حذاء سندريلا في مسرح الأحلام

الحذاء الشهير للأميرة سندريلا، الذي لا تقدر أي قدم على انتعاله، بدا شبيها بالقميص رقم 7 في مانشستر يونايتد الذي لا يصلح إلا لعدد نادر من "أمراء" الكرة.
الأحد 2018/10/21
القميص رقم 7 ليس على المقاس

ثمّة في ذلك المكان نار موقدة، تكاد ألسنتها تبلغ عنان السماء، لا شيء في الأفق يوحي بأن مطرا آت قد يحيل المكان القاحل جنة غنّاء.

هذا المكان لا يعدو أن يكون مسرح “الأولد ترافورد” معقل مانشستر يونايتد الذي يعاني منذ زهاء ست سنوات، وتحديدا إثر رحيل المدرب الأسطوري للنادي أليكس فيرغسون من سوء النتائج والتراجع المحير في الأداء.

تهافت المدربون وتعاظم الحلم بحمل إرث فيرغسون، لكن لا أحد إلى اليوم أظهر أنه قادر على إعادة ترتيب البيت. فقد جاء في الأول المدرب ديفيد مويس، بيد أنه غادر سريعا بعد فشل ذريع، تبعه في ذلك فان خال، قبل أن يأتي المحنك مورينهو غير أنه لم يستطع بدوره السيطرة على الواقع الصعب الأليم.

بالأمس القريب جاء بوغبا ولوكاكو، قدما إلى “الأولد ترافورد” بمبالغ طائلة غير أن هذين “الخطافين لم يصنعا الربيع”، بحث مورينيو عن لاعبين أكثر مهارة وتأثيرا لكن دون جدوى، بدت كل الأبواب موصدة، والخناق بدأ يضيق يوما بعد يوم على مورينهو.

هو مشهد سريالي موغل في العبثية داخل “قلعة الشياطين الحمر”، ثمة جمرة مستعرة حرارتها تضرب في المكان فتلسع الجميع ويكتوي كل فرد بنارها، فلا أحد بدا هانئا داخل المعسكر ولا أحد يبدو متفائلا بمستقبل “اليونايتد”.

الفريق ابتعد منذ سنوات عن الصفوف الأمامية في الدوري الممتاز، وتراجع كثيرا أوروبيا ولم يعد من ضمن الفرق المنافسة على دوري الأبطال.

إذا، ما الذي حلّ في القلعة الحمراء؟ أي عطل أصاب مدافع “الأولد ترافورد”؟ وأي لعنة ضربت مسرح الأحلام؟

ربما قد يحتاج البحث عن أجوبة لهذه الأسئلة القليل من “الكوميديا السوداء” التي باتت السمة البارزة في أغلب العروض المقدمة بمسرح الأحلام طيلة السنوات الماضية، الأمر قد يتطلب بعض العبثية التي أحالت كل جهود التطوير والإصلاح إلى مشهد “سيزيفي” يستنزف الجهود.

كوميديا سوداء وعبثية ربما تربط بينهما لعنة “النار اللاسعة”، هي لعنة بدأت منذ سنة 2009، لعنة ارتبطت بكل من يرتدي القميص رقم 7.

سبق وأن كتبنا عن قسوة هذا القميص المغري في مانشستر يونايتد، ففي السابق كان هذا القميص الأكثر رمزية في الفريق، لقد حمله أساطير مرّوا على “الأولد ترافورد” فتركوا إرثا كبيرا، لقد تقمصه الأسطورة جورج بيست أيام عز “اليونايتد” في السبعينات.

وحمل إرث القميص رقم 7 بعد ذلك نجوم آخرون مثل الفرنسي إيريك كونتونا الذي ساهم في تعبيد طريق النجاح أمام المدرب فيرغسون في التسعينات.

ديفيد بيكهام كان أيضا علامة فارقة في التاريخ المجيد للنادي، حيث أثبت كفاءته بأن يكون الخليفة الشرعي لبيست وكونتونا، تبعه بعد ذلك “الدون” كريستيانو رونالدو الذي عرف بدوره المجد وحمل القميص رقم 7 ببراعة متناهية، كان آخر الناجين من لسعات نار هذا القميص، كان آخر أمراء “مسرح الأحلام”.

لكن ليت رونالدو لم يخرج، فلا أحد من بعده فك “لعنة” هذا القميص، وكان جديرا بارتدائه.

لقد فشل مايكل أوين، حيث كان مروره صوريا في “مسرح الأحلام”، وكأنه مجرد كومبارس أدى الدور في وقت وجيز قبل أن يغادر.

فشل أيضا الأوكوادوري فالنسيا، هذا اللاعب بالكاد يتذكره اليوم عشاق مانشستر، أما البرتغالي لويس ناني فقد عرف المصير ذاته، رغم أنه يحمل الجينات نفسها التي يحملها مواطنه رونالدو.

جاء الدور على أنخل دي ماريا، حيث وعد الجميع بالتألق الساحق، فحمل القميص رقم 7 ليختفي بعد موسم واحد من “مسرح الأحلام” بعد أن اكتوى بلسعات نار هذا القميص “الساحر” الذي لا يقدر على ارتدائه سوى “الجهابذة” القادرين على تطويع اللعنة.

مصير دي ماريا عرفه أيضا الهولندي ديباي الذي قدم نجما من بلده ليتجرأ على حمل القميص المربك، لكنه سرعان ما أخفق وفرّ بجلده من لدغات النار الملتهبة.

بعد رحيل ديباي بحث الجماعة في الفريق عن “ساحر” جديد عله ينجح في المهمة ويطوّع القميص، فالخروج من الأزمة قد يكون مرتبطا أساسا بالنجاح في إيجاد اللاعب الذي يلائم جسده هذا القميص، هذا القميص الذي غدا أشبه بذلك الحذاء الشهير للأميرة سندريلا، فكما الحذاء الأخّاذ الذي لا تقدر أي قدم على انتعاله، فإن القميص رقم 7 في مانشستر لا يصلح إلاّ لعدد نادر من “أمراء” الكرة.

خيّل لإدارة مانشستر يونايتد أن التشيلي أليكس شانسيس الذي تألق مع برشلونة ثم الأرسنال قد يكون “الأمير” الجديد، لكن هيهات، فاللعنة أصابته، و”الشلل” الكلي منذ بداية تجربته مع الفريق كاد يقضي عليه.

أليكسيس لم يقدم إلى اليوم ما يشفي الغليل ولم يقدر بعد على فك الرموز، كل المؤشرات بعد حوالي العام من بداية مغامرته مع الفريق تبدو سلبية، اليوم تبدو أيامه معدودة وقد لا ينهي الموسم في مسرح الأحلام، من الصعب أن يكون هو العريس، ومن شبه المستحيل بسبب ضعف مستواه وقلة تأثيره أن يقتدي بالأولين ويفك الشفرة، لن يكون أبدا مثل سندريلا، فالقميص رقم 7 ليس على المقاس.

23