جنود أثينا القديمة يحترقون لإسعاد السياح

تحاول اليونان أن تجتذب السياح باستعراض قدّمته مجموعة من الحراس يرتدون أزياء جنود أثينا القديمة، لكن موجة الحرارة المرتفعة جعلتهم يكابدون لاستكمال العرض الذي أعجب الزوار لكنه أثار فيهم الشفقة أيضا من معاناة هؤلاء الجنود.
أثينا - في حرارة خانقة كان الـ”إيفزونز”، وهم الحراس الذين يرتدون أزياء جنود أثينا القديمة ويعتمرون قبعات حمراء، يستعرضون الخميس مشيتهم تكراراً أمام عيون السياح المعجبين وسط ساحة البرلمان، فيما العرق يتصبب من جباههم في أول أيام موجة حر جديدة تشهدها العاصمة اليونانية.
وقال الأيرلندي جيم غرايس الذي كان يحمل زجاجة ماء في يده وهو يراقب حرس الرئاسة تحت أشعة الشمس الحارقة “إنهم رائعون لكنهم يعانون حتماً”.
أما زوجته إستير غرايس فعلّقت قائلة “نحن نتأقلم. نشرب الكثير من الماء ونضع المستحضرات الواقية من أشعة الشمس”.
وحاول سكان أثينا والسياح الموجودون فيها التأقلم الخميس مع اليوم الأول من موجة حر جديدة تصل إلى ذروتها الاثنين على الأرجح، إذ يتوقع أن تبلغ الحرارة ما بين 42 و44 درجة مئوية.
ففي ميدان موناستيراكي راحت ألكسندرا هولارو تجر بصعوبة عربتها المليئة بالحلويات بين السياح الذين كانوا يحاولون اتقاء القيظ بوضع القبعات القماشية أو تلك المصنوعة من القش.
وقالت البائعة البالغة 60 عاماً شاكيةً “سأموت تحت هذا الحرّ”. ومع أنها ثبتت مظلة شمسية، أقرّت بأن “الخيارات المتاحة أمام المرء لحماية نفسه ليست كثيرة”. ورأت أنه “من الصعب، بل من الصعب جداً العمل في هذه الظروف”.
وفي الواقع وصف معهد الأرصاد الجوية هذه الموجة الجديدة بأنها “خطيرة”، نظراً إلى مدتها المتوقعة والفارق الضئيل بين درجات الحرارة القصوى والدنيا.
وفي قلب أثينا كان المارة يمشون شبه ملتصقين بالجدران، بهدف الفوز ببعض الظل أو سعياً للاستفادة من هواء المكيّفات المتسلل من المحلات التجارية. وبدت شرفات المقاهي أشبه بواحات، وكانت المراوح وأجهزة رشّ رذاذ الماء فيها تعمل بأقصى طاقتها.
وقال السائح الفرنسي نيكولا ديآي (41 عاماً) “لم نكن مستعدين (…) غادرنا باريس هذا الصباح حيث كانت الحرارة 15 درجة (…) لكننا نشرب ونمشي في الظل خلال وجودنا في الشوارع”.
وفي بداية يوليو عينت بلدية أثينا مديرة لشؤون المناخ مسؤولة عن إيجاد حلول لمكافحة ارتفاع درجات الحرارة في العاصمة التي تشبه بحراً من الإسمنت.
وقالت ايليني ميرفيلي “بالطبع ثمة حلول”، مضيفة “من الآن إلى سنة 2050 يتوقع أن ينخفض عدد الأيام الماطرة بنسبة 12 في المئة، وأن تزيد درجة الحرارة بنحو 2.5 درجة إذا لم تُتخذ أي إجراءات”.
سكان أثينا والسياح يحاولون التأقلم مع موجة الحر المرتفعة التي تعصف بالبلاد في موسم سياحي واعد
وتتمثل أولويات ميرفيلي في تعزيز المساحات الخضراء في المدينة، وتفعيل القدرات اللوجستية لمساعدة الأشخاص المعرضين للخطر، إضافة إلى توعية السكان.
وشددت على ضرورة “العمل على المدى الطويل وفي الوقت نفسه لإيجاد حلول للمشكلات الآنية”.
ولاحظ مدير أبحاث الأرصاد الجوية كونستانتينوس لاغوفاردوس أن “هذه الظواهر المناخية تتكرر أكثر فأكثر”.
ورأى أن “الأمر يتعدى موجات الحرّ، إذ أن الأكثر إثارة للقلق هو أن متوسط درجة الحرارة يرتفع بشكل كبير صيفاً بعد آخر. وبات يصل في أثينا إلى ما بين 34 و35 درجة، أي بزيادة درجتين عن السنوات السابقة”.
وأشار لاغوفاردوس إلى أن “موجة الحر هذه هي الثانية حتى الآن خلال الصيف الجاري، وإذا حصلت موجة ثالثة فستكون حدثاً غير مسبوق”.
وفتحت بلديات عدة مراكز مجهّزة بمكيفات هواء لإيواء المشردين وغيرهم من الأشخاص الذين هم في وضع هشّ.
ويقصد قرابة عشرين شخصا يوميا مركزا في بيرايوس على مقربة من المرفأ الذي ينطلق منه السياح إلى الجزر المجاورة.
وقالت أرغيرو كويكا وهي مرشدة اجتماعية، إنها “المرة الرابعة التي نفتح فيها مركزا مجهّزا بمكيفات هواء هذه السنة”.
وأوصت وزارة الحماية المدنية بالاتقاء من القيظ مع البقاء في أماكن مظلّلة أو فيها مكيفات هواء.