ركوب الموجة الدينية في العراق انعطافة مؤثرة وتداعيات سريعة وصادمة بكل الاتجاهات، أضاعت بوصلة العلاقات الاجتماعية وأطلقت النار على التنوع في السلوك.

الأقلية غالبا ما تتورط معها الدولة الراعية في سلوكين، إما إعطاء الحقوق المتساوية مع الآخرين، أو سلب الحقوق الخاصة، وفي كلا الحالتين يتم النظر إليها كوجود مزعج للأكثرية.

الدولة الدينية والمذهبية في العراق تريد أن تقنعنا بأننا مجموعة قبائل متناحرة، وأن الحل لن يأتي إلا بخبرة قادة فيلق "القدس" لبلاد فارس بمساعدة طيران "الشيطان" الأميركي.

تقادمت الأحداث على أمة من الأشقاء، ارتمى كل منهم تحت خيمة، وتطوع كل منهم للنيل من شقيقه، وحمل الجميع أوزار الخطيئة، وتنكروا لأرومتهم، وارتكبوا الإبادات بحق شعوبهم.

مرضى بالعصاب يجوبون أرضنا، تتنازعهم قيم الاجترار، يلوكون النصوص والحوادث، ويحولون صراع السطور وتباين الأفكار، إلى سيطرات دم ومجاميع استلاب ومهانة للحياة.

المفارقة كبيرة في احتلال العراق تحت ذريعة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل، وبين الصبر الأميركي على النووي الإيراني الفاعل في آثاره المعلنة على العراق.

الأسئلة تتوجه إلى القادم على أرض العراق، وكل الخوف أن تلقي الأطراف المتنازعة في معارك الموصل المقبلة، طوق النجاة لمن ألقى بالكلور ضد المدنيين في سوريا ليتخلص من عواقب جرائمه.

العراق دولة تتجاوز الثلاثين مليون أسير، مكبل بسلاسل التخلف والأيديولوجيات وأخلاق اللصوص وسماسرة الليل وبلادة مناهج الفكر والتعليم والفقر والموت في سبيل موت الآخر.

إمبراطوريتان في جوارنا تؤثثان للقادم، من "مول الشيطان الأكبر" ومشاعرنا مذبوحة ونحن نتابع مستوردي الاحتلال يسبون ويشتمون شيطانهم الذي جاء بهم إلى السلطة.

العراق ودول كثيرة تتدحرج من أعلى السلم إلى أسفله، وسيعيد المخرج العالمي اللقطة عدة مرات إلى أن يعتقها من عبوديته.

ربع ساعة قراءة تعني أمية أمة، وتعني أننا جميعا أسرى نص ما، وأن من يقرأ لساعات طويلة في أحداث تاريخ ينتقيها سيدفع بنفسه إلى أتون نص واحد.

من ينسى من شعبنا مآسي المراجعات الحكومية والهم الإنساني المرتبط بها، وكم من موظفين اغتنوا في العراق لأنهم عملوا في دوائر الضريبة أو الجمارك أو غيرها.

العراق حديقة خلفية لإيران وأميركا، وصفة الحديقة لا تنطبق مع رؤيتنا كشعب، لكنها حديقة غناء ومثمرة أتت أكلها في زرع الانقسامات.

العالم ينسكب عبر السنوات بمكوناته وثقافاته وحطام تاريخه وأديانه، ليولد بعيدا عن رقابة المثل العليا الضامنة للحياة الإنسانية عالم آخر مجهول الأب والأم.

سفاراتنا استخدمت لسياحة الأهل والأقارب ولجمع الرواتب السخية من الخارجية، ولاصطياد الخصوم وتعقب المطلوبين أصحاب الألسن الطويلة.

عالم شارلي.. عالم كاريكاتير لأرض تتنازع على ارتداء الحجاب أو إماطة اللثام عن فم يتناول كسرة خبز وشربة ماء.. ثم يتقيأ الحياة.