ثانوية "ديكارت" مؤسسة تعليمية لأبناء النخبة في الرباط

الرباط - رأت ثانوية “ديكارت” النور، بحسب العارفين بتاريخها، بعد تحويل ثانوية “غورو”، التي ظلت أول مؤسسة للتعليم الثانوي الفرنسي بالمغرب وشُيدت إبّان الحماية الفرنسية للمغرب عام 1919، إلى ثانوية عمومية مغربية حملت اسم الحسن الثاني. وتُعد ثانوية “ديكارت”، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى شهر أكتوبر من عام 1963، واحدة من أبرز وأكبر مؤسسات التعليم الفرنسي بالمغرب، حيث تضم داخل أسوارها حوالي 2500 تلميذ، من بينهم زهاء 600 من حاملي الجنسية الفرنسية.
وتوفر المؤسسة تكويناً من السنة الأولى إعدادي، إلى غاية السنة الثانية من الأقسام التحضيرية للمدراس العليا للهندسة، مروراً بالتكوين الثانوي. في منطقة حيوية في حي أكدال، على مقربة من السويسي، تستوقف زائري العاصمة الرباط، مؤسسة تعليمية ثانوية، مُختلفة تماماً عن باقي الثانويات المغربية.
تجهيزات عصرية، وكاميرات مراقبة، وأعلام مغربية وفرنسية وأخرى للاتّحاد الأوربي، وفي الخارج سيارات فارهة توصل التلاميذ إلى المؤسسة. تلاميذ يبدو أنّ معظمهم من بين المنتمين إلى الطّبقات الغنيّة والأسر الفرنسية القاطنة بالمغرب. كل المؤشرات إذن تمنح المؤسسة طابعا خاصا. ثانوية ديكارت، أشهر مؤسسات التعليم الفرنسي بالعاصمة المغربيّة، بل وفي المملكة ككل.
تُعد الفرنسية هي اللغة الرسمية طبعاً في هذه المؤسسة، لكن يتم تدريس لغات أخرى، على غرار العربية والألمانية والإنكليزية والإسبانية واللاتينية.
وإلى جانب المواد المُدرَسة، يتم إيلاء أهمية كبرى للأنشطة الرياضية والفنية وكذلك التكنولوجية، من خلال مجموعة من التجهيزات تحتوي عليها المؤسسة، فهي تتوفر على مركّب رياضي، كما أنّ التلاميذ يتلقون دروساً إجبارية في مادّتيْ الموسيقى والفن التشكيلي، وفي ما يخص الجانب التكنولوجي، تتوفر المؤسسة على قاعتين مجهزتين بالحواسيب وأجهزة تكنولوجية أخرى، بهدف استثمار التكنولوجيا الحديثة، في خدمة التكوين العلمي.
تضم داخل أسوارها حوالي 2500 تلميذ، من بينهم زهاء 600 من حاملي الجنسية الفرنسية
وبما أن هذه المؤسسة التعليمية خاصّة بالأساس، فمصاريف التعليم فيها تختلف حسب جنسية التلاميذ، وبالمقابل، فهي تخصص لتلاميذها طاقماً تربوياً يضم أكثر من 200 مدرس، بالإضافة إلى الطاقم المكلف بالتوجيه، والموظفين الإداريين والمكلفين بالعناية الصحية ومصالح أخرى.
وتُعد هذه المدرسة، الوجهة المفضلة لأبناء النخبة وأثرياء العاصة الرباط، وكذلك المدن القريبة منها، بل هناك بعض الأسر من مدن أخرى بعيدة تكتري لأبنائها مساكن في حي أكدال، حيث توجد الثانوية، من أجل متابعة دراستهم فيها، نظرا لجودة ما تقدمه من تكوين، وفق النظام التعليمي الفرنسي.
من جانب آخر، فهي تفتح أمام تلاميذها آفاقاً واعدة للمستقبل، سواء داخل المغرب أو خارجه، وتفوق نسبة النجاح فيها، النسبة الوطنية الفرنسية، حيث كانت في حدود الـ 99 بالمئة عام 2012، مقابل 54.5 بالمئة في فرنسا، في العام نفسه.
أمّا التسجيل في المؤسسة، فيكون على أساس الجنسية وكذلك المسار المدرسي، إذ يُقبل التلاميذ الفرنسيون بشكل مباشر، على اعتبار أن أي تلميذ فرنسي سبق له أن تلقّى تكوينا في إحدى المدارس الفرنسية أو التابعة إلى النظام التعليمي للبلد في دول أخرى، يحق له التسجيل في المؤسسة المعنية.
أما بخصوص التلاميذ الآتين من مؤسسات خاصّة أخرى لا تربطها أية علاقة بالنظام الفرنسي أو مُرتبطة بنظام دول أخرى، فالقبول في ثانوية “ديكارت”، يكون مشروطاً بتقييم للمستوى. وفي ما يخص التلاميذ من جنسيات أخرى، فالقبول يكون مباشراً دون امتحان لتحديد المستوى، حسب المقاعد المُخصصة لهم، إذا كانوا مسجلين منذ سنتين على الأقل في مؤسسة فرنسية خارج المغرب، معترف بها من طرف وزارة التعليم الفرنسية.
أما التلاميذ الّذين يأتون من دول الاتحاد الأوربي، وأبناء أفراد البعثات الدبلوماسية المعتمدة في المغرب الذين يأتون من إحدى البلدان الأعضاء في المنظمة الدولية للفرونكفونية، فيحق لهم التسجيل في المؤسسة، حسب المقاعد المخصصة لهم، شريطة استيفاء بعض الشروط المرتبطة بمستوياتهم المعرفيّة واللّغويّة
تفوق نسبة النجاح فيها النسبة الوطنية الفرنسية، حيث كانت في حدود حوالي 99 بالمئة عام 2012، مقابل 54.5 بالمئة في فرنسا
.
من جانب آخر، تولي المؤسسة أهمية بالغة للتوثيق، من خلال توفرها على مركز خاصّ بالتوثيق والإعلام، يُمكّن التلاميذ من الولوج إلى الصحف والدوريات المكتوبة باللغة الفرنسية، بالإضافة إلى الروايات بمختلف اللغات، والموسوعات العلمية، وكذلك مختلف القواميس والمعاجم.
احتضنت ثانوية “ديكارت” العديد من الأسماء المعروفة على الصعيدين المغربي والفرنسي، على غرار المستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري، وادريس بنهيمة، الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية، وكذلك محمد نبيل بن عبدالله، وزير السكنى وسياسة المدينة والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، باللإضافة إلى يونس العيناوي البطل السابق في رياضة التنس، وأمينة بنخضرة، الوزيرة السابقة.
وفي فرنسا نجد نجوماً ومشاهيرَ على غرار السياسية “إليزابيث جيكو”، والمؤرخ “بيرنارد كوتريه”، وكذلك “رولان كايول”، مدير أحد أبرز معاهد الاستطلاعات، درسوا بدورهم في هذه المؤسسة العريقة.