل أبا الزبير يتوجه نحوها ويمنحها ولاءه، الأمر الذي أدى إلى نشوب الخلافات داخل الحركة نتجت عنه عمليات لتصفية الحسابات بين الموالين لتنظيم القاعدة والموالين لداعش. وبرز الخلاف عندما بدأ أبوالزبير في منع بث الرسائل الصوتية لزعيم القاعدة أيمن الظواهري سواء في مواقع الحركة أو الإذاعة التي أطلقتها على شباب الحركة، ما دفع عددا من هؤلاء إلى التمرد على قيادته والتشبث بالولاء لتنظيم القاعدة.

وأدت تلك الصراعات الداخلية إلى قتل أبي الزبير لعدد كبير من أبناء الحركة، واعتقال بعضهم الآخر، بسبب الخوف من فضحهم للانحرافات داخل الحركة وفضائح زعيمها. وفي عام 2013 نشرت بعض المواقع الجهادية الصومالية قائمة من 19 شخصا وصفتهم بأنهم “من قادة الجهاد” تمت تصفيتهم على يد أبي الزبير وأعوانه.

أمام هذه التصفيات اضطر عدد من المسؤولين البارزين في الحركة إلى الفرار. من بين هؤلاء عمر شفيق همامي المعروف بأبي منصور الأميركي، وهو مواطن أميركي التحق بالحركة عام 2006 ووضعته واشنطن على قائمة المطلوبين. وخصصت وزارة الخارجية الأميركية مبلغ خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

ونشر على صفحته في تويتر عام 2013 أن أبا الزبير يسعى إلى اغتياله، وهو ما حصل بالفعل بعد أشهر قليلة. أما الشخص الآخر فهو حسن طاهر أويس، الذي سلم نفسه إلى السلطات الصومالية هربا من مطاردة جماعة أبي الزبير.

غير أن التحول الأكبر في مسار الحركة حصل عندما أراد أبوالزبير الانقلاب على شيخه السابق أبي بكر الزيلعي، المعروف بإبراهيم الأفغاني. ويعد الزيلعي في طليعة من أدخل الفكر الجهادي إلى الصومال في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي. إذ عاش مع عبدالله عزام وأبي مصعب السوري وأبي الوليد الفلسطيني. وتمت تزكيته من قبل أبي عبيدة البنشيري وأبي حفص المصري لإرساله إلى الصومال لإقامة معسكرات لتدريب المقاتلين بعد سقوط النظام الشيوعي، وهو من مؤسسي المحاكم الإسلامية.

وفي عام 2013 وجه رسالة إلى أيمن الظواهري يكشف فيها جوانب الانحراف في حركة شباب الصومال بزعامة أبي الزبير، تحت عنوان “أنا النذير العريان”، حيث كشف عن وجود سجون سرية غير معروفة تسيطر عليها الحركة وتعتقل فيها مخالفيها، و”استخدام الحرب القذرة وسياسة ليّ الذراع ضد كل من حاول النصيحة والإصلاح”، و”الإشاعة وتشويه الصورة”، وإبعاد العلماء عن مجالس التدريس والخطابة، وقال الزيلعي في رسالته إن “معظم الشخصيات في قائمة المطلوبين دوليا بتهمة الإرهاب من قبل أميركا وأوروبا ودول الجوار هم أيضا نفس المطاردين أو المعتقلين أو المهمشين لدى حركة الشباب”.

ودفعت الخلافات داخل الحركة حول الولاء للقاعدة أو داعش إلى انتصار الجناح المؤيد للقاعدة، خاصة بعد مقتل أبي الزبير الذي كان يميل إلى التحالف مع تنظيم البغدادي، وهو ما أدى إلى انقلاب موازين القوى داخل الحركة وسحق التيار المؤيد للبغدادي.

ويسعى تنظيم القاعدة اليوم إلى التمركز في الصومال واستعادة قوته بعد تراجع تنظيم داعش محليا ومركزيا، بسبب توالي الضربات ضده في معاقله في العراق وسوريا. ويُنظر إلى العمليات الأخيرة التي نفذتها الحركة، كالهجوم على قاعدة عسكرية في منطقة بونتلاند على أنه مظهر من مظاهر الاستعراض العسكري الذي يقوم به تنظيم الظواهري عبر الحركة لإعادة احتلال الأضواء التي بدأت تنطفئ من حول تنظيم داعش.

كاتب مغربي

13