جعفر حسان رئيسا لحكومة أردنية تعاني أزمة اقتصادية وتحديات أمنية وتوترات جيوسياسية

رئيس الحكومة الجديد عيّن نائبا لرئيس الوزراء ووزير دولة للشؤون الاقتصادية في حكومة هاني الملقي التي أطاحت بها الاحتجاجات عام 2018.
الاثنين 2024/09/16
مسؤولية كبيرة في أوضاع متوترة داخليا وخارجيا

عمان - كلف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأحد، جعفر حسان برئاسة الحكومة الأردنية خلفا لبشر الخصاونة، الذي استقال في أعقاب إجراء انتخابات مجلس النواب. وحسان (56 عاما) هو رئيس الوزراء الـ14 في عهد الملك عبدالله، الذي يتولى سلطاته الدستورية منذ 7 فبراير 1999.

ولد حسان عام 1968، وهو متزوج ولدية 3 أبناء، ويشغل منصب مدير مكتب الملك منذ مايو 2021. وحسب الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء، يحمل حسان درجتي الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي من معهد الدراسات الدولية بجامعة جنيف السويسرية.

كما يحمل الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد الأميركية، والدرجة ذاتها في العلاقات الدولية من جامعة بوسطن، والبكالوريوس في العلاقات الدولية من الجامعة الأميركية بباريس.

البداية من الخارجية

بدأ حسان العمل في القطاع العام منذ عام 1991 ملحقا في وزارة الخارجية، ثم انتُدب بعد عامين للعمل في الديوان الملكي
◙ حسان بدأ العمل في القطاع العام منذ عام 1991 ملحقا في وزارة الخارجية، ثم انتُدب بعد عامين للعمل في الديوان الملكي

بدأ حسان العمل في القطاع العام منذ عام 1991 ملحقا في وزارة الخارجية، ثم انتُدب بعد عامين للعمل في الديوان الملكي. التحق بين 1995 و1999 ببعثة الأردن الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف، ثم عاد إلى العمل في الديوان الملكي حتى 2001.

وبعدها، انتقل للعمل قائما بالأعمال ونائبا لسفير بلاده في الولايات المتحدة، واستمر في هذه المهمة حتى 2006، ليعود مديرا لدائرة الشؤون الدولية في الديوان الملكي الهاشمي حتى 2009. تولى حسان حقيبة التخطيط والتعاون الدولي في حكومات سمير الرفاعي ومعروف البخيت وعون الخصاونة وفايز الطراونة وعبدالله النسور بين عامي 2009 و2013.

ثم عُين مديرا لمكتب الملك عبدالله بين 2014 و2018، قبل أن يُعين نائبا لرئيس الوزراء ووزير دولة للشؤون الاقتصادية في حكومة هاني الملقي عام 2018. وقدم رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي استقالته للعاهل الأردني على خلفية الاحتجاجات الشعبية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل.

واتخذت الحكومة إجراءات تقشف ورفع أسعار شملت خصوصا المحروقات والخبز، بعد استجابتها لتوجيهات صندوق النقد الدولي بإجراء إصلاحات اقتصادية تمكنها من الحصول على قروض جديدة في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتجاوز الدين العام 35 مليار دولار آنذاك.

ووفقا للأرقام الرسمية سنة 2018، ارتفع معدل الفقر مطلع العام إلى 20 في المئة، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى18,5 في المئة في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300  دولار.

واحتلت عمان المركز الأول عربيا في غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالميا، وفقا لدراسة نشرتها مجلة “ذي إيكونومست” في 2018 . ومنذ ذلك الحين زادت الأزمة الاقتصادية استفحالا وارتفعت معدلات الفقر والبطالة.

◙ العاهل الأردني رسم في كتاب تكليف حسان خارطة العمل المناطة به إذ ركز في رسالته على الشؤون المحلية والدولية ولاسيما الأوضاع في الجوار الفلسطيني
◙ العاهل الأردني رسم في كتاب تكليف حسان خارطة العمل المناطة به إذ ركز في رسالته على الشؤون المحلية والدولية ولاسيما الأوضاع في الجوار الفلسطيني

وفي مايو 2021، اختاره عاهل الأردن ليكون مدير مكتبه مرة أخرى، وهو المنصب الذي استمره فيه حتى اختياره رئيسا للوزراء. وجرى تعيين حسان خلفا لبشر الخصاونة، الذي تولى رئاسة الحكومة في أكتوبر 2020 وقدم استقالته الأحد إلى الملك عبدالله، فوافق عليها بمرسوم ملكي.

ورسم ملك الأردن، في كتاب تكليف حسان، خارطة العمل المناطة به للمرحلة القادمة، إذ ركز في رسالته على الشؤون المحلية والدولية، ولاسيما الأوضاع في الجوار الفلسطيني.

وتناول التكليف جزئية أساسية عنوانها فلسطين وقطاع غزة، إذ قال الملك عبدالله لحسان إن "عمقنا العربي خيار إستراتيجي يكمن في توطيد علاقاتنا مع الأشقاء، والأردن دوما مع التضامن والعمل العربي المشترك". وتابع “وهذا جزء أصيل من رسالتنا، وقد كنا ومازلنا الأقرب للأشقاء الفلسطينيين، ولن نتوانى عن دعمهم ومساندتهم والوقوف إلى جانبهم، في ظل ظروف الحرب القاسية التي تشن عليهم في قطاع غزة والضفة الغربية”.

وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي حربا على غزة، أسفرت عن أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وبموازاة هذه الحرب، صعّد الجيش الإسرائيلي ومستوطنون اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية؛ ما أدى إجمالا إلى مقتل 703 فلسطينيين، بينهم 159 طفلا، وجرح نحو 5 آلاف و700 واعتقال أكثر من 10 آلاف، وفق معطيات وزارة الصحة الفلسطينية.

ووجّه ملك الأردن الحكومة المقبلة إلى “أن تسخّر كل الجهود في سبيل دعم صمود الأشقاء الفلسطينيين على أرضهم والدفاع عن حقوقهم”. واستطرد “فيقف الأردن بثبات ضد الحرب على غزة والاعتداءات في الضفة الغربية والقدس الشريف، ونعمل بكل طاقتنا من خلال تحركات عربية ودولية لحماية الشعب الفلسطيني، ووقف الاعتداءات والانتهاكات الصارخة للمبادئ الإنسانية والقانون الدولي، وسنبقى دوما، السند الأمين لأشقائنا في فلسطين”.

ومضى قائلا “لن نتوانى عن تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لأشقائنا في فلسطين حتى يحصلوا على كامل حقوقهم المشروعة ويُرفع الظلم التاريخي عنهم سياسيا وإنسانيا، وصولا لقيام دولتهم الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من (يونيو) حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.

كما “سنواصل دورنا التاريخي في حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس من منطلق الوصاية الهاشمية عليها، فهي شرف وأمانة نعتز بحملها”، وفق الملك عبدالله في كتاب التكليف. ومن المتوقع أن يعلن رئيس الحكومة الأردنية الجديد عن تشكيلته الوزارية قبل نهاية الأسبوع الجاري، ليتسنى له تجهيز برنامج عمله الذي سيعرضه على البرلمان بدروة انعقاده في نوفمبر المقبل.

وأظهرت نتائج انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، الثلاثاء، تقدم حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) على جميع الأحزاب المشاركة وعددها 38 حزبا. ففي نتيجة غير مسبوقة، حصد الحزب 31 مقعدا (من أصل 138)، أي ما يعادل نحو 30 في المئة من حصة الأحزاب في المجلس وهي 41 مقعدا، ويليه حزب الميثاق الوطني في المرتبة الثانية بـ21 مقعدا، وفق هيئة الانتخابات.

اقتصاد مأزوم

◙ الأردنيون لا يملكون سوى الصبر
◙ الأردنيون لا يملكون سوى الصبر

مؤخرا قال رئيس الوزراء الأردني المستقيل بشر الخصاونة إن “التنبؤات سواء من البنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية تشير إلى وجود تحديات اقتصادية خلال العامين المقبلين والأردن سيتأثر بذلك، ونحن لا نعمل في فراغ نحن نتأثر بهذه البيئة الاقتصادية الدولية ونتأثر بالاعتبارات الإقليمية كثيرا".

وأضاف خلال لقاء تفاعلي عقدته الحكومة لاستعراض سير العمل في البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2023-2025 بمشاركة قيادات اقتصاديَّة من السُّلطتين التَّشريعيَّة والتَّنفيذيَّة والقطاع الخاص ومؤسَّسات المجتمع المدني، أنه رغم تلك التحديات فإن الأردن يتطلع إلى تحقيق نسبة نمو تصل إلى 5.5 في المئة في نهاية 10 سنوات.

وتسعى الحكومة الأردنية إلى مواجهة التحديات الاقتصادية عبر رؤية التحديث الاقتصادي التي جرى إطلاقها قبل عامين في ظل معدل مرتفع للبطالة يصل إلى 23 في المئة، فيما بلغ الدين العام حوالي 42.8 مليار دولار أي 88 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مع استبعاد 10 مليارات دولار ديونا لمؤسسة الضمان الاجتماعي الأردنية.

◙ حسان يحمل درجتي الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي من معهد الدراسات الدولية بجنيف ويشغل منصب مدير مكتب الملك منذ مايو 2021

وتستهدف خطة التحديث الاقتصادي خلال 10 سنوات تحسين مستوى وجودة حياة المواطنين، وتحقيق نمو اقتصادي يصل إلى نحو 5.6 في المئة وتوفير مليون فرصة عمل بواقع 100 ألف سنوياً وكذلك استقطاب استثمارات بحوالي 56 مليار دولار. ورأى الخصاونة خلال حديثه أن جذب استثمارات بمعدل 1.5 مليار دينار (2.1 مليار دولار) وتحفيز وتمكين الاستثمارات الوطنية بمعدل 2.5 مليار تحدٍ كبير من 2023 إلى 2025، ومرتكز أساسي لتحقيق مستهدفات الرؤية الاقتصادية.

وأشار إلى أن القطاع العام “في أحسن حالاته” بشقيه المدني والعسكري، "لا يستطيع أن يخلق فرص عمل لأكثر من 15 ألف شخص”، فيما مدخلات سنوية لسوق العمل تشكل أضعافا مضاعفة من هذا الرقم" وأن الطريقة الوحيدة لإيجاد فرص عمل “تكمن في تمكين القطاع الخاص على قاعدة أنه شريك أساسي في عملية التنمية الاقتصادية وفي تنمية الاقتصاد وتكبير الاقتصاد وخلق فرص عمل".

ولفت الخصاونة إلى أن مخصصات البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي بلغت هذا العام 670 مليون دينار من الموازنة والمساعدات الخارجية. وبينما يتصاعد الغضب الشعبي وتحاول الحكومة بعناية التغلب على الاضطرابات النابضة من الحرب في غزة، يتساءل مراقبون إلى متى يمكن للأردن أن يظل هادئا ويحتفظ بمكانته كدولة مستقرة في بحر من الاضطرابات.

7